باريس ــ بسام الطيارة
أعلن مصدر فرنسي مقرب من الملف اللبناني أن قرار زيارة وزراء خارجية إسبانيا وفرنسا وإيطاليا للبنان «لا عودة عنه». وكشف أنه مبرمج منذ مطلع الشهر الحالي، وتم التوصل إليه نتيجة المشاورات المتعددة بين الوزراء الثلاثة على هامش الدورة العادية للأمم المتحدة في نيويورك. وعلى رغم عدم تأكيد المتحدثة باسم وزارة الخارجية باسكال أندرياني، الموعد النهائي للزيارة، ولا أجندة لقاءات وتحركات الوفد الوزاري الأوروبي في بيروت، فإنها أكدت مواربة بأنه وُضعت اللمسات الأخيرة المتعلقة بهذه المهمة خلال لقاء روما الأخير. واتفق عدد من المراقبين على اعتبار أن تأليف الوفد إن أشار إلى شيء، فإلى نهاية المبادرة الفرنسية، بالشكل الذي أطلقت فيه، ونهاية استفراد باريس بالملف أوروبياً. وتتناقل الأوساط المتابعة في العاصمة الفرنسية، تفسيرين لذلك «التراجع الفرنسي يمثلهما فريقان: يضع الأول في ميزان القبول بإشراك الدولتين الرئيسيتين المشاركتين في قوات اليونيفيل، إدراك الديبلوماسية الفرنسية وصول المبادرة إلى أنفاسها الأخيرة بعد تأجيل أول جلسة لانتخاب رئيس لبناني جديد، وعدم أخذ الفرقاء بمبادرة الرئيس نبيه بري للخروج من المأزق برئيس توافقي».
ويضيف هذا الفريق، الى ذلك، «تلمس الحاجة إلى إشراك دمشق بطريقة ما في المشاورات، وهو ما لا يستطيع (وزير الخارجية الفرنسي برنار) كوشنير القيام به على رغم إلحاح أصدقائه عليه بتجاوز عقدة طريق الشام، ومن هنا يلوح دور ميغيل أنجل موراتينوس وزير خارجية إسبانيا الذي طرق باب دمشق مرات عدة وأبقى على خطوط التواصل معها».
أما بالنسبة إلى الوزير الإيطالي ماسيمو داليما، فيلاحظ هؤلاء «الدور الإيطالي المتصاعد في الملف اللبناني، مع اقتراب موعد ساعة الحسم الرئاسي، ما يشير إلى اهتمام الفاتيكان من جهة، والثقل الاقتصادي الذي باتت إيطاليا تمثله منذ سنوات على الساحة اللبنانية والذي يمكن أن يؤثر على بعض الفرقاء اللبنانيين»، مع الإشارة الى أن إسبانيا وإيطاليا «أخذتا دور ثقالة توازن في وجه المشاريع الأميركية المتطرفة في منطقة الشرق الأوسط، أكان ذلك بالنسبة إلى الملف اللبناني أم الإيراني أم الفلسطيني، وهو الدور الذي كانت فرنسا حتى عام ٢٠٠٣ تضطلع به، قبل أن تتراجع مواقفها لتلتصق بالمواقف الأميركية في الملفات الثلاثة».
أما الفريق الثاني فيرى في «توالف الثالوث الأوروبي رغبة في القيام بخطوة مؤثرة قبل ربع الساعة الأخير الذي يتوقع أن يشهد إعلان واشنطن موقفاً لا يمكن التراجع عنه بعد ذلك». وهذا ما يشير إلى إدراك الأوروبيين أن الموقف الأميركي يمكن أن يقود نحو «حالة انفلات تقود إلى فوضى تضع جيوش البلدان الثلاثة (المشاركة في اليونيفيل) في حالة إرباك مقلقة وتغيير أصول اللعبة التي وافقوا بموجبها على الذهاب إلى جنوب لبنان». ومهما كانت الأسباب التي أدت إلى قرار تأليف الوفد الأوروبي الثلاثي فقد علمت «الأخبار» من مصادر وثيقة، أن موراتينوس سوف «يخطف رجله» إلى دمشق خلال وجود الوفد في بيروت أو في نهاية الزيارة. وعلى رغم استبعاد هذه المصادر «ظهور نتائج حاسمة» في الأيام القليلة التي تفصل بين الزيارة وتاريخ انعقاد الجلسة الثانية للبرلمان اللبناني، فإنها أكدت أن الوزراء الثلاثة سيحاولون جمع الأفرقاء اللبنانيين «للمرة الأخيرة توصلاً إلى حل توافقي»، والتشديد أمامهم على المعلومات التي يمتلكونها عن «السيناريوات القاتمة» التي تنتظر لبنان إذا مرت المهلة الدستورية من دون اتفاق على اسم الرئيس العتيد.
ولم تستبعد هذه المصادر أن تكون الزيارة «قد خطط لها بالاتفاق مع واشنطن ليكون الإخراج لما اتُّفق عليه أوروبيَّ الشكل». وفي هذه الحالة لا يستبعد المراقبون أن ينصب اهتمام الوزراء الثلاثة على فريق المعارضة بحيث تكون الضغوط عليه هي محور اللقاءات في العاصمة اللبنانية.