• يريــــدون حربــــاً مع ســــوريا وعملــــوا خــــلال حــــرب تمــــوز على ضربهــــا من خــلال إسـرائيل

  • أكد الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله
    أن لبنان هو خيار «حزب الله»، و«أننا نريد حكومة أمن قومي لبناني لا أميركي»، مؤكداً القبول بالحوار «حول سلاح المقاومة، لا الميليشيا، ضمن إطار استراتيجية دفاعية ولا نريد الاحتفاظ بهذه المسؤولية الى الأبد». واتهم «البعض بأنه يخجل من التحالف مع حزب المقاومة التي تقاتل إسرائيل، ولا يخجل ممن تحالفوا مع إسرائيل»، والحكومة بـ«التنصّل من معركة الدفاع عن لبنان، لكنها توفّر الأموال من أجل زجّ الجيش في معركة لا أحد معني بحسمها». وأكد «أننا حاضرون لتسوية في الداخل، بمعزل عما يجري في فلسطين والعراق. لكن، هل سادتهم الأميركيون يسمحون لهم بذلك؟»

    في كلمة متلفزة له بثّت عبر شاشات كبيرة أمام جموع أتت من كل مناطق البقاع الى مدينة بعلبك، استهلّ نصر الله كلمته بتوجيه المباركة للحضور بالانتصارات التي «سجّلت وستسجّل في تاريخ البشرية»، ليكمل حديثه عن منطقة البقاع «المجاهدة والمقاومة خلال حرب تموز» في إطار ثلاثة محاور: موقعها في حرب تموز «لإعطائها بعضاً من حقها»، موقعها في الوطن، و«موقعها وموقعنا جميعاً» في الوطن.
    في المحور الأول، أشار الى أن هذه المنطقة «أرسلت خيرة شبابها الى الجبهة، ولم تبخل بالرجال ولا بالسلاح والمؤن، رغم ظروفها الصعبة»، فـ«قاتل أبناؤها في الخطوط الأمامية»، وحال انتهاء الحرب «عادوا الى قراهم ومدنهم، وتمسّكوا بالخط والخيار ولم يندموا على وفائهم وتضحياتهم، رغم الخسائر وصعوبة العيش»، فـ«كانت هذه المنطقة شريكاً في صنع الانتصار والخيار الاستراتيجي للعرب ولبنان والأمة».
    وإذ أشار الى أن ما قدّمته منطقة بعلبك ـــــ الهرمل صبّ في خانة «موقعها الطبيعي في المعركة»، إذ «كانت أول من استجاب لنداء القائد موسى الصدر حين دعا الى تأسيس المقاومة»، لفت نصر الله الى أن أبناءها كانوا «شركاء في صناعة المقاومة حتى عام 2000، وفي انطلاقتها واحتضانها حتى عام 2006»، مضيفاً: «أريد أن أشرح للعالم الذي يسمعني أن هذه منطقتكم كانت أخاً وجاراً وفياً للجنوب المتألّم المجروح والمنتصر»، و«المقاومة تعرفكم وتعرف شهداءكم، وتعرف أنكم قدّمتم الدماء ولن تبيعوا جهادكم بالدراهم والدنانير».
    وتعليقاً على «سخافة» الصهاينة الذين علّلوا بعض إنزالاتهم في البقاع باستهداف مقاتلي المقاومة، قال: «مقاتلو حزب الله البقاعيون كانوا على حدودكم، وعجزتم عن المسّ بهم»،
    وإذ لفت الى أن «حزب الله» يتصرّف مع منطقة بعلبك ـــــ الهرمل على أساس أنها «خزّان المقاومة»، أكّد أنها «تحوّلت الى خط أمامي»، إذ «نجح الصهاينة في الوصول الى أرضها، لكن لم يحصلوا سوى على الفشل الأمني والمعنوي والإعلامي».
    وفي المحورين الثاني والثالث، قدّم جردة حساب سريعة لأوضاع هذه المنطقة، منذ ما قبل دولة الاستقلال، فلفت الى أنها «منطقة محرومة»، فيما «لم يكن هناك خيار سياسي»، عازياً سبب حرمانها الى «عقلية السلطة اللبنانية، منذ قيام دولة لبنان الكبير، التي لا تعترف بالأطراف»، بعيداً عن «الخيار السياسي أو المذهبي».
    وتساءل عن الإنماء المتوازن، منذ اتفاق الطائف، و«أغلب الفريق الموجود في السلطة كان موجوداً في الحكومات المتعاقبة»، وعن الهيئات اللامركزية مذكّراً بأن «حزب الله» بذل جهداً لـ«جعل بعلبك ـــــ الهرمل محافظة، وكذلك عكار. ونجحنا في اتخاذ القرار، لكنه لم ينفّذ»، مختصراً مشاكل المنطقة بالقول: «لا هيئات لامركزية، وأموال الضرائب العائدة للبلديات يسيطر عليها عقل إدارة بنك، عقل جباية، إدارة شركات مالية ضخمة، وعقل يرى الباطون المسلّح قبل الناس»، و«لا حياة لمن تنادي».
    وذكّر بأن هدف «حزب الله» من خلال المشاركة في الحكومة كان «الدفاع عن الخيارات السياسية»، لافتاً الى أنه «كلما اتخذنا موقع الدفاع، نتهم بأننا نريد تخريب البلد»، محذّراً من أن «هناك من يريد تهريب البلد، مثل المحكمة التي يريدون عبرها أخذ البلد».
