طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
لن يبدأ العام الدراسي اليوم في المدارس الرسمية في طرابلس، فنسب التسجيل متدنية جداً، وأكثريةإدارات المدارس الخاصة ترفض إعطاء إفادات للتلامذةإلاّ بعد تسديدهم كل الأقساط
لم يكد المواطنون الشماليون يتنفّسون الصعداء بانتهاء معارك مخيم نهر البارد، حتى وجدوا أنفسهم أمام استحقاق العام الدراسي، ما جعل عدداً كبيراً منهم، وخصوصاً أولئك الذين تعطّلت أشغالهم، يسارع إلى نقل أبنائه من المدارس الخاصة إلى مدارس خاصة أخرى، أقل تكلفة، أو تحويلهم باتجاه المدارس الرسمية. فمنذ 10 أيلول الماضي، موعد انطلاق السنة الدراسية في غالبية المدارس الخاصة في طرابلس، وصولاً إلى مطلع تشرين الأول الجاري، حيث من المقرر أن تكون المدارس الرسمية قد بدأت عامها الدراسي جدّياً، ربضت الهموم والالتزامات المادية والمعنوية على صدور المعنيين في القطاع التربوي وعلى الأهل في طرابلسوإذا كان معظم المدارس والثانويات الرسمية في المدينة قد بدأ استعداداته، كما في كل عام، لإطلاق عجلة العام الدراسي طبيعياً، فإنّه واجه هذه المرّة مشاكل وعقبات عدّة في طريقه، بعضها مزمن جرى التأقلم معه «تاريخياً» في ظل تعذر معالجته أو تخفيف مضاعفاته، والبعض الآخر مستجدّ وطارىء، لكنّه قد يؤدّي، إذا لم يعالج بسرعة، إلى ضياع العام الدراسي على عدد لا يُستهان به من الطلاب.
وفي هذا السياق، لا يمكن إغفال التداعيات التي تركتها أحداث مخيم نهر البارد على الحركة الاقتصادية في الشمال، وتحديداً في طرابلس والمنية وعكار، وبصورة أقل في بقية المناطق، باعتبار أنّ المناطق الثلاثة الأولى كانت مسرحاً للعمليات العسكرية التي انتهت مطلع أيلول الماضي.
وعلى الرغم من عدم توافر رقم للأعداد المتعلقة بهذا الانتقال، لا تزال نسبة تسجيل الطلاب متدنية في المدارس الرسمية. وبعد جولة استطلاعية على عدد منها، يرجّح أن لا يبدأ العام الدراسي اليوم، بحسب الموعد المحدد رسمياً، وأن يتأجّل افتتاح المدارس إلى ما بعد عيد الفطر. وتضجّ الأخبار في طرابلس بشأن رفض أكثرية إدارات المدارس الخاصة إعطاء إفادات لطلابها الراغبين بالانتقال منها، إلا بعد تسديدهم كامل مبالغ الأقساط المترتبة عليهم. أما الصورة في المدارس الرسمية، فلا تقل قتامة، إذ إنّ المشاكل تبدأ من تأمين رسوم التسجيل التي ارتفعت أصوات عدة تطالب بإلغائها، بعدما باتت مشهداً طبيعياً ومألوفاً، برغم قساوته، رؤية طوابير من المواطنين، غالبيتهم من الفقراء وذوي الدخل المتدنّي، وهم يصطفون على أبواب السياسيين والمتموّلين والجمعيات الخيرية، من أجل تأمين ما يكفيهم لدفع رسوم التسجيل لأبنائهم، وشراء الكتب لهم.
وإذا كان ارتفاع أسعار الكتب المدرسية والقرطاسية والنقص في التجهيزات المدرسية المطلوبة والأساتذة المتعاقدين وغيرها من الأمور، ما تزال تهيمن كل سنة على العام الدراسي في طرابلس، فإنّ مشكلة أخرى أضيفت إلى باقي المشاكل، وهي احتمال بقاء طلاب مدرستي دار السلام والمتوسطة في محلة باب التبانة الشعبية خارج صفوفهم، إلى حين خروج نازحي مخيم نهر البارد منهما، وهو الأمر الذي أكد رئيس الهيئة الاستشارية لمجالس الأهل في الشمال عبد الحميد عطية أنّه «لن يحصل»، وخصوصاً أنّ منطقة باب التبّانة سُجّل فيها العام الماضي، وتحديداً في متوسطة التبّانة الرسمية، نسبة رسوب بلغت 100 في المئة في امتحانات الشهادة المتوسطة، ما يعطي دليلاً إضافياً وواضحاً على حجم مشاكل القطاع التربوي في طرابلس، والجهود الكبيرة التي يتطلبها من أجل الارتقاء به إلى مستويات مقبولة.
ولفت عطية إلى أنّه تلقّى اتصالاً من وزير التربية خالد قباني أول من أمس، و«أبلغني فيه أنّه سيوفد لجنة من كبار المهندسين لتقويم الأضرار في المدارس الرسمية التي يقيم فيها نازحون فلسطينيون في باب التبانة والبداوي، وأنّه في غضون أسبوع على الأكثر سيجري إخلاء هذه المدارس من النازحين، وبدء الاستعدادات فيها للعام الدراسي الجديد».