طرابلس ـ جوانّا عازار
يصبو مشروع «درجة درجة» الطلّابي إلى المصالحة بين فئتين من المجتمع المدني لا تتواصلان رغم التقارب الجغرافي. فباب التبّانة وجبل محسن منطقتان متلاصقتان في طرابلس، الأولى ذات الأكثريّة السنيّة والثانية العلويّة. من هنا عمد الطلّاب يحيى مولود، فيصل نمراوي، إيلي جعجع، يمنى حدّاد، عماد أبي خليل، محمد عسكر، فيليب حبيقة ومصباح حمّود إلى تنفيذ مشروع ترميم درج طويل يصل ما بين المنطقتين، وتقع في منتصفه مدرسة عامة هي ثانوية وتكميلية طرابلس ـــــ القبّة الثانية الرسميّة المختلطة التي يرتادها التلامذة من الطرفين. فالتعاون بين شباب المنطقتين لترميم الدرج أوجد تآلفاً لكونه الخطوة الأولى للمصالحة. «درجة درجة» هو ثمرة مشروع «الشباب يبنون المصالحة» (Youth Building Reconciliation) الذي تنفذه الجمعية اللبنانية للتعليم والتدريب ( ALEF ) بالمشاركة مع البرنامج الإقليمي «نسيج» لجمعيّة Save The Childrenـــــ US.
تحدث ابن طرابلس يحيى مولود باسم الفريق عن «خط التماس بين باب التبّانة وجبل محسن، الذي يسعى إلى ربط المنطقتين اللتين عانتا مشاكل تطوّرت بين أبناء المنطقتين على مرّ السنين. لكنّ المشروع استطاع جمع عشرة شباب من باب التبّانة وعشرة آخرين من جبل محسن، عملوا سويّاً على ترميم الدرج وتأهيله وتنظيفه، إضافة إلى الرسم على الجدران. وأظهر الاحتكاك بين الشباب الإشكال القديم بين المنطقتين، إلّا أنّ المشروع استطاع التقريب بين وجهات النظر، فالتقوا في نشاطات عدة مثل كرة القدم وكرة السلّة، واجتمعوا على الإفطار يومي الجمعة والسبت، وكان التواصل يمتدّ بينهم حتى التاسعة ليلاً. وتطوّرت العلاقة بين الطرفين، وعكست الرسوم على الحائط الرغبة القويّة في تحقيق المصالحة، إذ صوّر الشباب واقع العلاقة بين المنطقتين.
أما شباب جبل محسن الذين اشتركوا في الأعمال فتراوحت أعمارهم بين 16 و18 سنة، وتحدّث باسمهم خضر محمود، فأشار إلى أنّه لم يكن يتوقّع النجاح للمشروع. ووصف كلود عطية الذي كان مسؤولاً عن خمسة شباب وخمس بنات من باب التبّانة العمل بالإنجاز الذي كسر الجليد بين شباب المنطقتين، فتشاركوا في استعمال السكين، لا للقتال، بل لقصّ البلاستيك وخلط الألوان التي استعملوها في تلوين الحائط.
وهكذا، جسّد المشروع الشبابي رمزيّة المصالحة بين المنطقتين، فيما تمنى المشاركون على منظمات المجتمع المدني والجمعيّات الأهليّة والإنمائيّة في لبنان تنفيذ أعمال مماثلة في كلّ المناطق. من جهتها، أعلنت بلديّة طرابلس استعدادها لتبنّي كلّ مبادرة إنمائيّة للمنطقة.