ثائر غندور ــ ليال حداد
لم تحدّد رئاسة الجامعة اللبنانية يوماً واحداًً لبدء الدراسة في كلّياتها. لكن يمكن اعتبار يوم أمس، تاريخاً وسطاً حيث امتلأت كل كلّيات الجامعة بطلّابها، إذ حضر البعض إلى مقاعد الدراسة وتابع آخرون التسجيل، فيما بدأ قسم ثالث الاستعداد
للعمل السياسي


في اليوم الأول، حبّ وشوق. عناق بعد غياب، وعتاب على عدم الاتصال. وفي اليوم الأول اكتشاف المدينة الجامعيّة في الحدث بكليّاتها، وكل شبر فيها. طلّاب عادوا إلى أماكنهم المعتادة، زواياهم وأصدقائهم، وآخرون يحاولون نسج علاقات جديدة مع زملاء في الصفّ ومع الأماكن في المدينة. تعرّف طلّاب السنة الأولى إلى قاعات دراستهم وحفظوا أرقام مقاعدهم، مردّدين عبارة «المخضرمين» في هذه السنة: «احجز لي كرسي في أول القاعة».
عند مدخل المدينة الجامعيّة إجراءات أمنيّة محبّبة: التأكّد من بطاقات الطلّاب في باب مخصّص لهم، والسماح للصحافيين بالدخول بطريقة مريحة.
يجلس يحيى مع زميله حسين في مدخل كليّة العلوم ـــــ الفرع الأول. هما طالبان في السنة الثالثة كيمياء. يراقبان طلّاب السنة الأولى «الذين يعجقون الجامعة بحركة من دون بركة». يبتسم يحيى ويضيف: «يأتي طلّاب السنة الأولى بحماسة، ثم يصطدمون بصعوبة المواد وكثافتها وخصوصاً إذا كانوا من متخرجي الثانويات الخاصة»، فهو يرى أن طلّاب الثانويّات الخاصّة معتادون على أن «يشربوا الدروس بالملعقة». كما أنّ أساتذة السنة الأولى لا يستطيعون استقبال كلّ الطلّاب في مكاتبهم لشرح ما لم يستوعبوه من دروس.
يصطفّ طلاب «العلوم» خارج كلّيتهم أمام «بسطة» تبيعهم الكرواسون والمياه والعصير... والسبب بسيط، فـ«الكافيتريات» لم تفتح بعد، رغم وجود عدد من التجهيزات. يُزعج غياب «الكافيتريات» الطلّاب الذين يضطرّون إلى الخروج من المدينة الجامعيّة «إذا أردنا أن نجلس مع أصدقائنا حول طاولة». يقول عوض، الذي يدرس في كلية العلوم الاقتصاديّة وإدارة الأعمال. كما إنّه ينتقد وزملاءه، مكان دورة اللغة الأجنبيّة. فهم مضطّرون إلى الذهاب من مبنى كلّيتهم إلى مبنى كلّية العلوم لأن التجهيزات السمعيّة والبصريّة الموجودة هناك أفضل.
قرب الشجرة «المعمّرة» الموجودة بين «العلوم» و«الحقوق» ينقل سامر برنامج المواد عن دفتر زميلته مروى. ينظر إليها قبل أن يقول: «لم يتغيّر أي شيء، سوى أنها أصبحت أجمل». هي تبتسم، ولا تُجيب.
لا سياسة في «الحدث» حتى اليوم. أعضاء مجالس طلّاب الفروع المدّد لها، يجلسون في مكاتبهم ويتوزّعون على مختلف الطوابق. يبدو أنّهم يعملون بجدّ لمساعدة الطلّاب وخصوصاً الجدد. وحدها «حركة أمل» تصرّ على استكمال عمليّة استقبال الطلّاب.

