نقولا أبو رجيلي
نجح تيار «المستقبل» والنائب السابق محسن دلول وبعض «قوى 14 آذار» في استمالة المزاج السياسي بنسبة لا يستهان بها لأبناء قرى البقاع الشرقي في ظل حركة ناشطة لهذه القوى لتثبيت وجودها السياسي في المنطقة مستغلة الاوضاع المعيشية المتردية وتراجع نسبة المؤيدين لقوى المعارضة وأبرزها الكتلة الشعبية.
فبلدة رعيت التي أطلق عليها في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي اسم (موسكو لبنان) نسبةً لاعتبارها وجارتها بلدة دير الغزال معقلاً مهماً للحزب الشيوعي اللبناني الذي يحظى بنسبة كبيرة من المحازبين والمناصرين، انقسم أهلها بين مؤيّد لمواقف قيادة الحزب ودفاع القسم الآخر عن الاتجاه الذي سلكته حركة اليسار الديموقراطي أما بالنسبة لبقية الاهالي فإن القرارات التي صدرت وقضت بوقف العمل بالمقالع والكسارات بحجة الانتهاء من تنظيم عملها بموجب المخطط التوجيهي المزمع إنجازه أثرت سلباً على الوضع المعيشي لأبناء القريتين بعد توقيفهم عن العمل لمدة سنة تقريباً، ولم تفلح الاعتصامات والتظاهرات التي نفذها العاملون في هذا القطاع أمام سرايا زحلة وجهود نواب الكتلة الشعبية في تشغيل هذا القطاع لعدم تجاوب الحكومة الحالية مع مطالبهم. ويجمع الاهالي على أن سبب عدم تجاوب السلطة مع مراجعاتهم يعود الى نتائج الانتخابات النيابية عام 2005 التي أسفرت عن اجتياح الكتلة الشعبية نسبة 85% من أصوات الناخبين في البلدتين وأدت هذه النتائج الى خيبة أمل لدى المرشحين المدعومين من تيار المستقبل، ولم يخف النائب السابق محسن دلول في مجالسه انزعاجه من أهالي القريتين الذين يعتبرهم من «أهل البيت». ويعتقد بعض الاهالي أن احد اسباب توقيف الكسارات يعود الى «حرتقة» قام بها دلول كرد فعل على عدم وقوف الناخبين بجانبه وهو الذي كان يتحمل مع اهل بلدته حارة الفيكاني هدير الشاحنات وغبارها.
في ظل هذا الوضع أخذ الاهالي يفتشون عن مراجع تؤمن لهم مصالحهم المتوقفة، وبعد مراجعات عديدة للقوى المقربة من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة انحصر تذليل العقبات بمحافظ بيروت السابق نقولا سابا المقرب من تيار المستقبل والمرشح الموعود عن المقعد الأرثوذكسي في قضاء زحلة. وقد استطاع سابا الحصول على موافقة السلطات المعنية على إعطاء مهل محددة تجدد تلقائياً بناءً على طلبه لتشغيل المقالع والكسارات، ما دفع أحد اصحاب الكسارات الى التصريح لـ«الأخبار» بعد عتبه الشديد على النواب الذين انتخبهم ولم يلبوا مطالب الاهالي، قائلاً «نحن سنقف مع الذي يؤمن لنا لقمة العيش».
أما بلدة قوسايا التي تشبه أوضاعها الى حد ما بلدتي رعيت ودير الغزال لناحية حضور الاحزاب فيها مع نسبة غير قليلة لنفوذ الحزب القومي السوري الاجتماعي وبعض احزاب المعارضة والعطف السكاني على الزعامة التقليدية للكتلة الشعبية، فهي لا تخلو من محازبين وأنصار للكتائب و«القوات اللبنانية» ولا تنفصل مشاكلها الاقتصادية عن محيطها لناحية اعمال الكسارات.
كذلك تشهد بلدة كفر زبد تجاذبات سياسية في ظل انتماء كامل ابنائها من الطائفة الشيعية الى «حزب الله» وحركة «أمل»، يقابله انقسام حاد لأبناء الطائفة المسيحية بين مؤيد لـ«القوات اللبنانية».
ولم تتأثر بلدة عين كفرزبد كبرى بلدات شرقي زحلة من حيث المساحة وعدد السكان بالتجاذبات السياسية حيث بقي الشارع السني بمن فيه اهالي عشيرتي عرب الحروك في محلة الفاعور والموالي في بلدة المشرفة التابعة عقارياً لبلدة كفرزبد على تأييده لتيار المستقبل وحلفائه، وبقيت نسبة تعاطف المسيحيين مع الكتلة الشعبية على حالها مع تحرك لافت لناشطي «القوات اللبنانية» لاستقطاب المناصرين.
ازاء هذا الواقع تجري تيارات المعارضة اعادة قراءة لنهجها وأسلوب عملها في هذه المنطقة وفي هذا الصدد حمّل أحد المتابعين للوضع السياسي في قرى شرقي زحلة والمقرب من قوى المعارضة نواب الكتلة الشعبية مسؤولية تدني نسبة مؤيديها لعدم سعيها لتأمين خدمات إنمائية لأهالي المنطقة حيث تقتصر نشاطاتهم على القيام بواجب التعزية فقط.