strong>رأى نائب وزيرالخارجية الروسية ألكسندر سلطانوف، أن الحوار اللبناني ــ اللبناني هو «الطريق الوحيد لحفظ لبنان، كدولة موحدة ديموقراطية ذات سيادة واستقلال»، مشدداً على ضروة أن يجد اللبنانيون أنفسهم الحل بدون تدخلات خارجية أو محاولات فرض صيغة لتسوية من الخارج»
أعلن نائب وزير الخارجية الروسية ألكسندر سلطانوف، «اننا نقدّر عالياً» أن رئيس مجلس النواب نبيه بري «حاسم جداً في مواصلة جهوده واتصالاته مع كل الأحزاب والمجموعات» لإيجاد تسوية في لبنان. وفيما تمنى «لكل اللبنانيين إيجاد التوافق في أقرب وقت»، نبّه بأسف الى أن «الوقت ليس معنا، بل ضدنا، وعلينا أن نأخذ في الحسبان هذا الوقت، للحفاظ على الوحدة الوطنية في لبنان».
فقد زار سلطانوف أمس، يرافقه سفير بلاده سيرغي بوكين، رئيس الجمهورية إميل لحود، ونقل له تحيات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووضعه في أجواء الاتصالات التي يقوم بها في لبنان وعدد من دول المنطقة.
وأبلغ لحود المسؤول الروسي، أن حل الازمة الراهنة «يجب أن يكون من داخل لبنان، لأن أي حل من الخارج لن يكون لمصلحة اللبنانيين، بل لمصلحة من يعمل على فرضه والترويج له»، مشيراًَ الى أنه «يسعى من أجل التقاء جميع القيادات اللبنانية، في الموالاة كما في المعارضة، والحوار في ما بينها للتوافق على إنجاز الاستحقاق الرئاسي المقبل، في مناخات هادئة إيجابية تضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، وتمنع أي محاولة هدفها تعميق الخلافات بين اللبنانيين، في وقت تتسارع التطورات في المنطقة وتلوح في الأفق مؤشرات مقلقة، الأمر الذي يتطلب تحصين الساحة الداخلية».
ونبّه الى أن «أي خلاف بين اللبنانيين يصبّ في مصلحة إسرائيل وأطماعها العدوانية»، معتبراً أن «أي جهة تعمل على منع اللبنانيين من التلاقي، أو تعرقل المساعي التوفيقية، تخدم إسرائيل وتسهل لها، في السياسة، تحقيق ما عجزت عنه عسكرياً عام 2000 عندما أرغمت على الانسحاب من الجنوب، وفي عام 2006 عندما انهزمت أمام مقاومة اللبنانيين وصمودهم، والتفافهم حول دولتهم وجيشهم الوطني».
وكرّر أن «مواقف بعض الاطراف اللبنانيين تثير علامات استفهام كبرى، إذ كلما لاحت في الافق مبادرة وفاقية، سارع هؤلاء الى استهدافها وتعطيلها تحت حجج مختلفة نظراً الى ارتباطهم بأجندة خارجية تريد استعمال الساحة اللبنانية جسر عبور الى ساحات عربية اخرى، او وسيلة من وسائل الضغط لإحداث تغييرات سياسية وديموغرافية، الامر الذي يوجب على اللبنانيين التنبه واليقظة وعدم الاستسلام للإرادات الخارجية، والتركيز على ما يحقق التلاحم الداخلي».
ولفت ضيفه الى «ضرورة العمل لوقف الضغوط الخارجية على لبنان، وترك اللبنانيين يقررون بأنفسهم خياراتهم الوطنية ويشاركون جميعاً في صنع مستقبل بلدهم»، منوّهاً بـ«مواقف الاتحاد الروسي الداعمة للبنان في المحافل الاقليمية والدولية، ولا سيما إزاء خيار اللبنانيين التمسك بحق عودة الشعب الفلسطيني الى أرضه وعدم توطينه في لبنان».
