وفيق قانصوه
هل هي عملية «إعادة تموضع» يقوم بها رئيس «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، تمهيداً لانتقاله من معارضة «ذات هوى سوري لا تلاقي هوى لدى أنصاره»، الى «موقعه الطبيعي» في «الأكثرية»، ام انه اكتشف ان حلفاءه، خصوصاً «حزب الله»، قد «خدعوه» طوال الفترة الماضية، ولم يعلنوا صراحة تأييد ترشحه لرئاسة الجمهورية، الا بـ «تسريبة» اعلامية أخيراً، عندما أحس الحزب بـ «السخن»؟ وهل بات «التفاهم التاريخي» بين «التيار» والحزب في طريقه الى التحول الى شيء من التاريخ؟
«لا هذه ولا تلك». هكذا يجيب مسؤول رفيع في «التيار» على التحليلات «الأكثرية» للقاء عون والرئيس أمين الجميل واللقاءات التي يجري الحديث عن احتمال عقدها بين رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» وكل من النائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط وقائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، مؤكداً «اننا مرتاحون كثيراً في موقعنا الحالي ولسنا في صدد اعادة التموضع». ويشبّه المسؤول وضع «التيار» في المعارضة كـ «القرقة التي تقعد على بيضها حتى يفقّس، فإذا تركتهم بردوا هم وضاعت هي، ولذا فإنها ليست في وارد التخلي عن موقعها، ولكن جلّ ما تفعله هو محاولة الاتيان بالأب لتجتمع العائلة كلها». ويوضح: «نحن منسجمون مع حلفائنا، إلا أن ذلك غير كاف لتستقيم الأمور ويمشي البلد، ولذلك نسعى، من خلال حركتنا الأخيرة، الى أن نأتي بالجميع الى الخيار التوافقي، خوفاً على البلد من الخيارات الجنونية التي يحاولون أخذه اليها»، مؤكداً أن «التفاهم مع حلفائنا عميق جداً، والتنسيق على أعلى مستوى في كل الأمور»، ومذكّراً بكلام سابق للعماد عون مفاده: «من يريد أن يتفاهم معنا عليه أن يحترم تحالفاتنا كما نحترم تحالفاته».
ويتابع المسؤول: «كلما مرّ الوقت زاد اقتناعنا بأننا كنا على حق في التفاهم مع حزب الله، ونحن اذا حصلنا على ثقة فريق فلا نريد أن نفقدها للحصول على ثقة فريق آخر»، داعياً الى «ألا يسحبوا قراءتهم الخاطئة لهذا التفاهم على أية تفاهمات مستقبلية مع أي طرف».
ويشدد المسؤول العوني على ان «التحرك الأخير للجنرال يجري بالتنسيق التام مع حلفائه، وهو مكمّل لمبادرة الرئيس نبيه بري وبتشجيع منه، وفي الوقت نفسه فإن السقوف الموضوعة للتحركين محددة تماماً ومتفاهم عليها، كما أن البدائل، في حال الفشل، محددة ومتفق عليها».
«التنسيق بين الحزب والجنرال يجري لحظة بلحظة حول كل خطوة يخطوها الطرفان». هذا ما يؤكده عضو المجلس السياسي في «حزب الله»، وأحد مهندسي ورقة التفاهم، غالب أبو زينب، مشدداً على أن «من يقدم قراءة أخرى فهو حتماً واهم ويسقط تمنياته على الواقع السياسي»، حاسماً بأن التفاهم «راسخ، وتؤكد الأيام صحته»، وبأن لا «نقزة» لدى الحزب من «الانفتاح العوني».
ويرى أبو زينب أن «أي انفتاح يوسّع أفق العلاقات المسيحية ويكرّس العماد عون زعيماً مسيحياً هو مكسب للمعارضة، ولحزب الله تحديداً»، مستغرباً تحميل لقاء عون ــ الجميل، واللقاءات التي يجري الحديث عنها، ما لا تحمله من معان، اذ أن عون «لم يكن مسكّراً على أحد أبداً، وانما هم من سكّروا عليه محاولين إقصاءه، كما جرى في معركة المتن الفرعية، قبل أن يدركوا استحالة ذلك، ويتيقنوا من أن مخاصمته باتت تأكل من رصيدهم الشعبي».
يسخر أبو زينب مما ذُكر عن أن «حزب الله» «سرّب» خبر ترشيحه عون للرئاسة الى البطريرك نصر الله صفير بالتزامن مع «لقاء المطيلب»، ويقدّم قراءة مغايرة لـ «الانفتاح الأكثري» على رئيس «التيار الوطني الحر»، اذ ان الرئيس الجميل التقى العماد عون «بعدما رأى، ربما، أن من خاضوا به معركة المتن لمحاصرة الجنرال لم يطرحوا اسمه حتى بين أسماء مرشحيهم الى الرئاسة، وهم يعدّون العدة لوراثة المقعد الكتائبي الذي شغر باستشهاد النائب أنطوان غانم طارحين اسم النائب السابق صلاح حنين»، اضافة الى الضغط الفاتيكاني في اتجاه لملمة الوضع المسيحي. أما الآخرون «فإنهم يحاولون خطب الود العوني، لأن تفكيرهم منصبّ على تأليف الحكومة الجديدة في مرحلة ما بعد الاستحقاق الرئاسي»، ليخلص الى أن «التحول يجري في اتجاه الجنرال، وليس هو من يتحوّل. فهو بقي حيث كان، فيما الآخرون يقتربون منه، وما يجري ليس انفتاحاً عونياً بقدر ما هو انفتاح على عون».