رنا حايك
في مثل هذا اليوم من العام الماضي نجحت المقاومة في منع الإسرائيليين من التقدّم عبر محور مشروع الطيبة، وخاض شبابها مواجهات بطولية أدّت إلى مقتل نحو 13 جندياً إسرائيلياً. الرد الاسرائيلي جاء كالعادة انتقاماً من الأهالي الأبرياء الذين أردى عائلة كاملة منهم قنصاً... في قرية الطيبة لم يكن صاروخاً ذلك الذي قضى على عائلة بأكملها. فالإسرائيليون دخلوا القرية، تصدّى لهم المقاومون بشراسة، لكن بعضهم كان داخل بيت آل نصر الله، فقنصوا أفراد هذه الأسرة فرداً فرداً ببنادقهم

في الطيبة أكل الصامدون خبزاً مبللاً بالماء لعدة أيام، وبكى الحاج محمد علي يحيى فقدانه مئة وخمسين عنزة هي حصاد شقاء العمر حين وقع صاروخ إسرائيلي على بيته ومزرعته. في الطيبة دخل الإسرائيليون بيوتاً فدنّسوها، وتركوا على الجدران رسائل تشكر المضيفين.

مجزرة آل نصر الله

ظلّ الحاج سعيد نحلة في منزله، ولم يرضَ مرافقة زوجته المريضة و ابنه اللذين وصلت بهما دروب النزوح إلى سوريا. دعا عائلة نصر الله لمؤانسته في المنزل هروباً من بيتهم «المواجه»، فلملموا خوفهم واستمدّوا بعض الاطمئنان من وجودهم معاً: الحاج أبو نزيه نصر الله وزوجته الحاجة نزهة وابنتهما وابنهما حلوا ضيوفاً على بيت الحاج سعيد. طبخوا «السميد» (البرغل) معاً واستمعوا إلى الراديو حتى نفدت بطارياته، فقضوا الوقت بالصلاة وتلاوة الأدعية. وذات عصر هادئ، قررت الحاجة وابنتها زيارة منزلهما لإعداد بعض الخبر المرقوق. حاول الحاج سعيد أن يثنيهما عن ذلك لكنهما أصرّتا. وحين تأخّرتا، ذهب الوالد، أبو نزيه وابنه حسين لتفقدّهما، لكنهما، بدورهما، لم يعودا. كان المساء قد حلّ وأصبح التجوّل أكثر خطراً منه في النهار فالقصف كان قد بوشر. نام الحاج حسين على أمل أن يقصد منزل آل نصر الله صباحاً ليطمئن إليهم إذا لم يكونوا قد عادوا بعد. وبالفعل قصد الحاج سعيد نحلة منزل آل نصر الله صباحاً، ووجدهم، واحداً تلو الآخر، منبطحين على أرض المنزل الباردة تحيط بهم بقع الدم المتخثر. «يا مصيبتي!»، صرخ الرجل. فردّ عليه صوت أجشّ: «ولا كلمة. إذا تفوّهت بكلمة أخرى سأكوّرك إلى جانبهم. قلّع من هون».
كان ذلك صوت الجندي الإسرائيلي الذي أردى أسرة بأكملها منذ عدة ساعات وبقي يواجه جريمته بدم بارد لا يثقله تعب الضمير. صمت الحاج الثمانيني. صمت أربعة أيام قضاها تائهاً في الحقول والبراري الجنوبية. يتذكّر إحساسه ساعتها: «ما عدت سألت عن رزق ولا عن أحد ولا عن أي شيء». هام أربعة أيام على وجهه دون أكل ولا شرب، وقع في أحد الأودية فكسر ضلعاً من ضلوعه لكنه عضّ على ألمه وأكمل مسيره حتى القعقعية. نام على الجسر، فرآه أحد الشباب واصطحبه إلى منزله. من هناك اتصل بالصليب الأحمر ونقل الحاج إلى مستشفى النجدة الشعبية في النبطية حيث عولج. لكن سيارات الصليب الأحمر لم تستطع الوصول لانتشال الشهداء قبل توقف القتالبقي آل نصر الله مضرّجين بدمائهم سبعة أيام، حين أعلن وقف إطلاق النار وتمكّن المسعفون والأهالي من دخول القرية. هذا التأخر في الدخول إلى القرية بسبب شدة المواجهات جعل المشهد في القرية النائية كابوسياً. فالصحافيون كانوا أول من اكتشفوا استشهاد عائلة مرمل، رجل وزوجته وابنهما، كانوا ممدّدين على قارعة الرصيف قرب مطحنة الضيعة.
أما من بقي في القرية ونجا من الموت، مثل زينب حسين حيدر، فقد نقصه الدواء والغذاء، فزينب اقتاتت طوال فترة الحرب بالخبز المحمص الذي كانت قد أعدّته لرمضان، راحت تبلّه بالشاي وحين نفد الشاي، بالماء والسكر لتعديل ضغطها بعد أن استهلكت آخر حبة من دواء الضغط الذي تتناوله. من لم يفقد روحه في الطيبة وتوصّل إلى اجتياز الحرب سليماً، فقد رزقه، تلك كانت حال الحاج محمد علي يحيى.