وعرض له وجهة نظره من الطروحات السياسية المتصلة بالاستحقاق الرئاسي في ضوء التطورات الاخيرة، معتبراً أن «مبادرة الرئيس نبيه بري هي فرصة متاحة أمام القيادات اللبنانية، يمكن ان تساعد على تحقيق الإنقاذ المنشود»، مشدداً على «ان الوسيلة الوحيدة لحماية الديموقراطية التوافقية والحريات في لبنان، تكون من خلال احترام الدستور».
وتطرق الحديث «الى المواجهات البطولية التي خاضها الجيش ضد إرهابيي «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد»، حيث أكد لحود «ثبات الموقف اللبناني في محاربة الارهاب والتطرف اللذين يشكلان، مع السياسة العدوانية الاسرائيلية، وجهين لعملة واحدة».
وبعد اللقاء، أكد سلطانوف أن روسيا «لا تريد تدخلاً في الشؤون اللبنانية، لكننا نهتم بالتطورات الاخيرة لما لها من تأثير كبير على الوضع في المنطقة ككل». واعتبر أن انتصار الجيش في معارك مخيم نهر البارد «حدث، من دون شك مهم، ليس فقط للبنان بل لوضع المنطقة ككل».
كذلك زار سلطانوف، بري، ووصف اللقاء بأنه «مهم جداً، جرى خلاله تبادل الآراء، وركزنا على أهمية فتح الحوار اللبناني ـــــ اللبناني، وأهمية التوصل الى التوافق على مرشح لرئاسة الجمهورية اللبنانية. ونحن في روسيا أكدنا من جديد أننا نؤيّد هذا الطريق، طريق الحوار». وأضاف: «من هذا المنظور، نقدر التحركات والاقتراحات الاخيرة للرئيس بري. ونتمنى أن يفسح المجال أمام تبادل الآراء المكثف بين كل المجموعات السياسية والمجتمع اللبناني، حول إيجاد تسوية لكل مواطن لبناني».
وعرض الموفد الروسي مجمل الأوضاع اللبنانية وسبل إيجاد حلول للأزمة الراهنة، مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، في حضور مستشاريه محمد شطح ورولا نور الدين، اضافة الى بوكين.
كما زار وزير الخارجية والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ في مكتبه في الوزارة، في حضور مدير مكتبه المستشار رامي مرتضى، وجوانا قزي. وبعد اللقاء وصف صلوخ سلطانوف بأنه «صديق للبنان وللمنطقة، ويمثل بلداً صديقاً، لدينا معه أطيب العلاقات منذ سنين طويلة». وذكر أنه أجرى معه «جولة افق واسعة، تناولت الوضع في لبنان والمنطقة، لأن الاستقرار الاقليمي ينعكس مباشرة على الاستقرار في لبنان والعكس صحيح، ونحن نعوّل كثيراً على دور روسيا في الدفع باتجاه هذا الاستقرار باعتباره حكيماً وخبيراً في المنطقة». وقال إن «مفتاح الاستقرار هو تحقيق السلام العادل والشامل وفق مرجعياته المعروفة، وأي آلية باتجاه السلام يجب أن تعتمد مبدأ الشمولية وأن تكون مرجعياتها واضحة لكي يكتب لها النجاح».
وذكر أنه تم الاتفاق «على أهمية وضرورة التوافق بما يصون الوحدة الوطنية، وشددنا على اهمية مبادرة الرئيس بري التي تنال تقديراً وتأييداً داخلياً وخارجياً».
من جهته، أكد سلطانوف أن روسيا «متضامنة مع لبنان في هذه المرحلة الحاسمة، ونتمنى ان يحصل التوافق التام بين الافرقاء. ونحن في روسيا نعتبر أن الوقت حان لعقد حوار لبناني ـــــ لبناني لأنه لا طريق آخر لضمان مستقبل جيد للبنان».
وهنا تدخل صلوخ بالقول: «لهذا السبب ستساهم روسيا في إيجاد تسوية شاملة للشرق الاوسط، وتسوية للقضية الفلسطينية، عن طريق المفاوضات الرامية الى إقامة الدولة الفلسطينية، وعن طريق المفاوضات التي يجب أن تؤدي الى تسوية شاملة في الشرق الاوسط».
(وطنية)