strong>علي محمد
وقّعت أمس أربع عشرة جمعية أهلية ومدنية بياناً، طالبت فيه الدولة بالحد من عملية «العودة الطوعية» للموقوفين العراقيين، من السجون اللبنانية إلى العراق. كما طالبت بوقف الاحتجاز التعسفي ضدهم، ومنحهم حق اللجوء انطلاقاً من الاعتراف بالعراق كدولة غير آمنة.
وانتقد البيان مفهوم «الطوعية»، معتبراً أن الاحتجاز التعسفي، بما يمارَس فيه من ضغوط معنوية ومادية على الموقوفين، يؤدي في نهاية المطاف إلى قبول الشخص بأي شيء ضمن مبدأ «الطوعية».
وبدأت قضية اللاجئين العراقيين تتفاقم، بعد حملة التوقيفات التي حصدت منذ بداية العام الحالي أكثر من 432 عراقياً. فالمئات منهم يدخلون يومياً بطريقة غير شرعية الى البلاد. لكن، ولأن لبنان لم يوقّع المعاهدات والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية اللاجئين، فمن حقه توقيف المتسلّلين غير الشرعيين. وتبقى حرية العراقي في لبنان رهناً بمدى التزام الدولة بالأعراف الدولية. وتصدر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بطاقات تعريف ولجوء، للعراقيين غير الشرعيين، إلّا أن الأمن العام لا يعترف بها، ويعتمد معهم إجراءات التوقيف الاعتيادية ومن ثم يحوّلهم إلى المحاكمة.

السفارة ومفوضية شؤون اللاجئين

أكد مستشار السفارة العراقية في لبنان المنهل الصافي «للأخبار» أن السفارة ألّفت لجاناً للعمل على الإعادة الطوعية للموقوفين بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وقال الصافي إن الدولة اللبنانية تساعد على هذا الأمر، معتبراً أن «لبنان ليس بلد لجوء، ولا يستطيع أن يستقبل عدداً كبيراً منهم بسبب أوضاعه الاقتصادية والأمنية». أما عن الموقوفين الذين لا يريدون العودة، فيقول الصافي «إن السفارة لا تتحمل مسؤوليتهم، وبالتالي يبقون في السجن حتى بعد قضاء الحكم». وعن بطاقات اللجوء، قال إن السفارة تتفهّم عدم اعتراف لبنان بها لأن ذلك سيكون بمثابة اعتراف ضمني منه بحقوق اللاجئين وواجباته تجاههم.
ومن جهة أخرى، قالت المسؤولة الإعلامية في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لور شدراوي لـ«الأخبار»، إن وزارة العدل عمّمت على القضاة أن يستثنوا الحكم بالترحيل، وإن المفوضية تعمل على الحد من الترحيل القسري للموقوفين. وأشارت شدراوي إلى أنه إذا كانت الجهة العراقية الرسمية، الممثّلة بالسفارة، تسير في موضوع العودة الطوعية، فإن المفوضية تساعد على ذلك ضمن مبدأ احترام رغبات الأشخاص المعنيين. وعن بطاقات اللجوء، قالت شدراوي «إن البطاقات لا تجبر الأمن العام على الاعتراف بها ما دامت غير صادرة عن الدولة، إلّا أنها تساعد على تخفيف خطر الاعتقال، لأن بعض نقاط التفتيش تقبلها، وتساعد على تسوية أوضاع الموقوفين»، معتبرةً أنها تمثّل ولو بنسبة ضئيلة، نوعاً من الأمان والضمانة لللاجئين العراقيين.
تجدر الإشارة إلى أنه في كانون الأول 2006 أصدرت مفوضية شؤون اللاجئين مذكرة استشارية بشأن عودة العراقيين، وأشارت إلى أنه يجب ألّا تتم إعادة أي عراقي إلى جنوب ووسط العراق في الأوضاع الراهنة. كما ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المكرّس في مقدمة الدستور اللبناني، على حق كل إنسان بالتماس اللجوء إذا كانت حياته مهدّدة بخطر في موطنه الأصلي.