دموع محمد علي يحيى

ظل محمد علي يحيى، بسني عمره السبعة والسبعين، في منزله وقرب 150 رأس ماعز هي كل ما استطاع جمعه من سنوات العمل الطويلة إلى أن فقدها بصاروخ كان القشة التي قصمت ظهر البعير... والماعز، فلملم أغراضه أواخر أيام العدوان واتجه نحو بيروت إلى بيت ابنه.
خلال بقائه في الطيبة، هو وزوجته التي في مثل سنّه وابنتهما، نذر النذور ورفع يديه لله، الحافظ الوحيد. اقتاتوا بما تيسّر في المنزل من مؤن، وخاصة أن الحرب بدأت يوم الأربعاء، وهو اليوم المحدّد لإقامة السوق الأسبوعي في القرية. كانت العائلة قد ملأت خزائنها صباحاً: علب مارتاديلا وطون وسردين، بطاطا، عدس وأرز. إلا أن المؤونة لم تكف وقتاً طويلاً رغم أن الأسرة كانت تأكل مرة واحدة في اليوم.. ففي الأيام الأخيرة قبل النزوح، كان الغذاء يقتصر على لبن الماعز وثلاث بطيخات وجدوها بالصدفة في بيت أحد الأقرباء، حيث احتموا بعد أن وقع سقف البيت على رؤوسهم.
كانوا حينها نياماً في الطابق الأرضي من منزلهم، نحو الساعة العاشرة مساءً اشتد وقع الصواريخ وأصاب أحدها الطابق الأعلى فوقع السقف وظلّ «معلقاً بين الأرض والسماء» كما يصف الحاج محمد المشهد. نجوا بأعجوبة، لكنهم لم يبرحوا أماكنهم. «الدنيا ليل والقصف دلق. وين بدنا نروح؟» يقول الحاج، ويضيف: «انتظرنا حتى الصباح، جاء أحد الشباب المقاومين من أبناء القرية، فادي كاظم، أزاح الردم وساعدنا على الخروج». يذكر الحاج المقاوم فادي بالخير، ذلك المقاوم الذي استشهد في معارك الطيبة بعد هذه الواقعة بأياميخالنا الحاج محمد ممن يحصون الأضرار لجدولة التعويضات. لا يفرّق بين هؤلاء وبين الصحافيين، وهو قطعاً يفضّل النوع الأول من الزائرين. فهو غاضب جداً بسبب ضآلة التعويضات. لم يبق لديه سوى ثلاثين رأساً من الماعز. نفقت الرؤوس المئة والعشرين. وحددت التعويضات بـ35 دولاراً عن الرأس، فرفض تقاضيها. كيف يتقاضاها و«قيمة الرأس في السوق تصل إلى 200 ألف ليرة؟» كما يجزم.
يبكي بحسرة على شقاء العمر. يبكي العمر الذي انقضى معظمه ولا مجال فيه للبدء من جديد.
بيوت الطيبة لم تهدّم جميعها، حوالى 250 بيتاً سوّيت بالأرض، أما ما بقي، فقد دنّس في معظمه بدخول الإسرائيليين إليه.

