صبحي أمهز
«أنت بتعرف وين قبر بيّك. أنا كمان بدّي أعرف وين قبر بيّي». هذا ما قاله زين العابدين جفّال لجدّه صلاح في أول أيام عيد الفطر. زين العابدين، ابن الخمس سنوات فقد والده خليل في فاجعة كوتونو ولم يتمكن من وداعه حتى الآن.
في المحكمة، وعند وصولك إلى البهو الذي يؤدي إلى قاعة محكمة جنايات بيروت يلفت نظرك على المقعد الخشبي الموجود قرب باب القاعة رجل يناهز السبعين من عمره، وتبدو على ملامحه علامات الحزن، ترافقه سيدة متّشحة بالسواد في عقدها الثالث، وهو صلاح جفال والد الضحية خليل الذي لا تزال جثته وجثة زوجته عبير مفقودتين، ومعهما جثث خمسة آخرين من ركاب الطائرة الفاجعة. وفي حديث مع والد الضحية، أكد لـ«الأخبار» أن جثة ولده موجودة في بنغلادش، وأن لديه صورة لها وللصندوق الخشبي الذي توجد بداخله الجثة «وهو يحمل الرقم ستين». إلى ذلك يقول جفال إن عشرة ركاب بنغاليين من عداد اليونيفيل كانوا على متن الطائرة التي تحطمت «فقامت السلطات البنغالية بانتقاء عشر جثث عشوائياً باعتبار أنها جثث ضحايا اليونيفيل».
ومع إرجاء جلسة المحاكمة الأخيرة، تبقى سبع جثث لسبعة لبنانيين في عداد المفقودين، ولا سيما مع تعاقب الحكومات وتعاقب العهود معها بأن السلطات اللبنانية سوف تجري اتصالاتها بكل من الحكومة البنغالية واليونيفيل. تبقى النتيجة: قضية لم يصدر الحكم فيها منذ قرابة الأربع سنوات وخشية من أن يطول أمد الجلسات، ما يؤثر معنوياً على أهالي الضحايا. فأمس كان موعد في محكمة جنايات بيروت لمتابعة قضية حادثة طائرة كوتونو. فقد ردت المحكمة برئاسة القاضية هيلانة اسكندر، الدفوع الشكلية التي تقدم بها الأظنّاء في ملف الحادثة، طوني ح. وعيد ح. ومحمد ز.، وقررت متابعة المحاكمة من النقطة التي وصلت إليها. وعليه، أُرجئت الجلسة إلى يوم الخميس الواقع فيه 29/11/2007.
هذه القضية تطرح مجدداً إشكالية قيمة الإنسان في الوطن والغربة ودرجة اهتمام الأحزاب السياسية والمجتمع المدني فيها.