strong>الدولة قادرة على النهوض بلا منّة وتزلّف وهدر ومحسوبيات... إذا أرادت
بعد خمس سنوات وشهرين على وضعه الحجر الأساس، دشن رئيس الجمهورية اميل لحود أمس، سد شبروح، في احتفال ضخم غاب عنه رسميون.. وحضرت الطائرات الحربية الاسرائيلية تحليقاً وتصويراً وربما استعداداً لإضافته الى لائحة «بنك الأهداف» في أي عدوان جديد.
وفي حفل التدشين لأضخم إنجاز في عهده، بعد تدشينه لمضخة نهر الوزاني إثر تحرير الجنوب، ترك رئيس الجمهورية للحجر والماء ان يتحدّثا عنه، فكان الحاضر الأكبر والصامت الوحيد في المهرجان الخطابي الاحتفالي. لكنه أبى أن يترك المناسبة بدون التعبير عن مواقفه، فأطلق جملة منها خلال جولته في أنحاء السد، وقال ان المشروع «يجسّد ما يجب أن تكون عليه الإدارة اللبنانية من فاعلية ورؤية مستقبلية وعصرنة، تواكب التطور من جهة، وحاجات المجتمع المدني من جهة اخرى»، معتبراً أن النتائج الرائعة التي نراها اليوم بأمّ العين تظهر قدرة الدولة، متى ارادت، على النهوض وتحقيق أسس الحياة الكريمة للمواطنين، بدون منّة أو تزلّف أو هدر ومحسوبيات».
ورأى أن حفل التدشين «يؤكد إرادة الحياة لدى اللبنانيين في وجه أيادي الشر والمؤامرة التي تمعن في البلاد تفجيراً واغتيالًا في مسلسل دموي طال شخصيات وطنية». وشدّد على «أن الدور الأساسي لأي دولة عصرية، هو العمل على تطوير المجتمع ومواكبة حاجات الإنسان فيه، وإيجاد فرص لشبابه، وتوفير الخدمات الصحية والحياتية والإنمائية لشعبها»، معتبرا «أن الحكومات المتعاقبة تقاعست إلى حدّ كبير عن القيام بهذا الدور، والدليل الفاضح على ذلك، هو القرارات التي اتخذت في السنوات الاخيرة ولم توضع موضع التنفيذ، ومنها الخطة العشرية للسدود والبحيرات التي كان يفترض أن تنفّذ في عدد من المناطق اللبنانية بما يحافظ على الثروة المائية في لبنان ويمنع إهدارها في البحر، وينهي مشاكل مياه الشفة والري في كل المحافظات والمدن والقرى. إلا أن الإنجاز الوحيد الذي تم من هذه الخطة هو سد شبروح الذي على رغم اهميته لا يغني عن متابعة تنفيذ كل مراحل الخطة العشرية».
وأمل «ان تشهد المنطقة التي أقيم فيها السد، حركة إنمائية واسعة تتكامل مع الفوائد التي يقدمها، لا سيما لجهة تطوير السياحة والنشاطات الملازمة لها، فيكون هذا المشروع نموذجاً لمشاريع إنمائية مماثلة تعمّ كل لبنان».