نزوح عائلة حسن

يحتلّ منزل عائلة حسن كتف الوادي الذي يفصل الطيبة عن الأراضي المحتلة. البقاء في المنزل كان ضرباً من الجنون لأنه يقع على مرمى حجر من جنود العدو. كانت سناء وأطفالها السبعة قد جاؤوا لتمضية إجازة الصيف في القرية، بينما بقي زوجها في بيروت لدواعي العمل. فور بدء العمليات العسكرية، حملت سناء أطفالها وانتقلت بهم إلى بيت أبو سعيد لأنه في الصفوف الخلفية. ظلّت سناء في القرية هي وأطفالها خلال الأيام الأولى من العدوان. تردّد كيف «فتح المقاومون الدكاكين وزوّدوا الأهالي باحتياجاتهم. حلبوا المواشي ووزّعوا علينا الحليب لنطعم أطفالنا». وتذكر اتصال زوجها الذي دعاها إلى مغادرة القرية والالتحاق به في بيروت هي والأطفال. ست ساعات من المشي المتواصل أنهكت هذه العائلة. قطعت سناء وأطفالها مياه نهر القعقعية، ثم مشوا في الحقول حتى استسلمت أجسادهم من التعب ونفوسهم من الخوف. فانهاروا تحت ظل زيتونة يلتقطون أنفاسهم حين شاهدهم شباب من المقاومة كانوا يمرون قربهم بالصدفة، فأمّنوا نقلهم إلى مدرسة للنازحين في القعقعية ومنها إلى بيروت.
دخل الإسرائيليون بيت سناء كما كانت تتوقّع. خلّعوا أبوابه وشبابيكه وتركوا الأوساخ على أرضه بعد أن خرّبوا الأثاث ومزّقوا الكنبات وفرش الأسرّة وكسروا الخشب. دخل الإسرائيليون ثم غادروا بعد أن تركوا على جدران منزلها جملة تذكارية: «شكراً لحسن ضيافتكم».
إلا أن التّهكم الإسرائيلي ليس سوى الوجه المرّ لخفة الدم الحقيقية التي يلمسه أي صحافي يحاور سكان قرى الجنوب. فمن يقابل الحاج محمد حسن صولي وزوجته يكاد ينسى سؤالهم عن أهوال ما عاشوه في صمودهم خلال فترة العدوان ليكتفي بمراقبة طرافة سلوكهما وعلاقتهما.

تنتصر الضحكة...

يتكلّمان في الوقت ذاته. تحت العريشة التي تظلل المصطبة يجلسان. ترى الكاميرا فتكتم ضحكة وهي تناكفه: «بكّل زرّ القميص، رح تتصوّر». لا يعطي أحدهما فرصة للآخر للكلام ولا يتذمران من ذلك. وكأنهما معتادان على هذا الأسلوب. تناقض جمله جملها فتناقشه في بعضها وتتجاهل المفارقات في بعضها الآخر. يحكيان كيف عاشا في الإسطبل خلال الحرب لأنه أكثر أماناً من المنزل. وكيف هربت بقرات محمد مبارك «وإجوا يطلّوا عليهن من الشبّاك». كيف كانا يتشبثان بالجدران ويعجزان بسنيهما السبعين عن الانبطاح أرضاً مع كل غارة تفتك بالقرية فيضحكان على «العمر وسنيه». تحصي على أصابعها الشباب الذين استشهدوا، «حرقة قلبها على شباب عباس» و«حسرتها» على الحاج قاسم حزوري الذي مات وحيداً في بيته. يصرخ بها: «ولك نسيتي حسين». فتعيد الحسبة من الأول. يصرّان على النزول بنا إلى الإسطبل حيث اختبآ خلال الحرب. تنزل الدّرج مستندة إلى عكازها وتتمتم: «بعدني أقوى منّه للحاج». لكنها سرعان ما تتراجع، وكأنها لعبة في أساس تعاملهما، تعتمد على الممازحة لكن تحتفظ بجوائز الترضية دائماً، فتستدرك: «ما تزعلش عم بمزح معاك.» وتهمس: «ما فيّي ليه، لما يطلع صوته عليي ببطّل أتنفّس. المرا بتضلّ مرا مهما مزحت مع الرّجال».
في الطيبة الكثير من الشهداء والكثير من البيوت المدمّرة، لكنّ فيها أيضاً، كجميع قرى الجنوب، أهاليَ يحبّون الحياة، ويعيشونها، سلماً كانت أو حرباً، ببساطة شمس تسطع أو تغيب.





