strong>بري أول الحاضرين... في مكتبه و«الموالون» إلى القاعة العامة و«المعارضون» ينتظرون سماع المطرقة
تتجه الأنظار اليوم إلى ساحة النجمة التي ستشهد تجمّعاً نيابياً، من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في ظل المعطيات التي حسمت حتمية تأجيلها إلى ما بعد عيد الفطر، وتحديداً إلى 17 تشرين الأول، كما أشار الرئيس نبيه برّي.
وكان محيط مجلس النواب قد أشار، منذ الساعات الأولى من يوم أمس، إلى الملامح الأولية للصورة الأمنية والعسكرية التي سترافق «جلسة اللاانتخاب»، حيث انتشرت قوة كبيرة من الجيش على امتداد المساحة الممتدّة من محيط فندق «فينيسيا» لجهة البحر، وصولاً إلى أطراف ساحة اعتصام المعارضة، وبعمق يصل إلى ما قبل ساحة النجمة بأمتار قليلة، حيث ستتولى الأمن فيها قوة من الأمن الداخلي، لتتولى شرطة المجلس النيابي الأمن في مبنى المجلس جرياً على العادة.
وإذا كانت المعطيات قد حدّدت معالم جلسة اليوم بأنها لن تخرج عن إطار جسّ نبض فريقي الموالاة والمعارضة، مع الترجيح بأن تكون تشاورية أكثر منها انتخابية، بعدما تأكّد أن جميع النوّاب الموالين سينزلون إلى المجلس، ترجمة لمطلبهم الأساسي، وسط تدابير أمنية مشدّدة ستؤمّن وصول الموجودين منهم في فندق «فينيسيا»، الذين تجاوز عددهم 40 نائباً، وتدابير أمنية سريّة ستؤمّن وصول الباقين من منازلهم إلى ساحة النجمة.
أما مشهد نوّاب المعارضة، إضافة إلى المحايدين، فلن يخرج عن إطار المواقف التي صدرت خلال الساعات الماضية، علماً بأن رئيس المجلس سيكون أول الحاضرين، وسيلازم مكتبه، ولن يتسنّى لأحد سماع صوت مطرقته إلا إذا تأكّد أن عدد النواب داخل القاعة وصل إلى المستوى الطبيعي، أي 86 نائباً، وهذا ما لن يحصل بالتأكيد، نظراً لأن النوّاب المعارضين حسموا أمرهم وقرّروا، بأغلبيتهم، ملازمة مكاتبهم بانتظار الآتي.
وعشية الجلسة، لفتت كتلة «التنمية والتحرير» إلى أنها «ستكون موجودة في مجلس النواب»، وإلى أن دخول أعضائها إلى القاعة العامة رهن بـ«الاتصالات التي لا تزال جارية»، على حدّ تعبير النائب أنور الخليل الذي أذاع البيان الصادر عن الكتلة. وشدّد البيان الذي تلى جلسة استثنائية ترأسها برّي، أمس، على ضرورة أن يكون الاستحقاق الرئاسي «محطة للجمع والوفاق وترسيخ الوحدة الوطنية».
وإذ أشارت مصادر كتلة «الوفاء للمقاومة» إلى أن وجود أعضائها سيكون «داخل المكاتب»، حرصاً منهم على ضرورة «عدم تأمين النصاب لـ 14 آذار»، أعلن تكتل «التغيير والإصلاح»، إثر جلسة عقدها أمس، رفض جعل أعضائه «شهود زور» على ترسيخ الواقع السياسي الحالي، لأن «مشاركتهم في الجلسة، وفق ما يدعو إليه البعض وخارج إطار التوافق، تجعل منهم ضالعين في مخطّط التمديد للأزمة بدلاً من إنتاج الحلول القادرة على إنهائها عبر الحوار الجدّي والتوافق على البرنامج والرئيس القادر على التزامه وتنفيذه، وليس الموافقة على انتخاب مجهول لا يسدل النقاب عن هويته إلا بعد سماع مطرقة رئيس المجلس تعلن افتتاح الجلسة»، مشدّداً على ضرورة «التوافق على برنامج إنقاذي وطني، وليس مجرّد تسهيل عملية تقنية روتينية لملء موقع قبل شغوره، عبر الإتيان برئيس يعمّق الأزمة أثناء إدارته لها».
وانطلاقاً من الحرص على المؤسّسات والتمسّك بالدستور، أوضحت «الكتلة القومية الاجتماعية» أن مشاركتها في الجلسة «مرهونة باستجابة القوى والكتل النيابية لمبادرة الرئيس بري التي تشكّل مدخلاً حقيقياً لحماية المؤسّسات وتجنّب فوضى الفراغ»، مؤكّدة أن السبيل الوحيد لإنجاز الاستحقاق الرئاسي «يتمّ من خلال تحقيق التوافق الداخلي على الرئيس العتيد»، أما محاولة تهريب الاستحقاق بالنصف زائداً واحداً، أو بمن حضر، أو كيف ما كان، فـ«هذه مجازفة تتهدّد بالخطر وحدة لبنان واللبنانيين».
