فاتن الحاج
جلس، أمس، 20 تلميذاً و10 أساتذة على طاولة واحدة في ورشة عمل تجاوزت عوائق التراتبية والمواقع، لتُخرج مادة «الحوار» من الطريقة المدرسية التلقينية عبر كتاب التربية الوطنية، إلى مفهوم حياة من خلال الحلقات النقاشية. فقد أرادت اللجنة الوطنية لليونسكو أن تكون الورشة، في المكتب الإقليمي، لقاءً مفتوحاً بشأن الحوار بين الثقافات في لبنان. وتوضح الأستاذة في كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية الدكتورة مود اسطفان أنّ النشاط يأتي في سياق استعدادات «اليونسكو» لإصدار كتيّب للتوعية على الحوار، سيوزع في وقت قريب على المدارس. وتقول: «نرصد ردود فعل التلامذة والأساتذة للخروج بتصوّر عن رؤيتهم للحوار والثقافة»، مشيرةً إلى «أنّ اللقاء يجمع الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً، والأساتذة من المدارس الرسمية والخاصة المنتسبة إلى اليونسكو، ويجسّد الحوار بين الأجيال والطبقات الاجتماعية والمدارس والمناطق والأجناس».
وأدارت الخبيرتان اسطفان وليلى رزق النشاط الذي بدأ برمزية التعرف إلى الآخر، فلجأ كل مشارك إلى التعريف بزميله الذي يجلس إلى جانبه بدلاً من التعريف بنفسه، وحاولوا أن يركّزوا على هواياتهم وطموحاتهم، كالقول: «أحب الموسيقى، أو أطمح إلى أن أكون مهندساً»، بدلاً من القول:«أنا من المنطقة الفلانية، أو من العائلة الفلانية». وانتقل المشاركون إلى الحديث عن «هويتي وهوية الآخر». وجرى التأكيد أنّ الهوية خيار نعيشه، وليست أمراً مفروضاً، وهي ليست هوية جماعية أو مناطقية فحسب، بل أيضاً هوية فردية وثقافية.
ثم استطلع المنظمون آراء وتجارب المشاركين من خلال مجموعات عمل بشأن الحوار والثقافة، والنزاع بين الثقافات، والمحاججة. وخلص المجتمعون إلى «أننا فوجئنا، رغم كوننا من خلفيات دينية وثقافية متنوعة، بقدرتنا على الاتفاق على أولويات العيش، بينما الكبار لم يستطيعوا أن يتحاوروا. الحوار ليس لحل مشكلة واقعة، بل للبحث معاً في حلول مشتركة لقضايا قبل تطورها إلى نزاعات. لو كان المعنيون يدركون معنى الحوار، لما كنا وصلنا إلى ما نحن عليه. نحن نتحاور لمصلحة الشعب لا لمصلحة طائفة أو فرد. نحن شعب يحب الحياة ولا يمكن أن نحيا إلاّ بالعيش معاً».
وكانت الأمينة العامة للجنة الوطنية لليونسكو سلوى السنيورة بعاصيري أكدت في افتتاح الورشة أهمية التأكد من كون الشباب واعين لمسؤولياتهم في بناء مجتمعهم، ومن كون الفرص متاحة أمامهم لإدراك مضامين تلك المسؤوليات، مشيرة إلى أنّ ذلك لن يكون ممكناً قبل إمساكهم بجملة مفاهيم ومهارات تؤهلهم للتعرف إلى من يشاطرهم مسؤولية بناء الوطن والتواصل الإيجابي معهم.