لا تزال المشاورات بين هولندا والأمم المتحدة جارية للاتفاق على المقر المناسب للمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والجرائم المتعلّقة بها. وقالت مصادر حكومية هولندية لـ«الأخبار» إن ثلاث مسائل يجب مراعاتها في اختيار المقر، وهي: أمن المقر والكلفة والتجهيزات. ومن المتوقّّع أن يتم اختيار المقر وتجهيزه قبل نهاية العام الحالي.وفي هذا السياق، استغرب مسؤولون هولنديون ما ورد في التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي قدّمه إلى مجلس الأمن الدولي، من تحديد لتكاليف المحكمة الدولية، والقول إنها ستكلّف 35 مليون دولار في العام الأول و45 في العام الثاني و40 في العام الثالث، ولكن هذه الأرقام لا تشمل بالطبع كلفة مقر المحكمة التي لا يمكن تحديدها قبل اختيار المكان.
وحول الكلام الذي جرى عن احتمال أن تقام المحكمة في كامبزايست، المقر السابق للمحكمة الخاصة المعنية بتفجير الطائرة الاميركية فوق لوكربي، علمت «الأخبار» أن صعوبات تعترض هذا الخيار، أبرزها: أولاً، تفصل كامبزايست عن مكان احتجاز المشتبه بهم في سجن «سكيفنغن» التابع للأمم المتحدة، مسافة كبيرة، الأمر الذي يعقّد العملية الأمنية، ويصعّب، أمنياً، نقل الموقوفين من المحكمة وإليها. ثانياً، تحوّلت كامبزايست بعد انتهاء العمل بمحكمة لوكربي، الى سجن للمهاجرين غير الشرعيين، وتكمن الصعوبة في هذه الحالة في نقل العدد الكبير من السجناء والموقوفين فيه الآن الى مكان آخر من أجل المحكمة.
ورغم هذه الصعوبات، أعرب مسؤولون هولنديون عن سرورهم باختيار هولندا لتكون البلد المضيف للمحكمة، وشرحوا أن هولندا ستتكلف الكثير لتوفير الأمن والحماية للمحكمة وللعاملين فيها من الخارج، بينما ستتكفل الأمم المتحدة بالأمن في داخل المحكمة. وقال أحد المسؤولين «إن لاهاي تسعى لتكون عاصمة العدل العالمية، لا سجناً عالمياً» مشيراً إلى عدم إمكان حبس المحكومين في هولندا.
وقبل البدء بأعمال المحكمة الدولية، من المفترض أن تبرم هولندا والأمم المتحدة معاهدة حول المحكمة، تتطلب موافقة البرلمان الهولندي، وهي العملية التي تستغرق عادة سنة كاملة. ولكن يمكن للمحكمة أن تبدأ عملها قبل توقيع المعاهدة، وذلك للحالة الاستثنائية التي تتطلب التعجيل. وأكّد مسؤولون هولنديون أن بلادهم ستقوم بكل ما يجب عليها من أجل البدء بسير أعمال المحكمة في أسرع وقت ممكن.
وفي سياق متّصل، أكّد رسميون هولنديون أن موقف بلادهم حيادي من القضايا اللبنانية والمتصلة بلبنان، وهي لا تقبل أن تعتبرها أي جهة لبنانية أو غير لبنانية منحازة في قضية المحكمة الدولية من الناحية السياسية أو القضائية. وتجدر الإشارة إلى أن المهلة الاخيرة لتقديم أسماء القضاة الدوليين المرشحين للانضمام إلى المحكمة، هي 24 أيلول الجاري، ولا تزال هولندا تدرس إمكان مشاركة قضاة هولنديين في المحكمة الدولية.
أين يمكن أن يسجن المتهمون؟
من المفترض أن يوقف جميع المتهمين بالضلوع بجريمة اغتيال الحريري والجرائم الاخرى التي يثبت ارتباطها بها، بعد توجيه المدعي العام الدولي (بعد تعيينه) الاتهام لهم بموجب نظام المحكمة في سجن «سكيفنغن». يقع السجن المذكور في منطقة راقية من ضواحي لاهاي، يحيط به عدد من المنازل والمطاعم والمحال التجارية، ولا يشبه السجون إلا بأبوابه الحديدية الضخمة.
داخل «سكيفنغن»، سجنٌ صغير خاص بالأمم المتحدة، يوقف فيه المتهمون بالجرائم التي تنظر فيها المحاكم الدولية التابعة للأمم المتحدة، والتي تتخذ من لاهاي مقراً لها.
ويتولّى حراسة سجن الأمم المتحدة الصغير عناصر أمنيون دوليون، بلباس خاص للأمم المتحدة، فيما يتولى حراسة السجن من الخارج الأمن الهولندي. يعتمد الهولنديون والأمنيون الأمميون على إجراءات أمنية غير ظاهرة أو استعراضية، وتنتشر حول السجن وداخله مئات كاميرات المراقبة.
ع. ن.