بدوره، أكّد رئيس «الكتلة الشعبية» النائب الياس سكاف لـ«الأخبار» التزامه بما يقرّره تكتل «الإصلاح والتغيير»، مشدّداً على موقفه بدعم المرشّح العماد ميشال عون، و«لن ندخل إلى القاعة».
لكن هل ينسحب التزام سكاف على جميع أعضاء كتلته؟
يشدّد النائب جورج قصارجي الذي تمايز بموقف سياسي عن «الكتلة الشعبية»، قبل نحو أسبوعين، ودعا إلى تشكيل قوة برلمانية «وسطية»، في حديث لـ«الأخبار»، على أنه ملتزم بما تقرّره كتلته، ولا سيما في دعمه ترشيح عون، مشيراً إلى أنه سيتوجّه إلى مجلس النواب، و«قد أدخل القاعة العامة، ولا أدري ما هو المانع في الدخول أو عدمه».
أما النائب عاصم عراجي الذي لا يشارك في اجتماعات تكتل «الإصلاح والتغيير»، منذ فترة طويلة، و«ملتزم» بـ«الكتلة الشعبية»، فقد أوضح لـ«الأخبار» أنه «لا مانع في النزول إلى البرلمان»، و«على الأقل، نرى الأصدقاء من الموالاة والمعارضة»، نافياً علمه بما أشاعه أحد النواب الموالين في البقاع من أنه سيكون معهم، فـ«أنا عضو في الكتلة الشعبية وملتزم بما تقرّره. لكن في موضوع الاستحقاق الرئاسي، أنا محايد اليوم، ولا بدّ من التوافق حتى لا نذهب بالبلد إلى المجهول».
وبالاستناد إلى المواقف المعلنة، فإن النائب روبير غانم سيكون موجوداً في القاعة العامة، كما هو حال النائب نقولا فتوش المعترِض على انتخاب الرئيس بالنصف زائداً واحداً.
الحسيني
وبعيداً عن «الجدال العقيم القائم»، أشار الرئيس حسين الحسيني إلى أن مشاركته في الجلسة رهن باكتمال نصابها، أي «الثلثين الذي لا يقبل جدلاً»، انطلاقاً من تجربته الفعلية التي جعلته في موقع «صاحب الرأي» في هذا المضمار، قائلاً لـ«الأخبار»: «واجباتي أن أشارك. لكن، أعتقد أن القصّة أعمق بكثير، فهل المطلوب هو استمرار الصراع أم حلّ الأزمة؟ وهل الهدف هو ديمومة الرئاسة أم ديمومة لبنان؟». وإذ شدّد على ضرورة «حلّ الأزمة، وليس مجرد انتخاب الرئيس»، استشرف الحسيني أنه «لا تكون جلسة اليوم جدية، وبمثابة بروفة للآتي».
من جهته، أكّد النائب المحايد بيار دكّاش لـ«الأخبار» مشاركته في الجلسة، لكن «شرط أن يتوافر فيها نصاب الثلثين»، لأن الانتخاب بالنصف زائداً واحداً «يقسم لبنان إلى فريقين، وأنا لن أشارك في التقسيم».
وإذ لفت دكاش إلى أنه سيحاول، اليوم، أداء دور الوسيط بين المتنازعين لـ «تقريب وجهات النظر»، إذ «سأوزّع الوقت بين الوجود القاعة وخارجها وفي مكاتب النوّاب»، رسم صورة ما سيكون عليه المشهد النيابي اليوم وفق ما يلي: «فريق سيدخل إلى القاعة، فريق سيكون في مكاتبه، فريق سيلعب دور الوسيط، وفريق لا يعنيه الأمر»، متوقّعاً عدم انعقاد الجلسة على أن يكون اليوم بمثابة «مدخل للحوار. ومبادرة الرئيس برّي لا تزال قائمة»، خاتماً بالقول: «لا حلّ في لبنان إلا بالوفاق والتوافق والحوار».
وأوضح النائب نادر سكر أنه لم يحسم قراره بعد في النزول إلى البرلمان أو «البقاء في البيت». وقال لـ«الأخبار»: «أنا في تكتل نواب بعلبك ـــــ الهرمل فقط، ولم أحسم بعد موقفي في الدخول إلى القاعة العامة أو البقاء خارجها... وليش ما بيكون الواحد بالبيت، هيدا كمان خيار!».
(الأخبار)