المنية ـ عبد الكافي الصمد
حَفِل الإفطار الرمضاني الذي أقامته «جبهة العمل الإسلامي» في مطعم «قصر الصديق» في المنية، أول من أمس، بالكثير من الرسائل التي بُعثت في غير اتجاه، إضافة إلى المواقف السياسية و«الحركية الإسلامية» التي أعلنها رئيس الجبهة الداعية فتحي يكن، والمتمثلة بأن «قوات الفجر»، الجناح العسكري للجبهة، تتولى الدفاع بنفسها عن القرى السنيّة الجنوبية الحدودية المواجهة لإسرائيل.
إلا أن ما تميّز به الإفطار، إضافة إلى الحشد الكبير الذي حضره من فاعليات دينية وسياسية واجتماعية في المنية، هو أن تقيم الجبهة إفطارها في منطقة لطالما جاهرت، أقلّه خلال السنتين الماضيتين، بانتمائها القوي إلى تيار «المستقبل»، وشكّلت ثقلاً أساسياً واجه به التيار مختلف خصومه السياسيين في المنطقة وخارجها بكل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، ما يعني أن الجبهة أقدمت بهذه الخطوة على نقل معركتها السياسية إلى ملعب الخصم مباشرة، بعدما لمست تغييراً جدياً طرأ على المزاج السياسي في المنية.
وكان حفل الإفطار قد استُهلّ بكلمة لعضو الجبهة ومسؤولها في المنية الشيخ مصطفى ملص الذي تساءل: «ما بال أقوام تخلّوا عن إسلامهم وتنكّروا لقيم دينهم، يفرّقون بين الناس على أسس عرقية أو إقليمية أو مذهبية، فيعتبرون الفلسطيني غريباً، والسوري عدواً، والمتّبع للمذهب الآخر كافراً ؟». ورأى أن الفلسطينيين «ضحايا المؤامرات الدولية، ومنها مؤامرة إخراجهم من مخيمهم البائس في نهر البارد»، داعياً إلى «الإسراع في إعادتهم إلى بيوتهم، ليبقى المخيم محطة في طريق العودة إلى فلسطين».
بدوره، حذّر يكن من وجود «مؤامرة غير مسبوقة، ولا حدود لأسلحتها»، و«علينا أن نكون جبهة واحدة، فالسنّة ما عرفهم العالم إلا رأس الرمح في المقاومة والجهاد، منذ مقاومة الفرنسيين والإنكليز. وفي لبنان، ينبغي أن يكون السنّة في طليعة من يحمي الحدود والقرى، جنباً إلى جنب مع المقاومات الأخرى»، لافتاً إلى أن «قوات الفجر» التي انطلقت عام 1982 «كانت أول من هبّ، بقرار من الجماعة الإسلامية، لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وهي تتابع اليوم نشاطها، عبر جبهة العمل الإسلامي، والسلطات الأمنية والعسكرية تعرف ذلك، وهي تتولى الدفاع عن قرى المواجهة في الشريط الحدودي، والتي هي بمعظمها قرى سنيّة».
واستناداً إلى «المعرفة العميقة والقديمة» التي تجمعه بهم، خصّ يكن أهل المنية بالدعوة لـ«تجاوز المحنة»، محذّراً إياهم من أن «مطار القليعات، الأقرب إلى المنية من طرابلس، يهيّأ ليكون قاعدة عسكرية أميركية».
وإذ لفت إلى أن المؤامرة «تستهدف شخصية الأمة وعقيدتها ودينها»، ذكّر يكن بأن الرئيس الأميركي جورج بوش «أشار إلى أنه يريد إنشاء إسلام على الطريقة الأميركية، وطرح فكرة إقامة إسلام معتدل، كما أن لجنة من الكونغرس الأميركي شكلت، بعد أحداث 11 أيلول 2001، من أجل رسم منهجية موحّدة لمواجهة المدّ الإسلامي، وأول تحدٍّ في هذا السياق أصاب السعودية، عندما طلب منها بوش إعادة النظر في مناهج التربية والتعليم والعلوم الشرعية، وتلتها خطوة مماثلة باتجاه الأزهر، حيث حذفت من المناهج الدراسية الشرعية كل الآيات والسور التي تدعو إلى الجهاد ومقاتلة الكفار واليهود والمنافقين، وصولاً إلى الطلب من الأنظمة العربية الرسمية منع افتتاح أي مؤتمر أو لقاء بآيات من القرآن الكريم».
ومن العموميات، أطلّ يكن على خصوصية الواقع اللبناني ليؤكّد أن مؤامرة أميركا لصناعة الرئيس الجديد في لبنان «لن تمرّ»، مشدّداً على أن «لبنان سيُسقط كل المؤامرات، والسنّة فيه سيكونون في طليعة المسار الجهادي لهذه الأمة، من أجل تحرير فلسطين وتحقيق بشرى الانتصار وغلبة اليهود والمستكبرين».