باريس ـ بسّام الطيارة
لم تعد المبادرة الفرنسية المحرّك الرئيسي للدبلوماسية الفرنسية في ما يتعلّق بالملف اللبناني.. فقد غطّت عليها «نسمات التوافق» التي رافقت تأجيل الجلسة النيابية الأولى التي كانت مخصّصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، في 25 أيلول الفائت، من جهة، والنشاط الدبلوماسي في الأمم المتحدة من جهة أخرى.
ورغم التأكيدات المتواصلة على أن «السفير فوق العادة جان كلود كوسران يتابع عمله بعيداً عن الأضواء»، فإن تخفيف التواصل بشأن المبادرة الفرنسية بات ظاهراً بشكل ملموس من خلال التصريحات الرسمية وعبر سلسلة من التسريبات عما يدور وراء الكواليس من «اتصالات» بهدف إعطاء مبادرة الرئيس نبيه برّي مجالها في ظل الأجواء الإيجابية االسائدة حسب تصريح مصدر مسؤول متابع للملف اللبناني. وقد خصّ الناطق الرسمي للإليزيه دافيد مارتينو الملف اللبناني بدعوة اللبنانيين إلى «انتخاب رئيس يمثل جميع اللبنانيين»، وفق عملية «لا يمكن أن يشكّك أحد في شرعيتها»، معتبراً أن انتخاب الرئيس هو «من مسؤولية البرلمان اللبناني لا مجلس الأمن».
وقد جاء موقف الإليزيه رداً على سؤال عن موقف باريس من استصدار قرار دولي يتعلق بسير الانتخابات. وفي هذا الصدد، أعرب مارتينو عن أمله «أن تستفيد الأطراف اللبنانية من المهلة الجديدة، من أجل التفاهم».
وفيما نفت وزارة الخارجية، بشكل غير مباشر، تصريحات نسبت إلى الوزير برنار كوشنير من نيويورك، في شأن استعداد فرنسا للاعتراف برئيس منتخب بالأكثرية النسبية، أكّد مارتينو ضرورة «مواصلة العملية الانتخابية بأفضل شروط الشفافية، توصّلاً لانتخاب رئيس لا يعترض عليه أحد من الفرقاء». كذلك أكد رفض بلاده اتهام سوريا باغتيال النائب أنطوان غانم قبل انتهاء التحقيقات و«معرفة ما إذا كانت الشكوك في محلها»، على حدّ تعبيره. ويقول مصدر مقرّب من الملف اللبناني، إن قصة لقاء الوزير كوشنير والوزير السوري وليد المعلم، الذي «لم يتمّ»، مبنية على «تناقض التصريحات المتناقلة بين باريس ونيويورك».
ويشير المصدر إلى «الضغوط المباشرة وغير المباشرة التي هبطت على كوشنير»، منذ «اغتيال النائب غانم، خصوصاً المتعلقة منها بـ«تأمين حماية للنواب»، وهو ما رآه العديد من المسؤولين الفرنسيين «أمراً غير عملي بتاتاً». ويلفت مصدر مسؤول الى أن باريس كانت قد نصحت الأفرقاء اللبنانيين الذين طالبوا بهذه الحماية بـ«سحب هذه المبادرة، حتى لا تسبّب توتير أجواء المشاورات القائمة في مجلس الأمن»، بشأن البيان الرئاسي الذي صدر أول من أمس، علماً بأن باريس وصفت البيان بانه «متوازن».
وفي ردّ غير مباشر على الانتقادات التي وجّهها الرئيس نبيه برّي، فور صدور البيان، رأى الناطق الرسمي المساعد في وزارة الخارجية الفرنسية فريديريك دزانيو، أن لمجلس الأمن والمجتمع الدولي «الحق المشروع في التحدث عن الوضع في لبنان، وهو الذي يهمّ الجميع»،.