بعبدا - عامر ملاعب
يشهد مبنى مركز محافظة جبل لبنان يومياً زحمة مواطنين خانقة من أجل المراجعات الإدارية والقانونية، وهو اعتاد أن يكون مركز القرار والسلطة منذ أوائل القرن الثامن عشر.
تعقد اليوم رئيسة «الجمعية اللبنانية للتنمية المحلية» الدكتورة ماري كلود حلو سعادة، مؤتمراً صحافياً، يليه تحرك شعبي، للضغط من أجل ترميم سرايا بعبدا الحكومية وإعادة تأهيلها لكونها معلماً تراثياً وتاريخياً.
في مطلع القرن الثامن عشر اتخذ الأمير حيدر الشهابي من بعبدا مركزاً لإمارته، وبنى الأجزاء الأولى من السرايا على تلة مرتفعة تشرف على الساحل باتجاه البحر، وبعد وفاته عام 1851 استكمل ابنه ملحم بعض الأجزاء من المبنى، إلا أنه بعد أحداث عام 1860 وما تبعها من تغيير في نظام الحكم ونشوء نظام المتصرفية اتخذ المتصرفون من سرايا بعبدا مركزاً لحكمهم.
واستكمل المتصرف نعّوم باشا بناء الدائرتين الشرقية والغربية، وفي عهد المتصرف واصا باشا عام 1887 اشترى أهالي البلدة بمالهم السرايا من الشهابيين وقدّموها هدية لإقامة المتصرف، وفي عهد المتصرف مظفّر باشا (1902 – 1907) استُكمل بناء المدخل حيث زيّن بالنقوش والرسوم التي ما زالت تشهد على الفن المعماري المتّبع
آنذاك.
في عام 1918 شهدت السرايا رفع العلم العربي الموالي لحكومة الأمير فيصل في دمشق، ومن ثم تحولت إلى مركز محافظة جبل لبنان.
تعرّضت السرايا خلال الحرب الأهلية لإصابات كبيرة، وقد رمّمت على عجل مما ترك ندوباً واضحة على جدرانها، إلا أن الأهم أنها لم ترمّم بشكل يحفظ مكانتها التاريخية المهمة ويعيد رونقها الماضي.
لذلك، انطلقت «الجمعية اللبنانية للتنمية المحلية» في هذه الحملة من أجل التأهيل وإعادة الترميم، وأوضحت رئيسة الجمعية د. ماري سعادة لـ«الأخبار» أن «الهدف من الحملة تكوين أداة ضغط على الحكومة والسلطة في سبيل تحقيق قضايا نراها محقة وضرورية، وجمعيتنا حديثة العهد إذ تأسست في 24 آذار 2007، لكننا استطعنا إنجاز ملفات على طريقة جماعات الضغط، ومن المواضيع التي عملنا عليها ملف مستشفى بعبدا الحكومي، حين تردد أن الدولة بصدد إغلاقه”.
وأضافت “بعد متابعتنا للأمر وملاحقتنا للملف استطعنا المساهمة في تأمين مساعدات من الحكومة الإيطالية، وكل ما نقوم به هو تكوين حملات ضغط، وقد عملت الجمعية كذلك على الضغط على الحكومة لانتزاع صاروخ غير منفجر سقط تحت جسر بعبدا خلال عدوان تموز».
وأعلنت سعادة إن «الجمعية تواصلت مع مديرية الآثار ووزارة الثقافة اللتين أبدتا كل الاستعداد، لكنّ ذلك بقي عند حدود الكلام. كما زرنا رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وقدمنا إليه ملفاً كاملاً عن الموضوع، ونأمل أن يحدث التجاوب سريعاً، فالمبنى لا يحتمل التأخير إذ يعاني تفكّكاً في بعض زواياه وتفسخاً في الحيطان، ومن المعيب أن نخسر مبنى تاريخياً من هذا النوع أمام أنظارنا دون أن نقدم على ترميمه، والجمعية مصرّة على متابعة الموضوع حتى النهاية».