الفروع الثانية

العام الجامعي بدأ أيضاً في الفروع الثانية. الازدحام لافت في كليّة الإعلام والتّوثيق ـــــ الفرع الثاني، ونسبة الحضور تبدو مرتفعة. أمام المدخل الرئيسي للكليّة مجموعة من سبع فتيات يتعانقن ويتعاتبن. «تجرّ» إحداهنّ رفيقاتها الستّ إلى خارج الكلية: «اشتريت سيّارة جديدة تعوا شوفوها، هلّق بس نخلّص منروح كزدورة». في الزاوية الأخرى تجلس فتاة وحيدة هي طالبة في السنة الأولى، علاقات عامّة. تحاول أن تميّز بين الوجوه الجديدة وجهاً مألوفاً. لا تنجح. «لا أعرف أحداً هنا، أنا لم أشارك بدورات الّلغة، لذا لم أكوّن أية صداقات».
بدأ العام، وبدأت معه المشاكل وتذمّر الطلاب، كما يفعلون دائماً. بعيداً عن المشاكل «التقنيّة» تعمل القوات اللبنانية على الترحيب بكل الطلّاب على طريقتها، فيوزّع مناصروها أقلاماً وملفّات للطّلاب: «هذه هديّة ترحيب صغيرة بزملائنا الجدد»، يقول مندوب القوّات في الكليّة مارون الساحلاني. ولكن لماذا تخرج هذه الهدايا من مكتب الهيئة الطّالبية؟ ليس هناك سبب معيّن يوضح رئيس الهيئة مروان جرجورة: «ساقبت هيك، نحنا كهيئة منشتغل لكلّ الطّلاب». أما التيار الوطني الحرّ فقد اقتصر ترحيبه على توزيع البرامج على الطلاب.
في كليّة العلوم يبدو الجوّ مشابهاً، باستثناء الذهول البادي على طلاب السنة الأولى. «مش معقول في كتير تلاميذ، كيف بدنا نساع بنفس الصفّ؟» يسأل جورج معين بيأس أحد رفاقه فيأتي الجواب بسيطاً: «بكرا بتتعوّد هيدي العلوم مش اليسوعيّة». ألف طالب في كل اختصاص ليس بالأمر السهل.
الأجواء السياسيّة تبدو حاضرة بقوّة في الكلية، فيتناقل طلاب التيار الوطني الحر «ظاهرة» تسجيل طلاب لتيار المستقبل في الكلية: «عم يعملوا كل شي ليربحوا الانتخابات بس مش رح تزبط معهم».
غير أنّ اللافت هو ما يتردّد على لسان العونيين، فكل اعتداء سيُردّ عليه وأنّ «كل الوسائل مُحلّلة للفوز باستثناء السلاح»، كما أكّد مسؤول الطلاب في الجامعة اللبنانية معين موسى. وعلى هذه الحال ما علينا إلا الانتظار.
وفي المناطق، أفادت مراسلة «الأخبار» في النبطيّة كارولين صبّاح أنّ مديرة كلية العلوم ـــــ الفرع الخامس الدكتورة يمامة شريم توقعت ارتفاع عدد الطلّاب المسجّلين من 1100 طالب حالياً إلى 1500 طالب، وخصوصاً أن الكلّية بدأت في هذا العام باتباع نظام تدريس الوحدات LMD، وفتحت صفوفاً للسنة الثالثة بعدما كانت الكلّية تعطي الدروس للسنتين الأولى والثانية فقط. وفي الشمال، أفاد مراسل «الأخبار» عبد الكافي الصمد بوجود مشكلتين إداريتين تواجهان كلّية العلوم هذا العام: الأولى هي تمديد فترة السّماح للطلاب بالتسجيل في الكلّية حتى أواخر تشرين الأول المقبل، بحسب قرار صدر عن رئاسة الجامعة، وهو أمر قد يؤثّر سلباً على الطلاب الذين قد يتراخون ويتكاسلون. ولفت مدير الكلّية الدكتور أحمد الطيّب الرّافعي إلى «تزايد أعداد الطلّاب الذين يتسجلّون فيها، ما يجعلنا نواجه مشكلة تأمين مقاعد دراسية إضافيّة، وخصوصاً أنّ كليتنا مفتوحة أمام من يريد الانتساب إليها».



يوم الأشغال

... وفي اليوم الأول من الدراسة أشغال وورش في الجامعة اللبنانيّة، ففي كليّة الإعلام والتوثيق ـــــ الفرع الثاني تجري أعمال ترميم مكتبة الكلّية، ما منع الطلّاب من استعمال صفوف الطابق الأول «فانحشروا» في الطابقيْن الباقيَيْن «وطلعت براسنا نحنا طلّاب السنة الثالثة»، على حد تعبير إحدى الطالبات. وبذلك بقي لطلّاب الاختصاصات الأربعة في السنة الثالثة صفّان فقط. أمّا في كليّة الإعلام والتوثيق ـــــ الفرع الأول، فقد بدأ أمس ترميم ملعب الكلّية، واضطر الطلّاب إلى الجلوس في بقعة جغرافيّة صغيرة كي يتسامروا ويتحدثوا ويتعارفوا. أما في كلية الحقوق والعلوم السياسيّة ـــــ الفرع الأول، فقد انطلقت أعمال تنظيف الجدران من الأوساخ. لا مشكلة، يقول أحد الطلّاب، «فالمهم أن يبدأ العام الدراسي».