رنا حايك
تدشن «جمعية طفولة» في اليومين المقبلين غرفة الأحلام الأولى في مستشفى بيروت الحكومي ضمن مشروع «طابق الأحلام» المخصص لمرضى السرطان من الأطفال

بدأت الفكرة صغيرة، لكنها ما لبثت أن تطوّرت من تنظيم نشاطات ترفيهية للأطفال المرضى بالسرطان، إلى تأسيس جمعية وتنفيذ مشروع طموح يحوّل الطابق المخصص لهم إلى «طابق الأحلام»...
عام 2006 كانت الصيدلانية تالا سنو والمساعد الصيدلاني سعد الدين كوسى حموي يعملان في قطاع التمريض في مستشفى المقاصد. بين جدران المستشفى البيضاء وبلاطها البارد، ومن خلال التعاطي مع أطفال تضيع أبهى أيام طفولتهم على أسرّة مرض السرطان وفي عزلته، قرر الشابان تلوين أيام المرض الباهتة بألوان قوس قزحيذكر سعد الدين كيف تناقشا هو وتالا مع بعض الزملاء والأصدقاء في ما يمكن توفيره لهؤلاء الأطفال لتخفيف آلامهم وللحد من وطأة الوحدة والضجر اللذين يفرضهما عليهم المرض.
بتجاوب الأصدقاء وحماستهم، وصل عدد المنضمّين والمتطوعين إلى نحو مئتي شخص، نظّموا، بتسهيلات من مستشفى المقاصد، مهرجان «يللاّ نلعب» في معهد التمريض في المستشفى.
«نجح المهرجان ولقي أطيب الأصداء لدى الأطفال المرضى وأهاليهم» يقول سعد الدين، فتحمّس الفريق ونفّذ مهرجاناً ثانياً في بيال برعاية بعض الجهات الداعمة، جمع الأطفال المرضى من مختلف المستشفيات، وخصص ريعه لتنفيذ مشروع أكبر يكون باكورة أعمال الجمعية التي تأسست على يد سبعة أعضاء، بينهم من يعمل في القطاع الصحي وبعضهم في الحقل الاجتماعي والمجالات التقنية مثل الهندسة والكمبيوتر.
كثّفت جمعية «طفولة» مشاركاتها في الفعاليات والنشاطات التي تقام في لبنان باستمرار، بهدف توفير المزيد من المال. ففي معرض الحدائق الذي يقام سنوياً في ميدان سباق الخيل، تحلّق الكثيرون حول منصّة الجمعية، يستمعون إلى شرح أعضائها عن أهدافهم وإلى خطابهم التوعوي حول مرض السرطان، ويشترون البضائع التي قدمها منتجوها للجمعية بأسعار زهيدة، إسهاماً منهم في دعم أعمال الجمعية ومشروعها الأهم: طابق الأحلاملاحظ أعضاء الجمعية خطورة اختلاط الأطفال المرضى بالسرطان الذين تخفّ مناعتهم كثيراً بالأطفال الآخرين في طابق واحد في المستشفى، ولمسوا ملل الأطفال الذين يضطر بعضهم خلال فترة العلاج الأليمة إلى ملازمة غرفته طوال ثلاثة أشهر متواصلة. دفع هذا الواقع بهم إلى الترحيب بفكرة إحدى المتطوعات في الجمعية، وهي مهندسة، حول إنشاء طوابق خاصة بالأطفال المصابين بمرض السرطان في المستشفيات التي تستقبلهم.
ولأن المشروع يهدف إلى راحة الأطفال، جمعهم الفريق وطلب من كل واحد منهم رسم غرفته كما يحبها أن تكون. ثم حملوا رسوم الأطفال واتجهوا صوب مصممين لبنانيين مشهورين بكفاءاتهم. تحمّس المصممون للفكرة، وتبرّعوا بتصاميمهم المبتكرة. أسماء لامعة في مجال التصميم الهندسي شاركت «طفولة» حلمها: برنارد خوري، نديم كرم، ندى الدبس، باسكال طربيه، سيمون قصرملّي، رندا جبرايل، كريم شعيا ورائد أبي اللمع… تطول اللائحة ولا تنتهي، فالبحث ما زال مستمراً عن تصاميم إضافية ومصممين آخرين.
يجري التنسيق حالياً مع مستشفيات عدّة في بيروت مثل أوتيل ديو والجعيتاوي للشروع في تنفيذ المشروع، بينما تستعدّ الجمعية حالياً لتدشين الغرفة الأولى في مستشفى بيروت الحكومي وهي من تصميم سيمون قصرملي. تنفّذ الجمعية المشروع من خلال الأموال التي تجمعها من فعاليات ومعارض تشارك فيها، ومن التبرعات، وأيضاً من دعم الشركات (دهان الغرفة الأولى كان تقدمة من شركة تينول)وتشرف على التنفيذ لجنة مكونة من طبيب متخصص بمرض السرطان، وطبيب نفسي، والمهندس المنفذ وممثلين عن الجمعية وعن المستشفى، مهمتها التأكد من مواءمة التصميم لحالة المريض الصحية.
تنوي الجمعية، حسبما يشرح سعد الدين، تنفيذ الغرف بالتزامن في عدة مستشفيات، فتنفيذ الطابق كاملاً سيتطلب وقتاً طويلاً، لذلك من المفيد البدء بغرفة في كل مستشفى. وقد اشترط أعضاء الجمعية على المستشفيات التي ستحتضن الطوابق أن تكون مفتوحة لجميع الأطفال النزلاء من دون تمييز طبقي. فالطفل المريض الذي يعالج على نفقة الوزارة أو الضمان الاجتماعي له الحقوق ذاتها التي يتمتع بها الطفل الذي يتعالج على حساب والديه.
قد لا يلغي طابق الأحلام ألم «ملائكتنا المحاربين» مثلما يسميهم سعد الدين، لكنه بالتأكيد سيخفف من وطأته، خاصة أن أعضاء الجمعية سيتواجدون في أروقته لتسليتهم وتنظيم النشاطات المسلية والمفيدة لهم.

