أنطون الخوري حرب
يعبّر أحد النواب السابقين في تجمع «14 آذار» عن خشيته العميقة من أن تنقلب توقعات فريقه «رأساً على عقب» في المرحلة المقبلة، موضحاً أن القراءة والتحليل العميقين اللذين قام بهما مع مجموعة من زملائه، على المستوى الاستراتيجي، يرسمان تداعيات رد سوري مرتقب على العدوان الاسرائيلي الاخير على سوريا، سيكون تأثيرها على الوضع السياسي اللبناني أكبر بكثير من تأثيرها على سياسة الحكومة الاسرائيلية، وذلك بسبب «العلاقة الوثيقة» التي تربط بين الفريق اللبناني الحاكم وواشنطن، مستذكراً الأجواء التي تسببت بها حرب تموز 2006، «والتي خلقت تضامناً شعبياً لبنانياً لم يسبق له مثيل في تاريخ الصراع اللبناني مع إسرائيل، بدل أن تتسبب بنقمة شعبية على حزب الله كما كان متوقعاً».
ويوضح النائب السابق أنه، وزملاءه، توصلوا في التحليل الى المعطيات الآتية:
أولاً: إن سوريا اتخذت قراراً حاسماً ونهائياً بالرد على الغارة الاسرائيلية الاخيرة.
ثانياً: إن القيادة السورية ستجعل من هذا الرد آلية ناجحة لاصابة اهداف سياسية عدة في آن، وفي سوريا ولبنان والساحة الفلسطينية والدول العربية وإسرائيل والعراق معاً.
ثالثاً: إن اولوية النتائج السياسية المتوخاة من الرد السوري المرتقب، ستكون للبنان الذي يشكل قاعدة ومنطلقاً للدور السوري في الساحة الاقليمية، نظراً لموقعه الاستراتيجي في دائرة الصراع بالدرجة الاولى، ومن ثم لكونه يمثل خطراً داهماً اكثر من غيره على استقرار النظام في سوريا.
رابعاً: إن قدرات سوريا العسكرية المتنامية خلال السنوات الخمس الاخيرة والوضع الدولي يسهلان علىها القيام برد تلج من خلاله الى دائرة المشاركة الفاعلة في القرار الدولي والاقليمي في الصراع العربي الاسرائيلي،
وفي اعتقاد النائب السابق ان اكثر من يرى حقيقة هذه الاحتمالات هو النائب وليد جنبلاط «الذي قال امامنا عندما شنّت اسرائيل غارتها على سوريا ان هذه الغارة ستحجم افق تطلعاتنا، وانه اذا ما ردت سوريا فسيتغير الوضع الداخلي اللبناني والخارجي الاقليمي برمته، حيث ستعود معزوفة الدعم العربي والاسلامي لدولة الممانعة السورية التي ستتفوق سياسياً على دول الاعتدال العربي، ولكن هذه المرة بتأييد اوروبي وروسي وصيني وأفريقي منقطع النظير».
ويضيف ان اختيار اسرائيل هذا التوقيت للغارة الاخيرة «خطأ استراتيجي» في هذه اللحظة الدولية الحرجة حيث تواجه الولايات المتحدة نفوراً دولياً بسبب سياستها وإخفاقاتها في العراق وأزمة الدرع الصاروخية مع روسيا، «وهذا ما كانت سوريا ربما تصلي لكي يقع، فأعطتها اسرائيل الفرصة الذهبية»، مستبعداً «امكان نشوب حرب اقليمية بسبب الرد السوري في توقيت ترفضه الادارة الاميركية في هذه المرحلة، وفق ما أكد لنا ديبلوماسي رفيع في السفارة الاميركية في بيروت».
ولا تخفي الشخصية «الاكثرية» خوفها الحقيقي على خطة 14 آذار للتعاطي مع الاستحقاق الرئاسي الخريف المقبل في حال نشوب نزاع عسكري وسياسي سوري ـــــ اسرائيلي، حيث سيتراجع الاهتمام الدولي بأزمة الرئاسة اللبنانية لمصلحة الازمة الاقليمية التي لن تكون قصيرة الأمد كسابقاتها. لكن الخوف الاكبر لدى فريق السلطة هو من ان تكون الازمة السورية ـــــ الاسرائيلية المحتملة مسموحاً بها او مترافقة مع غض نظر دولي من اجل تغيير قواعد اللعبة الشرق اوسطية والتوصل الى تفاهم جديد على ادارة الصراع، مع اعادة النظر في الدور السوري، «فيكون كل ما قمنا به حتى الآن عرضة للزوال».