برج الشمالي ـ بهية العينين
تواجه الطالبة الفلسطينية المتفوقة في اختصاص الرياضيات أماني رشيد (20 عاماً) حقيقة مؤلمة مع حلول عامها الثاني في الجامعة. باتت أماني على يقين بأنّ والدها لم يعد يملك ما يبيعه لمساعدتها، فأرسلت راجيةً من يدعم تفوّقها إلى المسؤولين والمعنيين بالشأن التربوي. لكنّها لم تحصل سوى على رد واحد من أصل ست رسائل، كان من المدير العام لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في لبنان ريتشارد كوك يعتذر عن مساعدتها.
أما باقي الرسائل التي أرسلتها أماني منذ سنة تقريباً إلى مسؤولة الجمعية النرويجية للمساعدات الشعبية في لبنان وفاء اليسير وإلى مدير التربية والتعليم عفاف يونس والسفارة اليابانية التي قدمت منحاً دراسية إلى الاونروا، ومؤسسة بيت أطفال الصمود في بيروت يبدو أنها أهملت ولم تقرأ.
تتألم أماني من فكرة عدم قدرتها على متابعة دروسها والاستسلام للفقر الذي سيحرمها من بناء مستقبلها. وتقول: «راتب والدي لا يتعدى 500 ألف ليرة لبنانية، وفي العام الماضي لم أتمكن من تأمين أي منحة لدخول الجامعة ما دفع والدي إلى بيع السيارة التي كانت تخفف عنه عناء المواصلات في عمله وهي كانت الشيء الوحيد الذي نملكه».
وتتابع أماني محاولة إيجاد تفسير مقنع للاضطهاد الذي تعيشه، وتشير إلى الحائط الذي علقت عليه شهادات أخويها الأكبر اللذين شارفا على التخرج بعد عام و يتمتعان بالتفوق في اختصاصهما الكيمياء أيضاً، وتقول «قد تكون علتي أنني من أسرة لا تعرف سوى التفوق وليست مقتنعة بسلاح غير العلم لدعم قضيتنا ولكن لا حول ولا قوة لها».
وتنتقد أماني بشدّة المسؤولين عن اللجنة الطلابية في المخيم التي لم تقدم للطلاب سوى راتب لا يتعدى 30 ألف ل.ل «بدل مواصلات وهذا الراتب متعلق بمدى مشاركة الطالب في التظاهرات التي تقيمها الجهة الداعمة للجنة وفي حال تغيبه عن أي نشاط يتوقف الراتب تلقائياً».
وتضيف أماني والحزن يلمع في عينيها أنّها تشعر بالخجل من أبيها الذي يتحمّل أكثر من طاقته لدعم تفوّقها الذي يعتبره نعمة من الله، لكنّها باتت تجده اليوم نقمة خاصة بعدما كلت يدها من طلب المساعدة، وبدأت تشعر بحجم الضغط النفسي والمادي الذي تسبّبه لعائلتها المكوّنة من تسعة أشخاص والتي لا ذنب لها في تحمّل معاناة العلم التي تضاف اليوم إلى مسلسل المعاناة اليومية التي تعيشها العائلة في مخيم برج الشمالي.
أماني التي تجسد مشكلة عامة لدى الطلاب الفلسطينيين تأمل أن يلتفت أحد مناصري العلم والمعرفة إلى قضيتها ويمنحها حق الالتحاق بجامعتها، فهي مصرّة على طلب العلم، كما قال الشاعر، ولو في الصين.