شاركت جمعية طفولة في سباق الماراتون لعام 2007 وربحت جائزة أفضل زيّ في المسابقة التي ينظّمها هذا الحدث السنوي


  • للتبرع: جمعية طفولة
    تلفون: 70859986
    رقم الحساب: بلوم بنك
    706916/1 بالليرة اللبنانية
    706916/2 بالدولار الأميركي





  • أحلامهم

  • أرادت ليلى غرفة «مليئة بالبهجة» كما وصفتها للمشرفين من الجمعية. استعملت الكثير من الألوان في تصميمها لغرفتها المتخيلة. خلقت هذه الصغيرة عالماً افتراضياً استمتعت بألوانه على الورق، قبل أن يخطف الموت روحها، فيحرمها من عيش الحلم...


  • حلم بيار بالإبحار بعيداً عن ألمه. تخيل غرفته «أكواريوم» يسبح فيه بخياله، بعيداً عن الألم الذي يحاصر جسده الطري، فرسم أسماكاً وأعشاباً بحرية وأمواجاً يتمنى أن تحمل الوجع بعيداً..


  • سارة «اللي جدايلها شقر» طفلة رقيقة وحالمة. هي إحدى «الملائكة المحاربين» كما يسمي أعضاء جمعية طفولة الأطفال المرضى، لأنها، مثلهم جميعاً، تقاوم المرض والألم ببسالة محارب، وبخيال غير محدود يحاول بشجاعة مستمرة مواجهة الواقع وآلامه.
    ذيّلت سارة رسمها بنص شرحت فيه تصوّرها: «أريد أن تكون غرفتي في المستشفى سماءً ليلية.. أسبح فيها بين النجوم التي تحيط بي من جميع الجهات. أنام، ثم أصحو، وأشعر كأنني نجمة تقاوم للأبد...».





  • نشاطات جمعية طفولة

    لا تقتصر مشاريع جمعية طفولة على إنشاء «طابق الأحلام». فالبناء مهم، لكن التفاعل الإنساني والدعم المعنوي داخل البناء يبقى الأهم. انطلاقاً من هذه القناعة، ينظم أعضاء الجمعية ومتطوعوها زيارات دورية إلى الأطفال المصابين بالسرطان، يحاولون تسهيل الاختلاط بينهم وبين الأطفال غير المصابين بغرض إشراكهم وإشعارهم بالمسؤولية وتنمية إدراكهم بضرورة العمل الاجتماعي المدني. كذلك يقومون خلال تلك الزيارات بمواكبة الأطفال من ناحية إنسانية وإنشاء علاقات صداقة معهم وتلبية طلباتهم من لعب وكتب يرغبون في امتلاكها. ينوي الفريق أيضاً إنشاء مكتبات في طوابق الأحلام، ونوادي قراءة ونشاطات يحاولون خلالها الترفيه عن الأطفال وتزويدهم ببعض المبادئ التعليمية التي لا يحصلون على فرصة تلقيها بسبب غيابهم عن المدرسة.
    مطلع العام القادم ستصدر الجمعية العدد الأول من مجلة دورية من ثماني صفحات، باللغات الثلاث، تتوجه للأطفال المرضى وتهدف الى الترفيه والإفادة. كذلك تتوجه إلى الأطفال الأصحاء فتنمّي وعيهم بمرض السرطان والمرضى المصابين به.
    وقد نسّقت الجمعية مع وزارة الثقافة لتسهيل توزيع المجلة على المدارس، بينما بدأت العمل على طباعة مئة ألف نسخة منها من خلال حشد الداعمين والمانحين، وما زالت مستمرة في البحث لتوفير المزيد من الدعم.