الهرمل ـــ رامي بليبل
لم تقوَ حرب تموز على النيل من لوحة العاصي وخدماتها أو نزع صفة عاصمة السياحة البيئية عن الهرمل، لكنّها تمكنت من الحدّ من عدد الوافدين إلى المنطقة بسبب ما خلّفته من توترات على الصعيدين الأمني والاقتصادي

يشكو أبناء الهرمل من بطء الحركة السياحية بعد عام على حرب واسعة قضت على أحلامهم جميعاً، فيتحدثون عن توافد الناس من خارج البقاع في رحلات منظمة ولا سيما المدرسية منها. لكنّ إقبال السياح العرب والأجانب خجول كما يقول أسامة موسى مدير متنزه في بلدة الشواغير. أما بالنسبة إلى اللبنانيين، يضيف موسى، فـ «الأمر لم يعد مثلما كان في السابق بحجة الضائقة الاقتصادية الصعبة، رغم أنّ الأسعار التي يطلبها أصحاب المقاهي والمطاعم هي أرخص أسعار في كل لبنان ومن دون منافس. فبعشرة دولارات يستطيع الشخص الواحد أن يأكل ويشرب ويسبح وفوق كل ذلك حبة مسك ومياه عذبة وطبيعة خلابة وهواء نظيف».
من جهته، يعزو وشاح محفوظ سبب الإقبال الخجول إلى عدم توافر دعاية سياحية للمنطقة، والمشكلة تكمن تحديداً في مكاتب السياحة والسفر التي لا تنظم قصداً أو عن غير قصد، رحلات إلى المنطقة للوفود السياحية الآتية إلى لبنان.
ويطالب موسى الحاج حسن صاحب مطعم ومسبح، بأن تدرج منطقة وادي العاصي في الدليل السياحي أسوة بباقي المناطق اللبنانية، داعياً إلى تنظيم رحلات جماعية وزيارات عائلية إلى نهر العاصي «اللي بينشاف بالعين غير اللي بينسمع أو بينحكى عنو».
ففي صيف عام 2003 عندما زار وزير السياحة برفقة عدد كبير من السفراء وممثلي برامج الأمم المتحدة نهر العاصي، كشف عن مفاوضات جدية مع مستثمرين كبار محليين وعالميين من أجل إنشاء واحة سياحية ضخمة على غرار «الديزني لاند» الموجودة في فرنسا والولايات المتحدة، وقال إنها سوف توفر فرص عمل للكثيرين، وتنشّط العجلة الاقتصادية وتسهم في تحقيق الإنماء. واليوم بعد مرور أربع سنوات، فإن أصحاب المقاهي والمطاعم وأهالي المنطقة لا يريدون من وزارة السياحة «عاصي لاند» بل جل ما يطمحون إليه قليل من العناية والاهتمام، وألا يكونوا كمن ينطبق عليهم المثل القائل: «بعيد عن العين بعيد عن القلب».
وفيما يصرخ أصحاب المقاهي والمطاعم مطالبين بمكان لهم على الخريطة السياحية، ثمة ما يلفت الزوار ويدهشهم، وهو ممارسة شبان لرياضة «الكانوي ـــــ كاياك» التي تتمثل بقيادة مراكب مطاطية في النهر، تساعد الهواة وتوفّر لهم الطريقة لاكتشاف الأنهار والتمتع بالمناظر الخلابة. ويؤكد عضو اتحاد الكانوي ـــــ كاياك في لبنان كمال قانصوه أنّ هذه الرياضة هي عامل جذب للناس، فنوادي «الكانوي ـــــ كاياك» استطاعت خلال الست سنوات الماضية أن تستقبل 15% من الزوار أجانب وخليجيين، «وقد توفقنا إلى أن نعطي فكرة جديدة لهؤلاء عن المنطقة وقدراتها ومواكبتها لكل ما هو حضاري مع الحفاظ على العراقة والأصالة وكرم الضيافة اللبنانية».
ويقول: «إن إنشاء نهر أولمبي على نهر العاصي يسمح بإنشاء مركز تدريب دولي، وخصوصاً أنّ منسوب نهر العاصي ثابت نسبياً، يسهم في إنعاش السياحة صيفاً وشتاء، وهو ما يدفع الأوروبيين إلى إرسال بعثات تدريبية إلى المنطقة».
ويتحدث رئيس لجنة السياحة في بلدية الهرمل الدكتور فؤاد علّام عن اجراءات قامت بها البلدية للحفاظ على منطقة العاصي، منها إزالة الاعتداءات عن حرم النهر وتسيير دوريات تقدم خدمة جمع النفايات وتوزيع السلل والشعارات التي تحث على المحافظة على البيئة والاهتمام بالنظافة، كذلك «نراقب باستمرار مطابخ المطاعم والمقاهي للحؤول دون الوقوع في خطر الأطعمة الفاسدة أو التوضيب الفاسد، وأسهمنا بتنظيم الأسعار وجعلها تناسب الوضع الاقتصادي الصعب الذي يرزح الجميع تحت وطأته». ويلفت علّام إلى «أننا زرعنا النهر ببذور الأسماك التي لا تتكاثر إلا في الأنهار، ومنعنا الصيد العشوائي وعملنا على إيجاد مساحات خضراء تنعش الحياة».
ويطالب الوزارات والمرجعيات المختصة بتوفير مستلزمات المنطقة السياحية، داعياً المستثمرين إلى زيارة المنطقة وإقامة مشاريع استثمار سياحية بسبب البعد عن العاصمة، حيث وجودها يجذب الزوار والمصطافين.