ملايين الأمتار المربّعة من الأراضي في لبنان تباع بطرق قانونية، وأخرى تثير الشبهات من الناحية القانونية والسياسية. وقد أخذت عملية بيع الأراضي بمساحات كبيرة في مختلف المناطق اللبنانية أبعادها السياسية بعد اتهام قيادات كبرى في فريق الأكثرية لشخصيات وأحزاب معارضة بالوقوف وراء عمليات البيع والشراء لأهداف مذهبية أو طائفية أو أمنية، الى حدّ دفع «المؤسّسة اللبنانية للإرسال» لتخصيص حلقة كاملة عن هذا الموضوع، الأسبوع الفائت.وقد تركّزت الحملة السياسية والإعلامية، أخيراً، على «حزب الله» والنائب الياس سكاف، مشيرة الى أن الأول اشترى مساحات كبيرة في الجنوب والبقاع بهدف التغيير الديموغرافي ووصل البقاع بالجنوب، والى أن الثاني باع مساحات شاسعة من أراضيه في سهل البقاع.
وإذا كان النائب سكاف لم ينفِ بيع مساحة من أراضيه في بلدة تعلبايا لإيفاء دين مترتب عليه لـ«بنك البحر المتوسط» كان قد تحوّل الى سيف مُصلت عليه سياسياً، فإنه في المقابل ينفي بشدة أن يكون قد باع الى السفارة الإيرانية أو الى أي شخص مرتبط بـ «حزب الله» أو غيره من الأحزاب.
ويقول سكاف لـ«الأخبار»: «للأسف، لأننا أساسيون في المعارضة، نظمت ضدنا حملة سياسية وإعلامية مبرمجة وقاسية، ووجّهت إلينا اتهامات بالجملة والمفرق. وعلى أي حال، فإن قضية بيع مساحة من أرضي في تعلبايا هي أمام الرأي العام، وباستطاعة أي كان الاتصال بنا لنعطيه كل التفاصيل والمعلومات، وليس صحيحاً على الإطلاق الاتهامات الموجهه إلينا، فنحن بعنا الى أشخاص لبنانيين. والحملة السياسية والإعلامية المنظّمة ضدنا، والمدفوعة الأجر سلفاً، تهدف الى إثارة البلبلة في مدينة زحلة ومنطقتها، بعدما لمست قوى في الأكثرية حجم قوتنا الشعبية والتفاف الناس حولنا وحول مواقفنا السياسية. وللأسف، لم يجدوا سوى التحريض الإعلامي لمواجهتنا ولتخويف الشارع المسيحي في زحلة والبقاع والقول له إننا نبيع أراضينا الى إيران أو حزب الله».
وسأل سكاف: لماذا لم تقم وسائل إعلام «الموالاة» بفتح ملفات شراء الأراضي من جانب آل الحريري، ومن خلفهم سعوديون في البقاع وغير البقاع؟ ولماذا لم تخصّص حلقات تلفزيونية لهذا الموضوع، وكيف أن مساحات كبيرة من أراضي المسيحيين في البقاع الغربي قد بيعت الى آل الحريري والنائب وليد جنبلاط؟
ويكشف سكاف عن بيع أكثر من 126 عقاراً دفعة واحدة في منطقة رومية وعين سعادة تعود ملكيتها إلى شركة «أنترا للاستثمار»، والبالغة مساحتها 821 ألف متر مربّع الى أحد السعوديين، بعدما وُعد باستصدار مرسوم تملّك وبممارسة ضغط على مصرف لبنان المساهم في هذه الشركة من جانب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وآل الحريري لحمل المصرف المركزي على بيع هذه العقارات.
ويضيف سكاف إن الرئيس فؤاد السنيورة نفّذ وعده وأصدر مرسوماً نافذاً حكماً، لا يحمل توقيع رئيس الجمهورية رقمه 28 تاريخ 26\2\2007، قضى بالترخيص للسعودي خالد بن سعود بن عبد الله الشبيلي بتملّك العقارات في عين سعادة ورومية، مؤكدا أن هذا المرسوم «مخالف لأحكام الدستور والقانون، إذ قضى بتمليك 821 ألف متر مربع في قلب الوسط السكني المسيحي في قضاء المتن وبأبخس الأثمان، بسعر لا يتجاوز 50 دولاراً للمتر الواحد، في حين أن سعر المتر المربع الواحد في المنطقة يراوح بين 200 و600 دولار». ويستغرب سكاف «كيف لم يحرك أحد ساكناً»، ويسأل عن عملية بيع هذه العقارات والمخالفة القانونية، ومن حقنا ان نسأل: لماذا يريد المواطن السعودي تملّك هذه المساحة الكبيرة في منطقة مسيحية؟».
ويكشف النائب سكاف، أيضاً، عن إقدام «شخصية زحلاوية من فريق الأكثرية على شراء عقارات مساحتها حوالى 20 مليون متر مربع (رقمها 1009 و1505 و1506) في منطقة قاع الريم التي تمثّل الامتداد الطبيعي لمدينة زحلة وتربطها بجبل لبنان، بأسعار بخسة، بعدما تمّ التحامل على المالكين وإيهامهم بتأسيس شركة عقارية»، وقال: «مالكو هذه العقارات هم من صغار الفلاحين من بلدة قاع الريم، وعملية الشراء تهدف الى ربط هذه الأراضي بمشروع صنين زينة لبنان العائد إلى شركة السلام للتطوير العقاري المملوكة من سعوديين»، موضحاً «أن اجتماعات تنسيق شراء هذه الأراضي بين الشخصية الزحلاوية والسعودي الشريف زيد كانت تعقد عند أحد المسؤولين الأمنيين السوريين في دمشق، بهدف نقل ملكية هذه العقارات إلى اسم شركة السلام السعودية». وأضاف: «إن شراء مساحات كبيرة من الأراضي في قاع الريم لم يتحدث عنه أحد، ولم تثر هذه العملية اهتماماً سياسياً أو إعلامياً من جانب أحد، لأن الشاري محسوب على الأكثرية، وهذا الأمر يقودنا الى السؤال عن بيع 33 مليون متر مربع في منطقة بدنايل العقارية الى شركة السلام للتطوير العقاري، وهي شركة صورياً باسم لبنانيين، أما المالك الأساسي، فهو السعودي الشريف زيد ومن خلفه أحد أشقاء الملك عبد الله».
ويختم سكاف كلامه بالإعراب عن أسفه لكون «لا أحد يتحدث عن شراء مساحات كبيرة من الأراضي من جانب سعوديين وغير سعوديين. فالفريق الحاكم شرع في بيع البلد الى أجانب، ويعمل في كل ساعة على خرق القوانين المرعية الإجراء في تملّك الأجانب في لبنان، من عقارات وغيرها. فلماذا لم نسمع أصواتاً معترضة من جانب قيادات في الموالاة على بيع عقارات لسعوديين؟ وهل إقدامي على بيع قطعة أرض لإيفاء دين، حتى لا أتحول الى رهينة بيد آل الحريري، أصبح أمراً غير قانوني وتخصّص له ساعات من البث التلفزيوني؟».
(الأخبار)