أنطوان سعد
تتبلور قبل ظهر اليوم، عبر جملة اتصالات بين أركان كل طرف من الموالاة والمعارضة طبيعة عمل اللجنة الرباعية المنبثقة من مبادرة بكركي في المرحلة الثانية بعد إقرار المواصفات الواجب توافرها في الرئيس العتيد للجمهورية، على أن تبحث اللجنة في اجتماعها بعد الظهر، في الصرح البطريركي، في تفاصيل الخطوة التالية، في ضوء حصول الممثلين عن القيادات المسيحية الموالية والمعارضة على الضوء الأخضر منها للمضي قدماً في الحوار، وبالتحديد المباشرة في مقاربة أسماء المرشحين وإعداد لائحة منهم تكون متمتعة، بنظر القيادات المسيحية المعارضة والموالية، بالمواصفات المتفق عليها بينهما.
وفيما يتوقع ممثلو الموالاة، الأمين العام لحزب الوطنيين الأحرار الياس أبو عاصي والمحامي ومستشار عميد حزب الكتلة الوطنية مروان صقر، ألا تكون هناك مشكلة في الحصول على تفويض القيادات التي انتدبتهما، أكد ممثلا «التيار الوطني الحر» ناجي حايك، ومسؤول الاتصالات السياسية في تيار «المردة» يوسف سعادة لـ «الأخبار» أنهما حصلا على التفويض المطلوب. في حين تصر البطريركية المارونية على وجوب الشروع في عملية جوجلة الأسماء لأن ذلك يُشكل صلب مبادرة بكركي التي لن تكون إذذاك مجدية، وإلا «ما الفائدة منها»، بحسب أوساط قريبة من بكركي، إن لم تسفر عن مجموعة أسماء تُعرض على رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» سعد الدين الحريري لكي يتوافقا على واحد منها أو أكثر. وعندئذ يُدعى المجلس النيابي لإجراء الانتخابات لإتمام المسألة الإجرائية وترجمة التوافق إلى أمر واقع شرعي.
وما يلوح في الأفق، بناء على المعطيات الراهنة وعلى طريقة تفكير وعمل البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير، أن الخطوة الثانية من عمل اللجنة ستسفر عن تشكيل لائحة بأسماء المرشحين المستجيبين للمواصفات تضم المرشحين الرسميين لكلا الطرفين يضاف، إليهم اسم أو اثنان أو ثلاثة من المرشحين المقبولين من الموالاة والمعارضة «ممن لم يُطرحوا جدياً في الاستحقاقات الرئاسية الثلاثة الأخيرة خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية»، على حد تعبير أحد أعضاء اللجنة. لذلك من المرجح أن تصدر اللائحة مشتملة على أسماء الرئيس أمين الجميل والنائبين ميشال عون وبطرس حرب ونسيب لحود يضاف إليها من يُمكن التوافق حوله من الأسماء الوسطية.
من هي الأسماء الوسطية التي يُمكن التوافق عليها؟ هنا تكمن العقدة الكبرى. إذ أن لا اتجاه لدى أي من أعضاء اللجنة لوضع فيتو على أي من الأسماء الأربعة المشار إليها، لكن السائد حتى الآن أن أحداً منها لا يُعتبر وسطياً على رغم المعلومات التي يجري التداول بها في الأوساط السياسية والتي تفيد، بحسب مصادر غير مؤكدة، بأن النائب غسان تويني، بما له من وزن سياسي ومعنوي كبير، سيسعى مع أطراف الموالاة والمعارضة إلى تقديم الجميل كمرشح وسطي يجري التوافق عليه لرئاسة الجمهورية. أما أسماء المرشحين المحايدين الآخرين، فمعظمها يواجه فيتوات من جانب الأطراف التي تشكلت منها اللجنة الرباعية مما يستبعد وصولها إلى التصفيات النهائية بين بري والحريري.
وليس معروفاً بعد ما إذا كان من اسم لا فيتوات مسيحية عليه، وبالتحديد ما إذا كانت الفيتوات الموضوعة سابقاً قد رُفعت بعد مداخلات قوى إقليمية ودولية مؤثرة في الوضع اللبناني، وبعد اتصالات جرت وتجري ووعود قطعها ويقطعها المرشحون المعترض عليهم للقيادات المسيحية التي تعترض عليهم. وهي وعود من نوعين: الأول سياسي ويتعلق بتعهدات بإعادة الاعتبار للحضور السياسي المسيحي في المؤسسات الدستورية وأيضاً في الإدارة العامة وبالسعي لإقرار قانون انتخاب يكرس صحة التمثيل لكل المجموعات الطائفية وبالتحديد المسيحيين، ولإلغاء مرسوم التجنيس الصادر عام 1994 أو على الأقل الحد من مفاعيله السيئة على التوازن الوطني. والثاني من الوعود فئوي ويتعلق بتعهدات بإسناد وزارات أساسية، وبالتحديد وزارة الدفاع، إلى هذه القوى إن رفعت الفيتو الذي يستبعدها عن السباق إلى قصر بعبدا، إضافة إلى وعود بحصة مقبولة ودور مهم في وزارات العهد.
ما يجدر الاعتراف به هو أنه قد تبين أن توقيت إطلاق مبادرة البطريرك الماروني لانتاج توافق مسيحي على الاستحقاق الرئاسي هو الأفضل لنجاحها. إذ حتى ان الرافضين سلفاً لخواتيمها غير قادرين إلا على دعمها في العلن وعدم وضع العقبات في وجهها، بعدما باتت الوسيلة الوحيدة للخروج من أمام الحائط المسدود. هذا لا يعني عدم محاولة تطويقها في مكان آخر.