صيدا- خالد الغربي
تمترست السياسة خلف مكب النفايات في صيدا، وبدا أطراف الصراع الصيداوي يديرون لعبة شد الحبال من وراء الكواليس، لتنتهي الجولة بالتعادل مع تفوق بالنقاط لمصلحة بلدية صيدا التي نجحت في نقل نشاط منظمة غرينبيس من ساحة خان الإفرنج الى ساحة القلعة البحرية، فضلاً عن تنغيصها للاعتصام الذي دعت إليه نقابة الغواصين اللبنانيين مع سبع نقابات وتعاونيات لصيادي الأسماك احتجاجاً على ما يثيره مكب النفايات في صيدا من تلويث للشاطئ، وهو تحرك لا تخفي مصادر البلدية اتهامها لجهات سياسية موالية بالوقوف وراءه واستغلال الموضوع وتسييسه، الأمر الذي ينفيه بشدة نقيب الغواصين محمد السارجي.
فأول من أمس نفّذت نقابة الغواصين ونقابات صيادي الأسماك في صيدا والصرفند السكسكية والجنوب اعتصاماً أمام مكب النفايات في صيدا احتجاجاً على عدم إيجاد الحلول للتخلص من هذه الكارثة البيئية، ولما يعانيه البحر والصيادون من مشاكل خطيرة بسبب التلوث وأطنان النفايات في عمق البحر جراء الانهيارات، وشارك في الاعتصام عشرات من الصيادين والمهتمين مع تفوق عددي جنوبي، وعلى الرغم من نفي الجهات الداعية للاعتصام أيّ علاقة سياسية للتحرك، إلا أن رائحة السياسة كانت تفوح بقوة في التحرك، وطغت على رائحة المكب التي كانت تزكم الأنوف بفعل التحرش بها جراء العمل لوضع حد للانهيارات التي تحصل.
وفي كلمته حمّل السارجي بلدية صيدا المسؤولية المباشرة عن عن هذا الجبل وما ينتج منه من خطر حقيقي يهدد بالقضاء كلياً على البحر اللبناني وثرواته، فضلاً عن أن السموم السائلة التي تنتج من تحلل النفايات العضوية الممزوجة بالنفايات السامة (نفايات المستشفيات والمحال الصناعية) تؤدي الى القضاء على ما بقي من ثروة سمكية.
بلدية صيدا أوفدت عضو المجلس البلدي والمسؤول في حزب الله محمد كوثراني الى مكان الاعتصام «ليس مشاركاً ولا مشاغباً» لكن حضوره «الديموقراطي» كان بمثابة كلمة سر لعدد من المشاركين الجنوبيين الذين انسحبوا ولا سيما من مشاركي الصرفند والسكسكية، وقال بعضهم «مش نحنا اللي مننحط بوجه حدا»، ودخل الكوثراني في سجال مع السارجي موضحاً أن المكب «لسنا نحن من جاء به بقاطرة ووضعناه هنا وليس وليد ساعته»، مشيراً الى ضغوط وعراقيل سياسية من فريق سياسي يضع العصي في الدواليب لعرقلة جهود البلدية.
وعلى بعد بضعة كيلومترات من المكب يتواصل مسلسل شد الحبال البيئو ـــــ سياسي، فقبالة القلعة البحرية نصبت منظمة غرينبيس خيمتها النقالة في باكورة جولتها المتنقلة على عدد من المدن الساحلية اللبنانية، التي سوف تستمر شهراً، تحت عنوان محميات بحرية الآن ...جولة دفاع عن متوسطنا ورفض لـ«البحر الأبيض المتوسخ» في إشارة الى ما يتعرض له البحر الأبيض المتوسط، وكان متوقعاً أن تحط رحالها قبالة خان الإفرنج في المدينة، الذي تديره مؤسسة الحريري وتردد أن بلدية صيدا هي من طالب بنقل مكان الخيمة بهدف عدم تسييس التحرك، ووضعت قطعة أرض أمام القلعة في تصرف المنظمين.
وقد انتشرت أمام الخيمة صور تشير الى فداحة ما يتعرض له البحر المتوسط من مخاطر حقيقية، وعن الصيد المستدام الذي يساوي مزيداً من الأسماك للجميع ورفض الصيد المقرصن...وحان وقت التحرك.
تحرك غرينبيس يضع زائر الخيمة أمام عالم بحري مثالي ورائع فيما لو تضافرت الجهود، ويشير البروشير المرافق للحملة الى أن الأوان لم يفت بعد للتخلص مما يواجهه البحر من مشاكل خطيرة وأزمات خانقة بفعل التلوث والنفايات والعبث بالثروة السمكية، وإذا ما استمرت الحال هكذا فستؤدي الى انخفاض في كمية الموارد البحرية، والمطلوب إقامة شبكة من المحميات البحرية تغطي أربعين في المئة من مساحة البحر المتوسط وتكون المحميات عبارة عن مناطق في البحر تخضع لحماية كاملة من نشاطات الإنسان المدمرة.
وعرضت في الخيمة أفلام وثائقية عن هذه المحميات ، ووزعت استمارة تضمنت أسئلة عدة منها: هل تعتقد أن البحر المتوسط بحاجة الى حماية ولماذا؟ وهل توافق على إنشاء محمية بحرية في منطقتك ولماذا؟ وكذلك تتضمن الاستمارة تساؤلات عما إذا كانت التشريعات اللبنانية كافية لإنشاء محميات بحرية.