طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
كرّر وزير الأشغال العامّة والنقل رئيس «التكتل الطرابلسي» محمّد الصفدي، في حديثه إلى قناة «الجزيرة» القطرية قبل ثلاثة أيّام، أنّه مع نصاب الثلثين في أي جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، إلا أنّ الجديد تمثّل في إعلانه بوضوح أنّه «شخصياً، لن يُشارك في أيّ جلسة قبل 14 تشرين الثاني المقبل أو بعده، إلا إذا صدرت الدعوة من الرئيس نبيه برّي وبحضوره، وفي مجلس النوّاب لا في أيّ مكان آخر»، تاركاً لأعضاء «التكتل» حرية القرار «الذي يرونه مناسباً في الأيّام العشرة الأخيرة».
وينبع تشديد الصفدي، بحسب مقربين منه، من اقتناعه بأنّ انتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً «سيذهب بالبلد إلى الخراب، وسيُسهم في تقسيم اللبنانيين»، الأمر الذي «جعله يقيم مقارنة: إمّا الحفاظ على لبنان موحّداً، أو الذهاب به باتّجاه الحرب الأهلية مُجدّداً».
وإذا كان الصفدي قد أطلع برّي، ومن يعنيهم الأمر من حلفاء، على تفاصيل موقفه «المبدئي» الذي أعلنه و«التكتل الطرابلسي» منذ أشهر، فإنّ موقفه «المستجد» «ينبع من قناعاته الذاتية، ولم يأخذ إذناً من أحد لإعلانه»، على حدّ قول المصادر التي فضّلت عدم التحدث عن مواقف الآخرين، بعدما تسرّب إلى الإعلام أنّ «عدداً من النوّاب أبلغ برّي موقفاً مشابهاً لموقفنا».
لكنّ النقطة التي أثارت كثيراً من التساؤلات تدور حول مدى التماسك الداخلي في صفوف «التكتل»، أو ما بقي منه، وما إذا كان إعلان الصفدي ترك حرية القرار للأعضاء يعني أنّه لم يعد «يمون» على زملائه؟
تنفي المصادر ذلك «بشدة»، مؤكدة أن الصفدي «يتمنى أن يكون موقفه هو موقف التكتل ككلّ، إلا أنه لا يتعاطى مع الأمر بالطريقة المألوفة والمعتادة على الساحة السّياسية. فالتكتل ليس حزباً سياسياً، ولا وضعنا يشبه وضع النائبين سعد الحريري أو وليد جنبلاط، مثلاً، إضافة إلى أنّه ليس عندنا ما يُسمى «أمر اليوم» الذي يعطيه الصفدي ليسير الآخرون خلفه، بل إنّ الأمور يتمّ التعاطي معها من خلال حوار ونقاش وقناعة مشتركة تتطور مع الأيام، وأعضاء التكتل يتعاطون مع بعضهم على هذا الأساس».
غير أنّ المصادر أسرّت لـ«الأخبار» أنّ «مواقف النوّاب الأربعة في التكتل متوافقة على عدم المشاركة في أيّ جلسة انتخاب لا يتوافر فيها نصاب الثلثين، وهم أكدوا للصفدي خلال لقائهم الأخير أنّهم لن يشاركوا في أيّ جلسة تصويت خلافاً لرغبته. لكن بما أنّ لكلّ منهم حيثيته الشعبية والسياسية، ونتيجة الضغوط الهائلة التي مُورست على التكتل أخيراً بهدف شرذمته، فإنّهم فضّلوا، أقله إعلامياً وتجاه الرأي العام، ترك الباب مفتوحاً أمام مسألة نصاب الثلث زائداً واحداً، خصوصاً إذا ما حاولت المعارضة استغلال موقف التكتل لغير غرضه الأساسي».
وغمزت المصادر من قناة بعض الحلفاء متسائلة: «هل تهدف الضغوط الكبيرة، والهجمة الأخيرة على التكتل، إلى الضغط على أعضائه للسير في موضوع نصاب النصف زائداً واحداً، أم لغاية في نفس يعقوب؟ وهل التصويب كان على النصاب، أم بهدف إحراق اسم الصفدي بعدما تمّ تداوله لترؤس الحكومة المقبلة؟»، مشيرة الى أن الأخير رشّح في حديث أدلى به أخيراً إلى صحيفة كويتية، النائب سعد الحريري لترؤس هذه الحكومة، «أمّا إذا كانت المشكلة أنّه لا يملك حظوظاً لترؤسها، فتلك مسألة أخرى».
وتؤكد المصادر إصرار الصفدي على التصدي لمحاولة البعض التمادي في إثارة المشاعر داخل طرابلس وخلق فتنة في المدينة، مشيرة الى أنّ «ما يهمنا أنّنا أعطينا الشارع الطرابلسي جرعة جرأة إيجابية، لعدم الانجرار وراء العصبيات الطائفية والمذهبية». ولفتت الى ما يُشاع من أنّ النائب مصباح الأحدب، الذي أعلن أنّه سيعقد مؤتمراً صحافياً الأحد المقبل، للردّ على الصفدي تحديداً، متسائلة: «هل يهاجمنا لبيع هذا الهجوم لجهة ما، أم أنّه يهاجمنا بأمر من هذه الجهة؟».