داني الأمين

...بعدما فشل في التقدّم إليها

يعرف شباب «حزب الله» جيداً، الأهمية الاستراتيجية والرمزية لبلدة الطيبة. فهي من أكبر بلدات قضاء مرجعيون، وتعد السوق المركزية للقرى المحيطة بها. تطلّ على نهر الليطاني الذي يقع في أسفل الوادي، على بعد عشرات الأمتار شمالي البلدة. أي أكثر المناطق قرباً من الليطاني لجهة فلسطين المحتلة. وتعلو البلدةَ تلّة «المشروع» الذي تجرّ منه مياه الليطاني إلى الكثير من القرى والبلدات الجنوبية وكان يشكّل موقعاً عسكرياً مهماً لقوات الاحتلال طيلة فترة وجوده في المنطقة.
كان المقاومون يتوقعون أن يحاول الجيش الإسرائيلي الوصول الى موقع «المشروع» للتمركز فيه والسيطرة على الأودية المجاورة التي قد تتيح له كشف الكثير من مرابض الصواريخ في القرى والبلدات القريبة والبعيدة التي تدنو بارتفاعها عن الموقع. استعدوا جيداً، أعدّوا الكمائن ورصدوا حركة الجنود الصهاينة منتظرين لحظة الالتحام التي تأخرت حتى الأسبوع الثالث من بدء الحرب.
ففي اليوم الثالث والعشرين للحرب، تقدمت أول مجموعة مشاة من لواء غولاني باتجاه الطيبة، وسلكت أقرب طريق يوصل الى المشروع: من وادي هونين إلى الحدود عَبَر الجنود المشاة إلى الطريق العام المؤدية الى بلدة عديسة، وسلكوا طريقاً ترابية قصيرة، لا يزيد طولها على كيلومتر واحد. دخلوا منزلاً في حي العَمرة، على حدود الطيبة، القريب من موقع المشروع، وعمدوا الى تمشيط المكان جيداً.
كان عددهم يزيد على أربعين جندياً. تمركزوا في محيط المنزل، ودخل خمسة عشر جندياً منهم إليه، متّخذين منه موقعاً أولياً، على اعتقاد أنهم سيكملون زحفهم.
في الجانب الآخر لجهة الطيبة، كان المقاومون يرصدون حركة الجنود بدقة. أعدّوا ثلاث مجموعات عسكرية، مجهزة بالأسلحة اللاّزمة، وفق خطة تكتيكية منظمة. وتموضعوا قريباً من المكان بعد أن تركوا الجنود الاسرائيليين يتقدمون للوصول الى حيث ينتظرونهم.
يقول أحد المشاركين في الهجوم «كان الإسرائيليون يتحرّكون داخل المنزل بشكل ظاهر للعيان، وكان من بينهم جندي يحمل منظاره العسكري ويرصد المكان من نافذة المنزل، لكنه لا يرى شيئاً. فأبلغنا القيادة العسكرية بدقة الهدف. وصل الأمر إلينا بتنفيذ الهجوم. فأطلق أحدنا قذيفة (ب 7) باتجاه الجندي فأصابته إصابة مباشرة، وانفجرت داخل المنزل. وبدأت مجموعات المقاومة الثلاث تطلق نيرانها على المنزل والجنود المحيطين به بشكل منّسق وعنيف».
يتابع المقاوم «تقدّم أحد شبان المجموعة المهاجمة الى داخل المنزل للالتحام مع الجنود. دخل المنزل بسرعة وجرأة فائقتين، بعد تغطية محكمة من الإسناد الناري. كان استشهادياً جريئاً، دخل المنزل، رغم أنه كان محاطاً بعشرات الجنود الصهاينة، وبدأ بإطلاق النار إلى الداخل مع رمي القنابل اليدوية، متنقلاً من مكان إلى آخر ومن شرفة الى أخرى».
ويؤكد محدثنا أن المقاوم الاستشهادي شوهد يصعد سلّم المنزل الخارجي إلى الطابق العلوي، وكان الجنود الإسرائيليون في الخارج يطلقون الرصاص عليه من دون أن يستطيعوا إصابته. وبعد أن أنهى مهمّته حاول الاختباء في أحد الأماكن القريبة، لكن طرف رجله كان خارج مكان الاختباء من دون أن يدري، فأصيب بالرصاص. واستغرق انسحابه من المكان ثلاثة أيام دخل بعدها إلى الطابق الأرضي لأحد المنازل القريبة، الذي كان في الطابق العلوي منه عدد من الجنود الاسرائيليين ما جعله يبقى مختبئاً في المكان من دون طعام الى ما بعد وقف الأعمال الحربية، لكنه الآن حيّ يرزق.
وينقل المجاهد عن الجريح قوله «هذا العدو خيّب ظني كثيراً، فعند دخولي المنزل امتنع الجميع عن مواجهتي، حاول بعضهم إطلاق النار باتجاهي بخوف ومن دون تسديد، فأنجزت مهمتي وانسحبت بسهولة».
اعترف العدو بالهجوم وبسقوط 13 جندياً بين قتيل وجريح. وبعد الحرب شاهد الأهالي الدماء تملأ أرض المنزل حتى إن جدرانه كانت ملطخة بالدماء، ما يدلّ على الاصابات الكثيرة في صفوف
العدو.
يرى المقاوم أن هذا الكمين منع العدو من الدخول الى البلدة واحتلالها، وأثّر سلباً على معنويات الجنود الإسرائيليين، وخصوصاً بعد تدمير العديد من دبابات الميركافا وجرافاتها. فقد بلغ عدد دبابات الميركافا المدمرة في الطيبة ومحيطها في العديسة ووادي الحجير والغندورية 38 دبابة، باعترافات الجيش الاسرائيلي نفسه، ولم يسقط في مواجهة الطيبة هذه أي شهيد للمقاومة، حتى إن الجريح استطاع الانسحاب من المعركة.
وكعادته عمد الجيش الإسرائيلي الى الانتقام من الأهالي، فأغارت طائراته على أحياء البلدة السكنية مدمّرة أكثر من 150 منزلاً تدميراً كاملاً، وملحقة أضراراً بنحو 350 منزلاً إضافة إلى ثانوية البلدة ومدرستيها الرسمية والخاصة.




