strong> ليال حداد
يجلس طاهر وفارس ومروان على مدخل مركز منظّمة الشبيبة الفلسطينية في مخيم شاتيلا، فيما تقف هبة بالقرب منهم رافضةً الجلوس خوفاً من أن تتّسخ ثياب العيد. يرسم الأولاد الأربعة خطّتهم بدقّة لحماية ساحة المركز التي ستصبح نظيفة وجديدة عند الساعة الرابعة. فالسّبت الماضي كان يوم العمل في المخيّم، والبحث عن «همزة وصل»، وهو المشروع المشترك بين متطوّعين لبنانيين من الجمعيّة اللبنانية للتّعليم والتّدريب (ALEF) وشباب فلسطينيين من مخيم شاتيلا. بدأ النهار باجتماع تعرّف فيه الشّباب بعضهم إلى بعض، انقسم بعدها المشاركون إلى فريقين، عَمِل الأول على تنظيف ساحة المركز من النفايات المتراكمة في كلّ الزوايا، فيما تولى الفريق الثاني طلاء الجدران، على أن تُرسَم عليها لوحات للأطفال في وقت لاحق.
عند الرّابعة انتهى العمل من إعادة تأهيل الساحة التي استقبلت أمس كل أولاد المخيم في «كرنفال» العيد الذي حضّر له مركز الشبيبة الفلسطينية «لإعطاء الأولاد فسحة من المرح في ظلّ الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة جداً في المخيم»، على حد تعبير منسّق مركز شاتيلا في المنظمة محمد سمير.
أما طاهر ابن الثلاثة عشر عاماً: «إحنا منعمل هيك، عشان الأولاد يكونوا فرحانين، من اليوم وبالطّالع ممنوع حدا يرمي إشي بالسّاحة، ويلّي ما بيقبل رح إخبطوا». يتوقف للحظات عن الكلام ويُكمل بصوت منخفض: «مش لازم العالم يفكروا انو إحنا وسخين، بالعكس إحنا كمان مِنحِبّ النظافة».
من جهتهم، يتحدث متطوّعو الجمعية اللبنانية عن حماستهم للقيام بعمل مفيدٍ للمجتمع، فتتحدث جويس كوكباني عن مشروع «شباب يبنون المصالحة» الذي يمثّل عملهم جزءاً منه. فتعدّد النشاطات التي سيقومون بها في المناطق اللبنانية، مشيرة إلى «أننا نسعى إلى تحقيق المصالحة بين جميع أطراف المجتمع اللبناني والمجتمع الفلسطيني بما أنّ هذا الأخير أصبح جزءاً من النّسيج الاجتماعي اللبناني».
وتقول: «اليوم سنضع الحجر الأساس لمشروعنا، وتأهيل الساحة ليس إلاّ البداية، لأننا سنعمل مع الشباب على إنشاء نادٍ لحقوق الإنسان في مخيم شاتيلا، وسنطلب منهم أن يختاروا أي ورشة عمل خارج المخيم مثل ترميم حديقة أو ساحة عامة، وبذلك نكون قد تبادلنا المساعدة في المخيم وخارجه».
وقد بلغ عدد المتطوعين ثمانية مقابل أكثر من خمسة عشر متطوعاً فلسطينياً من سكان المخيم غالبيتهم من الأطفال، وهو ما أدى إلى تأجيل الحوار المفترض بين الشباب اللبناني والفلسطيني إلى السبت المقبل.
ترتسم ابتسامة فرح على وجه مسؤول منطقة بيروت في منظمة الشبيبة شريف بيبي لدى ذكر اسم «همزة وصل»، فيتمنى بيبي أن يكون هناك همزة وصل بين الشباب اللبناني والفلسطيني «لأننا نتشارك مع الشباب اللبناني في همومه الاقتصادية والمعيشية والثقافية، فبالنتيجة نعيش في البلد نفسه». ومع ذلك يستبعد بيبي أن يؤدي النشاط إلى تغيير جذري في النّظرة للآخر «الغريب»، فيلفت إلى «أنّنا لا نؤمن بحلّ النزاعات بل بالتعاطي معها، من هنا علينا أن نبدأ العمل علّنا نصل يوماً إلى شيء يشبه الحل».