strong>حسن عليق
عقدت أمس الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الحادي والثلاثين لقادة الشرطة العرب، برئاسة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. وكان لافتاً إظهار المؤتمرين طابعاً دينياً للمؤتمر، وأشارت كلمة ريفي الى ذلك بوضوح. يناقش المؤتمر ضمن بنوده «تكريس مبادئ حقوق الإنسان» فيما عومل الصحافيون أمس بقليل من الاحترام

«هل هناك قضية أسمى من حماية ديننا السماوي الحنيف من التطرف والانحراف؟» بهذه الكلمات عبّر المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي عن إحدى القضايا التي تهم قادة الشرطة العرب، في المؤتمر الذي جمعتهم أمس جلسته الافتتاحية في فندق لو رويال ـــــ الضبية. فقد ألقى ريفي كلمة «حمد الله» فيها لأن المشروع الإرهابي لم ينجح في تحويل هذا البلد الآمن إلى ساحة لصراع عنيف، معتبراً أن «نجاح التجربة التي خضناها، يدل على أن هذا البلد مشمول برعاية الله سبحانه وتعالى». وكرر ريفي «حمد الله عزّ وجل على أننا في كل الدول العربية، لا نعاني تحدياً جنائياً كبيراً، والفضل في ذلك يعود إلى تربيتنا الدينية أولاً، وإلى تركيبة مجتماعتنا ثانياً. نحن نتربى على مفاهيم الأديان السماوية التي تدعو إلى الخير والصلاح والابتعاد عن المساوئ والموبقات». واعتبر أن «مواجهة التهديد الإرهابي تتطلب إرادة صلبة، وقراراً حازماً، وعملاً احترافياً، واستعداداً للتضحية وتصميماً لا تردد فيه. وهذه المواصفات يجب أن تكون مقرونة بإيمان عميق بوجود قضية عادلة، وهل هناك قضية أهم من حماية أولادنا وأهلنا ومجتمعنا ووطننا؟».
وقال ريفي إنه «لم يعد مقبولاً أن ننتهك حقوق المواطنين الإنسانية والقانونية تحت ذريعة الأمن»، مضيفاً أن مواجهة الإرهاب «تتطلب حزماً وصلابة، إلا أن هاتين الصفتين يجب أن تنقلبا إلى الرحمة والرأفة لحظة الانتهاء من المواجهات الأمنية والعسكرية». ورأى أن «الحلّ الشافي يكون من خلال سعي المجتمع الدولي الى إيجاد حل عادل لقضية فلسطين»، مخطّئاً «من يظنّ أن التصدي للإرهاب يقوم على الأمن فقط من دون معالجة أسبابه الحقيقية». واعتبر ريفي أن «من أهم أسباب انتشار الإرهاب في منطقتنا، اغتصاب أرض فلسطين وتشريد أهلها، (...) ولا يخفى على أحد دور الفقر والجهل في هذه الآفة».

السبع وحقوق الانسان

بداية الجلسة الافتتاحية كانت بـ«بسم الله». قالها عريف المؤتمر، العميد المتقاعد محمد ياسر الأيوبي، ليعتلي بعده رجل دين المنبر تالياً آيات من القرآن، وطالباً في نهايتها قراءة سورة الفاتحة. بعدها، «نبدأ المهرجان»، على حد قول العريف، «بالنشيد الوطني اللبناني». يبدأ الأيوبي إثر ذلك بإلقاء أبيات من الشعر. «حاسس حالي بمهرجان لحزب البعث السوري»، يقول أحد الزملاء الصحافيين المنتمين لفريق 14 آذار، ولم يكد ينهي جملته حتى عاجله عريف المؤتمر ببيت من الشعر مطلعه: «لمصر أم لربوع الشام تنتسب».
الكلمة الأولى كانت لوزير الداخلية والبلديات حسن السبع، ممثلاً رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة. ورأى السبع أن الرئيس رفيق الحريري والشهداء الذين سقطوا من بعده أبرز ضحايا «الإرهاب المنظم والعابر للحدود»، وهو ما يدفعه إلى «تأكيد ضرورة تفعيل العمل الامني العربي وأهميته، وذلك لقطع الطريق أمام بعض الفئات الضالة التي تستهدف الأبرياء». وتحدّث السبع عن البدء «بتحويل فكرة استحداث قسم خاص لحقوق الإنسان يتبع للمفتشية العامة لقوى الأمن الداخلي الى واقع».
كومان: لإقامة أوثق العلاقات مع المواطن
الكلمة الثانية كانت للأمين العام لوزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان الذي قال إن الجريمة بلغت «حداً مخيفاً» و«الارهاب يضرب في كل مكان». وشدد على «أهمية كسر الحاجز النفسي الذي قد يقوم بين المواطن ورجل الأمن وتعويضه بجو من الثقة الكاملة بين الطرفين». وأكّد كومان «أن سلوك رجل الامن في علاقته مع المواطن يعد عنصراً جوهرياً في هذا المجال، فهو إما أن يعزز هذه العلاقة بما يعود بالخير والنفع على المجتمع بصورة عامة وإما أن يقضي عليها ويخلق فجوة واسعة بين الطرفين».