حدث في 4 آب

ارتكبت إسرائيل مجزرتين في بلدتي القاع والطيبة راح ضحيتهما أكثر من 50 مواطناً لبنانياً، إضافة إلى «مجزرة جسور» بين غزير في كسروان والمدفون عند مدخل محافظة الشمال، مروراً بالفيدار والمعاملتين، ما أدى إلى قطع الممر الوحيد للمساعدات الإنسانية القادمة الى النازحين في جبل لبنان وبيروت وبعض مناطق الجنوب، ما استدعى إعلان المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي والمفوضية الاوروبية عن انتكاسة كبرى أصابت أعمال الإغاثة. كذلك استهدفت مجمّع سيد الأوصياء في الضاحيةالجنوبية بـ19 غارة.
في هذا الوقت كان شباب المقاومة يخوضون مواجهات قاسية مع العدو على أربعة محاور هي: الطيبة، مركبا، عيتا الشعب والجبين. فيما استهدفت صواريخ المقاومة العمق الإسرائيلي، حيث سقط ثلاثة صواريخ «خيبر ـــــ1» على مدينة الخضيرة التي تبعد 75 كيلومتراً من الحدود مع لبنان، وتفصلها مسافة 25 كيلومتراً تقريباً عن تل أبيب. سياسياً أعلنت وزارة الخارجية المصرية أن وزراء الخارجية العرب سيعقدون اجتماعاً طارئاً في بيروت في 7 آب لبحث سبل وقف العدوان الإسرائيلي بدعوة من وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل.
أما وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس فقد انتقدت في مقابلة إذاعية الانتقادات التي وجّهها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان حول قانا ومراقبي الأمم المتحدة «لأنها لم تكن مناسبة وصيغت بشكل سيئ».