صيدا ـ خالد الغربي
رفعت لجنة المتابعة لتطبيق التعليم الإلزامي المجاني شعارات «إعفاء الطلاب من الرسوم» و«تأمين الكتاب مجاناً». جاء النداء من صيدا هذه المرّة، إلا أنّ أبواب السرايا أقفلت في وجه المشاركين

لبّى عشرات المواطنين دعوة لجنة المتابعة لتطبيق التعليم الإلزامي المجاني إلى الاعتصام من أجل تأمين الكتاب المدرسي مجاناً وإلغاء الرسوم المدرسية. طوّقت العناصر الأمنية سرايا صيدا الحكومية، فأُقفل المدخل الرئيسي وسُمح للموظفين فقط بالدخول إلى المبنى. تجمّع المعتصمون بعد «أخذ وردّ» طويل مع القوى الأمنية، فقطعوا بعض الطرقات وتوزعوا على الدروب المؤدية إلى السرايا. وعندما وقفت القوى الأمنية سداً منيعاً، اختار المعتصمون التمركز وسط الطريق العام، فحملوا اللافتات المنددة بالسياسات التعليمية والاقتصادية، ومنها «التعليم حق للمواطن على الدولة وليس إحساناً من الحاكم على الرعية»، «الإعفاء من الرسوم في المدارس وتحسين نوعية التعليم وتوفير الكتاب والقرطاسية». شارك عدد من رجال الأمن بثياب مدنية المعتصمين تحرّكهم، فسارعوا إلى تدوين مضمون اللافتات والشعارات وتمّ نقلها مباشرة إلى «سيدنا» عبر الهواتف الجوالة.
وقرر الطفل نضال الإبريق، ابن الثلاث سنوات، أن يناضل على طريقته فحمل لافتة وقد أتت إجابته البريئة عن تساؤلات الإعلاميين «نعتصم لأننا نريد أن نتعلم، شو بس الغني لازم يتعلّم؟». ما عبّر عنه أصغر المعتصمين أضاف إليه أكبر المشاركين، أبو محمد الحتحوت، «مش فارقة معهم، آخر همهم الناس، عايشين بقصور». وأدّى قرار القوى الأمنية إلى إثارة غضب المعتصمين، فكال عدد منهم الاتهامات إلى المسؤولين، «لو كان المعتصمون من صنف رجال الأعمال، لكانوا جلسوا على مكتب المحافظ»، تقول الحاجة أم محمود، لتعود وتترحّم على أيام المحافظ الأسبق غالب الترك.
وتجلى الغضب الشديد عندما علم المعتصمون بأنّ محافظ الجنوب مالك عبد الخالق لن يقابلهم، حتى أنه لم يرسل أحداً لمقابلتهم. فألقى أحد المشرفين على اللجنة الدكتور عصمت القواص كلمة مقتضبة رأى فيها أنّ من حق المواطن المطالبة بالتعليم المجاني وتطبيق القوانين وتوفير التعليم للجميع. وأشار القواص إلى «أنّ إقفال البوابات في وجه المعتصمين وعدم حضور أحد من المسؤولين لمقابلتهم يأتي في سياق متكامل بين وزارة التربية التي تحرم التلامذة من التعليم المجاني ووزارة الداخلية التي تمنع الناس من التعبير عن شكواهم وهمومهم»، ما «يخدم الفريق الحاكم الذي يسيطر على الوزارتين». كما دعا عدد آخر المحافظ إلى التراجع عن قراره عدم استقبال اللجنة والأهالي، فهتفوا «يا محافظ طلّ من العليّة، جايي الشعب المسكين وحامل معه قضية».
وتحدث عدد من المعتصمين عن رفضهم لهذا الأسلوب غير المسؤول في سماع شكواهم؛ فعبّروا بشكل عفوي:«لو كنا يهوداً لقدموا لنا القهوة والشاي»، «يبدو أنّ الدولة لا تحاور الناس إلا بالعسكر». تشنّجت الأجواء، فطلب أحد المشرفين على الاعتصام من المشاركين التوجه إلى مركز «مؤسسة معروف سعد الخيرية الثقافية» الذي يبعد أمتاراً قليلة.
وعقدت لجنة المتابعة مؤتمراً صحافياً بحضور النائب أسامة سعد الذي سجّل استغراب موقف وزير الداخلية في إعطاء تعليمات لمحافظ الجنوب برفض استقبال وفد من أهالي الطلاب ولجنة المتابعة لتطبيق التعليم الإلزامي المجاني في لبنان، واصفاً قرار الرفض بالسياسي. وأشار سعد إلى أنه حتى الآن لم يأت رد وزير التربية على المذكرة التي تقدّمت بها اللجنة لنقلها إلى المسؤولين. ورأى سعد أنه من المفترض على هذه الحكومة أن تبادر في مثل هذه الظروف الاقتصادية المعيشية الصعبة إلى إعفاء الطلاب من جميع الرسوم المدرسية وتأمين الكتاب المدرسي والذي يعتبر أبسط الحقوق لهم.
وأكد القواص استمرار هذا التحرك السلمي والديموقراطي، مشيراً إلى «التكامل بين دورين تابعين لنفس الفريق الحاكم وآخر اهتماماته شؤون الناس».
وتحدث رئيس لجنة الأهل في مدرسة الإصلاح الرسمية ـــ صيدا جمال مصطفى فرأى «أنّ التعليم الإلزامي والمجاني هو حق من حقوق أطفالنا الشرعية حتى سن الخامسة عشرة كي لا يكون هناك أطفال مشردون أو خارجون عن القانون».