    وفي هذا الصدد، أكّد أن المعارضة «ستواصل النضال السياسي من أجل التغيير، ومن أجل سلطة ترى اللبنانيين كلهم بعين واحدة»، إذ «نحن لا نبحث عن سيطرة على حكومة أو دولة. نحن نريد دولة تحفظ لبنان، ونبحث عن التضامن والعيش المشترك، ولا نحمل تقسيم لبنان»، فيما أميركا «تدفع فريقاً للاستئثار، والمحصّلة هي مزيد من التأزّم الداخلي. كما تستخدم كل الوسائل لضرب المعارضة وحماية فريقها في السلطة»، مؤكّداً أن لبنان «لا ينهض إلا بالتعاون والوحدة»، فـ«تعالوا لنطبّق اتفاق الطائف الذي لا يرى فيه البعض إلا نزع سلاح حزب الله».
    وفي إطار دعوته الى تطبيق اتفاق الطائف، أشار نصر الله الى أن الحوار حول سلاح المقاومة «لا الميليشيا» يتمّ ضمن «إطار استراتيجية دفاعية، لا على طاولة حوار قبل تشكيل حكومة وحدة وطنية. ونحن جاهزون للالتزام»، و«لا نريد الاحتفاظ بهذه المسؤولية الى الأبد»، مضيفاً: «سنكون سعداء إذا ناقشنا، ولم يكن هناك منطق ضد منطق وحجّة ضد حجّة. لكن الردّ كان حرب تموز 2006، لأنهم ليسوا قادرين على مواجهة طرحنا وحجّتنا بالحوار والمنطق».
    وفي هذا الصدد، أردف نصر الله: «لكن ماذا ستفعلون بالمناطق المهملة التي تسلبونها أبسط حقوقها، كالهرمل»، ورأى أن المشكلة تكمن في «الأولويات وطريقة التعاطي»، مطالباً بـ«حكومة: تدير دولة لا بنكاً، تتحمّل المسؤوليات، تشعر بالناس وتوازي بالحقوق والواجبات».
    وردّاً على الانتقادات التي يوجّهها فريق 14 شباط لـ«التيار الوطني الحرّ» في شأن تحالفه مع «حزب الله»، الى حدّ اعتبار قول أحدهم: «معركة الانتخابات يجب أن ينتصر فيها ميشال نصر الله»، رأى أن «ذنب التيارات المسيحية هو أنها تفاهمت مع حزب الله، وتسعى الى خيارات وطنية حقيقية».
    وفي هذا الإطار، خصّ نصر الله المسيحيين بجملة أسئلة: «هل هدم حزب الله قراكم وكنائسكم وقتل أولادكم ويمنعكم من العودة؟.. ألم تروا كيف تصرّف حزب الله عام 2000؟ هل دمّرنا وغيّرنا ديموغرافياً؟»، مشيراً الى أن «البعض يخجل من التحالف مع حزب المقاومة التي تقاتل إسرائيل، ولا يخجل ممن تحالفوا مع إسرائيل». وإذ خصّ الجيش اللبناني بتحية و«هو شريكنا في الانتصار»، تساءل: «هل حزب الله هو من أضعف مؤسّسة الجيش»، داعياً الى ضرورة «التفكير بموضوعية وحكمة»، من بوابة التذكير بأنه «في أيلول عام 1993، أطلق الجيش الرصاص على صدورنا، وسقط لنا شهداء، ورفضنا أن نقاتله، لأننا اعتبرنا أن من أعطاه الأوامر أراد إحداث فتنة بيننا وبينه»، فـ«نظرتنا تختلف عن نظرة من يريد زجّ الجيش في حروب. نحن حريصون عليه من أجل سلم لبنان واستقراره، وهذا هو خيارنا الوطني الذي لا يختلف مع هويتنا العربية والإسلامية». وفي المقابل، «هم نسوا كل هذا، ويريدون حرباً مع سوريا، وعملوا خلال حرب تموز على ضربها من خلال إسرائيل».
    ومؤكّداً أن «لبنان هو خيار حزب الله»، لفت الى أن «لا شيء يساوي في الدنيا قطرة دم من دماء الشهداء، ومن دماء آل الموسوي، أو أي امرأة أو رجل لبناني»، لكن «هي الكرامة والحرية والاستقلال. قد نتسامح فترة من الزمن مع من يريد تجويعنا، لكننا قدّمنا الدماء من أجل كرامتنا وعزّتنا».
    وفي شأن ما يشاع ويذاع عن أن «حزب الله» يعمل بأجندة سورية ـــــ إيرانية، قال: «تحدّيتهم أن يقولوا إن حزب الله عمل أي شيء لمصلحة سوريا وإيران، ونتحدّاهم في نشر جلسات مجلس الوزراء»، لافتاً الى أن الرئيس الأميركي جورج بوش «يحاول المستحيل من أجل الفريق الآخر، ويقول إن حكومة (رئيس الحكومة فؤاد) السنيورة جزء من الأمن القومي الأميركي»، وسفير بلاده جيفري فيلتمان «يقول: لا ثلث ضامناً».
    وفي مقابل التصريحات الأميركية، طالب نصر الله بـ«حكومة أمن قومي لبناني، لا أميركي»، لأن «الحكومة الحالية تتنصّل من معركة الدفاع عن لبنان، لكنها توفّر الأموال من أجل زجّ الجيش في معركة لا أحد معني بحسمها»، داعياً الى ضرورة «أن لا يكون لبنان جزءاً من خطة أميركا في المنطقة».
    وختم نصر الله كلمته بالدعوة الى أهمية «وضع خيار وطني»، قائلاً: «نحن حاضرون لتسوية في الداخل، بمعزل عما يجري في فلسطين والعراق. لكن، هل سادتهم الأميركيون يسمحون لهم بذلك؟».