نهر البارد ــ نزيه الصديق
أوحت العمليات العسكرية «النوعية» التي نفّذها الجيش يوم امس في مخيم نهر البارد، والتي أحرز فيها «تقدماً ملموساً وملحوظاً» حسب ما أشار مصدر عسكري لـ«الأخبار»، أن أوان ساعة حسم المعركة لم يعد بعيداً، بعدما أحدث نبأ مقتل الرجل الثاني في تنظيم «فتح الإسلام» شهاب قدور «ابو هريرة» إرباكا وتضعضعاً في صفوف المسلحين، اضافة الى الحديث عن معاودة رابطة علماء فلسطين احياء مبادرتها، المرتكزة على حل التنظيم، وتسليم أفراده انفسهم وأسلحتهم للجيش، وهو ما يبدو أن المسلحين وافقوا عليه، حسب ما أشار اليه رئيس الرابطة الشيخ مصطفى داود في تصريح لقناة «الجزيرة» القطرية.
وكان الجيش قد واصل امس قصفه العنيف، خصوصاً في فترة بعد الظهر، لمواقع المسلحين داخل المربع الامني في المخيم القديم، بمعدل وصل الى نحو خمس قذائف في الدقيقة الواحدة، خصوصاً على احياء سعسع والغوارنة والدامون والبروة، فيما دارت اشتباكات عنيفة في مثلث مركز ناجي العلي الطبي ـــــ التعاونية ــــــ مستوصف الشفاء، استخدمت فيها مختلف انواع الاسلحة.
وكانت اشتباكات عنيفة قد دارت في عمق المخيم وعند مدخل السوق، بعدما حاول عدد من المسلحين التسلل، اضافة الى استخدامهم رصاص القنص بغزارة، مستهدفين مواقع الجيش والقرى المجاورة في بحنين والمنية والمحمرة وببنين، وإطلاق قذائف الهاون باتجاه شاطئ العبدة، الأمر الذي أدى الى سقوط شهيدين في صفوف الجيش، وإصابة عشرة بجروح، ستة منهم جروحهم خطرة، ونقلوا الى مستشفيات بيروت للمعالجة بواسطة طوافات عسكرية.
ونعت مديرية التوجيه في قيادة الجيش، كلاً من المعاون ريمون توفيق عيسى من الشيخ طابا ـــــ عكار، والعريف عباس محمد علي فواز من العباسية ـــــ صور. ولقد شيّعا في بلدتيهما، أمس، بمواكبة عسكرية وشعبية حاشدة.
غير أن التقدم المهم للجيش تمثل امس في تدميره واستيلائه على عدد من المخابئ والملاجئ والأنفاق التي يستخدمها المسلحون، ومخازن اسلحة عثر فيها على كميات من الاسلحة والذخائر والمعدّات ومبالغ مالية، خصوصاً في محيط سعسع وخلف السوق من جهة ملحمة العارف.
وترافق ذلك مع تفجير الجيش الابنية التي يسيطر عليها وتهديمها، والواقعة على اطراف المربع الامني الذي اصبح مكشوفاً أكثر أمام الجيش، خصوصاً بعدما دمر الجيش يوم أمس ثلاثة ابنية ضخمة، وواصل بعدها عملية تنظيف المنطقة من الألغام والفخاخ، بعدما وسّع رقعة انتشاره العسكرية في المخيم.
في موازاة ذلك، كان الجيش يعزز مواقعه داخل المخيم وعلى اطرافه، وشوهدت الشاحنات المحملة بالدشم وأكياس الرمل وهي تدخل الى عمق المخيم، بعدما أشارت مصادر عسكرية الى أن الجيش أحدث اختراقاً فعلياً على المحور الشمالي ـــــ الغربي.
ومساءً افيد عن سقوط 6 صواريخ كاتيوشا على بلدتي مرلية ملحم وتل حياة، واقتصرت الاضرار على الماديات.
وتزامن ذلك مع الحديث عن معاودة «رابطة علماء فلسطين» إحياء مبادرتها، «في ضوء المعطيات الجديدة»، حسبما أشار لـ«الأخبار» الشيخ محمد الحاج، الذي اوضح أنه «جرت اتصالات مع قيادة الجيش في هذا الخصوص»، لافتاً إلى أن الرابطة كانت قد أكدت سابقاً أنها «لم تلتق بأي من قادة «فتح الاسلام» خلال الزيارات الاخيرة الى داخل المخيم، وإننا لم نلتق سوى القائدين شاهين شاهين وناصر اسماعيل، وأن مقتل أبو هريرة جاء ليؤكد كلامنا، وعلى هذا الاساس طلبنا من الجيش منحنا الفرصة مجدداً، للدخول الى المخيم والاتصال بمن بقي من المسلحين عبر مكبرات الصوت، من اجل إنهاء الأزمة بسرعة، للحفاظ على افراد الجيش الذي نحرص عليه، ولأن الاستمرار في المعركة هو استنزاف لقدراته، اضافة إلى محاولة إنقاذ من بقي من المدنيين داخله، خصوصاً عوائل المسلحين».