حقوق الإنسان في السجون؟

بعد كلمة ريفي، اختتمت الجلسة الافتتاحية العلنية. وإثر استراحة قصيرة، أقفلت قاعة المؤتمر تمهيداً للجلسات المغلقة المخصصة لدراسة «نتائج تطبيق توصيات المؤتمر الثلاثين لقادة الشرطة والأمن العرب، والالتزام بالقانون الدولي الانساني في العمل الامني، إضافة للتباحث في تجارب الدول الاعضاء في مجال تكريس مبادئ حقوق الانسان في العمل السجني والإصلاحي»، وغيرها من البنود.

«بنهر البارد ما نذلّينا هيك»

في الصباح، وقبل بدء المؤتمر، انتظر زملاء إعلاميون نحو ساعة في مجمّع قوى الأمن الداخلي بالضبية، قبل وصول حافلة قوى الأمن الداخلي المخصصة لنقلهم إلى مكان المؤتمر. وبوصولهم إلى أمام الفندق، انتظروا تحت أشعة الشمس قبل أن يأتي موظف من الفندق، ليطلب منهم الدخول إلى باحة خارجية لا يظهرون فيها للوفود الأمنية الشقيقة. وخلال انتظارهم، بدأ عدد منهم بالتذمر من البقاء في باحة مسيّجة خارج الفندق لأسباب مجهولة.

يقول أحدهم: «شو جايين يحبسونا؟»

بعد أكثر من 45 دقيقة من الانتظار، يصل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. يُطلب من المصوّرين تغطية مشهد مروره على وقع عزف موسيقى الأمن الداخلي. «يُفرَج» عن الصحافيين ليدخلوا قاعة المؤتمر. يجلس أعضاء الوفود، فيتقدّم المصوّرون لالتقاط الصور. وأثناء محاولة رئيس شعبة العلاقات العامة المقدّم إيلي برادعي تنظيم عملهم، يتدخّل رجل علّق على صدره بطاقة كتب عليها اسم العقيد كابي خ. يبدأ الرجل المذكور بالصراخ بوجه المصوّرين، طالباً منهم الابتعاد حتى المنطقة المخصصة لجلوس الصحافيين. يقول له برادعي إنهم يقومون بعملهم، لكن العقيد حامل البطاقة لم يكترث، حتى إنه شدّ أحدهم من ثيابه. يعترض عليه أحد الزملاء بالقول: «لسنا عسكر عندك، ولا تصرخ بوجهنا». ينتهي المشهد بانسحاب أحد المصوّرين احتجاجاً. يعود المصورون إلى المكان المخصص للصحافيين، ويبدأون بالحديث عن عدم تمكّنهم من التصوير لعدم وصل الصوتيات. يحل المقدّم برادعي المشكلة وسط اعتراض حامل البطاقة ذاته.
على باب القاعة، في ذلك الوقت، كان يقف مدير مكتب ممثلية منظمة التحرير في لبنان عباس زكي. بدا ممتعضاً من أمر ما. يتدخّل أحد ضباط قوى الأمن ويصرّ عليه لدخول القاعة برفقة سلطان أبو العينين.
وبعد انتهاء الجلسة الافتتاحية، عاد الإعلاميون إلى مدخل الفندق، منتظرين وصول الحافلة التابعة لقوى الأمن لنقلهم إلى مجمّع الضبية. فترة الانتظار لم تكن أقصر بكثير من مثيلتها صباحاً. تصل الحافلة، فتقف إحدى الزميلات قائلة: «في معارك نهر البارد لم نتعرّض لهذا الإذلال». ومساء أمس وجّهت قوى الامن تحية الى الصحافيين الذين غطّوا المؤتمر ما اعتبر إقراراً بأن ما عانوه من قلّة احترام لم يكن مقصوداً.