طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
ما هي أسباب الحملة «الطرابلسية» على الوزير محمد الصفدي والتكتل النيابي الذي يترأسه، وهل سببها الوحيد رفض التكتل لانتخاب رئيس للجمهورية بنصاب النصف زائداً واحداً واشتراطه تأمين نصاب الثلثين، أم أن الأمر له علاقة بما رشح عن احتمال ترؤس الصفدي لحكومة جديدة،الأمر الذي من شأنه أن يقلب
«المعادلة السياسية» القائمة في البلد ويضرب الاحتكار «المستقبلي» لهذا الموقع.
أجوبة وتحليلات عدة طفت على «سطح» الحركة السياسية الراكد في طرابلس منذ فترة، والذي حركته علناً اللافتات التي رفعت لساعات في المدينة، وحملت على الصفدي بشدة، واستتبعت أمس بتوزيع بيان باسم «حركة التنمية والتجدد» التي يترأسها عضو التكتل النائب محمد كبارة، للإشارة الى «انقلاب» الأخير على المواقف التي كان هو نفسه قد أعلنها في «سان كلو».
فقد دعت الحركة، النواب، إلى «عدم الانجراف في مخطط إفراغ المؤسسات وتعطيلها، وإلى القيام بواجباتهم الوطنية والدستورية والمشاركة بانتخاب الرئيس الجديد، لأن رفض مبادرة التكتل الطرابلسي بانتخاب رئيس يمثل الجميع، ويشارك الجميع في انتخابه، هو البرهان الأكيد على إصرار البعض على تعطيل الانتخابات، وعدم الالتزام بالأعراف الديموقراطية ولا بمصالح الشعب اللبناني». وقالت: «سننتخب رئيساً للجمهورية سواء شاركت قوى المعارضة بانتخابه أم تمنّعت، ونتمنى أن تفهم هذه القوى ما تهدف إليه الاغتيالات المتكررة وتعود إلى ضميرها وشعبها».
وأحدث هذا البيان «هزة سياسية» في طرابلس، شعر لبنان كله بتردداتها، ما دفع إلى اجتماع عاجل للتكتل عصر أمس، حضره الصفدي والنواب: كبارة وموريس فاضل وقاسم عبد العزيز، وإصدار بيان يعلن أنه «توضيحاً لما نُسب إلى النائب محمد كبارة في موضوع الاستحقاق الرئاسي، يهم «التكتل الطرابلسي» أن يؤكد التزامه بموقفه المعلن بهذا الشأن، والذي تضمنته ورقة التكتل إلى مؤتمر الحوار في سان كلو، وخلاصته أن الدستور يشترط حصول المرشح على أكثرية الثلثين ليفوز في دورة الاقتراع الأولى، وذلك لتأمين انتخاب رئيس الجمهورية بالحد الأقصى من أصوات النواب إذا تعذر الإجماع».
ومع تأكيد «التزامه بهذا الموقف»، لفت «الكتل النيابية المعارضة، إلى أن المشاركة في انتخاب الرئيس واجب وطني مُقدّس، ونيّة المشترع تفترض أن النائب لا يتهرب من هذا الواجب. وعليه، فإن أي تذرّع بموضوع الثلثين لتعطيل الانتخاب هو دفع للبلاد نحو المجهول، وتدمير للمؤسسات الدستورية. فليكن هذا واضحاً، ولتكن ضمائر النواب هي جرس الإنذار لهم لكي نحفظ لبنان من كل الشرور». وختم بإعلان «حرصه دائماً على اتخاذ مواقفه السياسية مجتمعاً، ويلتزم بهذه المواقف».
إلا أن مصادر في التكتل، تحدثت عن «محاولات قوية لفرط عقد التكتل»، متهمة «آل الحريري وتيار المستقبل» بذلك، وذكرت «أن من علّق اللافتات هو ه. م المحسوب بالكامل على آل الحريري و«تيار المستقبل» في طرابلس، إضافة إلى أنه هو من وزع البيان المنسوب إلى حركة التنمية والتجدد بدون علم كبارة به»، معتبرة أن «هدفهم من ذلك تحجيم الدور السياسي الهام الذي يضطلع به الوزير الصفدي و«التكتل الطرابلسي» في الحياة السياسية، وخصوصاً على صعيد التوافق الوطني والمصلحة العامة».
ورأت أن «الانتخاب بالنصف زائداً واحداً سيعطي مبرراً للمعارضة لتأليف حكومة جديدة، ما سيؤدي إلى قيام حكومتين، ويبدو أن «تيار المستقبل» وآل الحريري وآخرين في الأكثرية يريدون ذلك، رغم ما سينتجه من خراب للبلد». وعزت «الحملة على التكتل»، إلى «معرفتهم بأن نصاب النصف زائداً واحداً، في غياب التكتل، لن يتوفر لهم أبداً».
وفي موقفين لافتين، سارع النائب مصباح الأحدب إلى الإشادة بموقف حركة التنمية والتجدد، معتبراً أنه «يجسد قناعة الشارع الطرابلسي بكل فئاته، ولا سيما أنه أوكل إلى «التكتل الطرابلسي» أمانة تمثيله في المجلس النيابي على أساس التزام التكتل خيار قوى 14 آذار في الحرية والسيادة والاستقلال، وبناء الدولة والحفاظ على مؤسساتها الدستورية واستعدادها الدائم للتوافق مع شركائها في الوطن من خلال الممارسة الديموقراطية للعملية السياسية، وليس من خلال التهديد بالفراغ أو ممارسة الابتزاز»، داعياً الصفدي إلى «أن يتأمل في الموقف الذي عبرت عنه هذه الشريحة المسؤولة من أبناء طرابلس، ويغادر مساحة التردد ليعود إلى سربه في 14 آذار، ويشارك في تضميد جراح الوحدة الوطنية التي تلقت إصابة جديدة باستشهاد النائب أنطوان غانم».
وحمل توفيق سلطان، المقرّب من «المستقبل»، بشدة على الصفدي، متهماً إياه بأنه «تولى النيابة في المرة الأولى بموجب تأثير المال على المخابرات، وارتياح المخابرات إلى الشخصيات التي لا لون لها بالسياسة ولا تاريخ. وكان يجاهر بفداحة الثمن الذي دفعه حتى تمكن من إقناع رجل القرار بكفايته السياسية الممحوّة. فوقع عليه الاختيار بعد معاناة طويلة، أثبت خلالها قدرته على التكيف مع كل ما يؤمر به». وقال: «عندما تصل الأمور إلى المفاصل الخطرة، فإن كل حصاناتهم المالية والرسمية تسقط بأسرع مما يتصورون، وهم حتماً لا يستطيعون أن يحتموا بحصانة حلفهم مع سعد الحريري».