التدشين والاحتفال

وكان لحود قد وصل الى مكان المشروع، وسط لافتات الترحيب وصوره المعلقة ونثر الأرز على موكبه في المناطق التي سلكها في كسروان. وسبقه الى هناك المطران رولان أبو جودة ممثلًا البطريرك الماروني نصر الله صفير، الوزير يعقوب الصراف، نواب من تكتل التغيير والإصلاح ووزراء سابقون ورؤساء بلديات وفاعليات سياسية وعسكرية وروحية.
وعلى مدخل المشروع، أزاح لحود الستار عن لوحة تذكارية تؤرخ الحدث، وقص الشريط التقليدي، ثم جال في محطة تكرير المياه وأعلى السد وقسميه. وقطع قالباً من الحلوى احتفاءً بالإنجاز.
ثم أقيم احتفال خطابي، بدأه العريف الصحافي جورج بشير، بشكر لحود واستذكار الوزير الراحل جورج افرام الذي كان من المناضلين «لإتمام هذا المشروع وتنفيذه وإنقاذه من الاغتيال».
وبعد كلمتين للكاهنين ميشال بطيش ويوسف سلامة، شرح رئيس مجلس ادارة الشركة الملتزمة المشروع المهندس انطوان المعوشي، مواصفات السد ومميزاته، معتبراً أنه «من أنجح السدود العالمية من ناحية جماليته وتجانسه الكامل مع محيطه البيئي»، وأشار الى أنه الثاني من نوعه بعد سد القرعون الذي دُشن «منذ أربعين سنة ونيّف».
كذلك تحدث رئيس اتحاد بلديات كسروان الفتوح المحامي نهاد نوفل، معتبراً أن «أجمل الإنجازات ما يبدأ حلماً»، وأشار الى «باقة هموم كسروانية» منها: وضع الطرقات، تلوث البيئة من دخان معمل الزوق الحراري، التقنين الكهربائي العشوائي، تقطير مياه الشفة وشبكة الصرف الصحي.
وكانت الكلمة الأخيرة للمدير العام للموارد المائية والكهربائية الدكتور فادي قمير، المشرف على ادارة المشروع وتنفيذه وواضع الخطة العشرية، فتمنًى «أن يتكرر الإنجاز في كل مناطق لبنان الغنية بهذه الثروة الوطنية». وتمنى أن «تُرفد إدارة المياه بهيكلية عصرية تتمتع بالشفافية والاحتراف للكفّ عن إهدار الثروات، وما يترتب عليه من مبالغ اقتصادية ضخمة بلغت خلال عقود أربعةٍ مئات المليارات من العملة الصعبة».
وتوجّه الى لحود بالقول إن السلطات تتداول و«الأعمال هي التي تبقى، وما يحفر على صخر لا تأتي عليه عاديات الزمان، ولا يطمسه غبار النسيان، أو تطيحه بحور وأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. وسيكتب التاريخ أن حلما أصبح بفضلكم وبرعايتكم وسهركم حقيقة ناطقة، هنا في شبروح، التي تقول لكم في هذا اليوم الأغرّ : شكراً وألف شكر».
وبعد انتهاء الاحتفال، تسلم لحود درعاً تذكارية للمناسبة، ولدى مغادرته أجاب عن سؤال بشأن الاستحقاق الرئاسي، فقال: «أهم أمر هو أن يتفق اللبنانيون، وعندها يمكنهم تحقيق العجائب، أما عندما يتفرقون، فندفع الثمن غالياً جداً. أتمنى أن يتفقوا في الاستحقاق المقبل وفي أسرع وقت، لما فيه مصلحتهم جميعاً».
يشار أخيراً الى اعتراضات على التنظيم، إذ مُنعت غالبية الحضور من التوجه الى مكان الافتتاح بالسيارات، وهو ما اضطرهم الى السير أكثر من كيلومترين ذهاباً ومثلهما إياباً، لأن الباصات الموضوعة لهذه الغاية لم تف بالغرض.

الحلم الذي أصبح حقيقة

السد الذي دشّنه رئيس الجمهورية أمس تحت شعار «الحلم أصبح حقيقة»، مشروع طال انتظاره اكثر من 40 سنة ظل خلالها مطلب الكسروانيين من دون صدى، الى أن أنجز في اطار الخطة العشرية للسدود التي وضعت بتوجيه من لحود وكان باكورتها ووحيدها حتى الآن، وهو يوفّر 8 ملايين متر مكعب سنوياً لسد العجز الحاصل في ميزان مياه الشفة في مناطق كسروان وجزئياً في مناطق قضاء المتن وذلك حتى سنة 2025، الأمر الذي يسهم في الادارة الشاملة للموارد المائية في مناطق جبل لبنان ومدينة بيروت. ويرتفع السد 63 متراً بطول 470 متراً، وسيغذي منطقة كسروان بـ 60000 متر مكعب ومنطقة المتن بـ 12000 متر مكعب من المياه بالجاذبية، بعد أن يبدأ تخزين كميات المياه في كانون الأول.
(الأخبار، وطنية)