بسام القنطار
يمكن الجزم، أن ما يزيد على 95% من الذين غصّت بهم نقابة الصحافة أمس لم يقرأوا تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنون «مدنيون تحت الهجوم». التفاصيل الواردة في التقرير لا تعنيهم كثيراً. إنهم ببساطة مقاومون مدنيون يرفضون المس بالمقاومين الميدانيين، وبعضهم ضحايا مدنيون لهجوم أشد قساوة

رغم أن موسيقى «كلنا للوطن» كانت تصدح في قاعة نقابة الصحافة معلنةً بدء «اللقاء الوطني التضامني لدعم حق المقاومة بالدفاع عن أهلها وشعبها».إلا أن أبو محمد حسين شكر كان مشغولاً في تعليق لافتة كبيرة على الحائط الأيسر من قاعة النقابة التي غصت بما يزيد على 250 شخصاً أكثرهم من الجرحى والأسرى المحررين وعوائل لشهداء سقطوا خلال عدوان تموز 2006.
لافتة أبو محمد ليست مثل كل اللافتات التي تغص بها شوارعنا هذه الأيام، إنها ما بقي له من ذكرى عائلته التي أبيدت، ويتربع في أرجائها صور أبنائه الأربعة وزوجته الذين استشهدوا بهجمات صاروخية إسرائيلية شديدة الدقة ولم تخطئ أهدافها في بلدة النبي شيت البقاعية.
أبو محمد اقسم أمس على أن يحاكم مجرمي الحرب الذين تسببوا بمقتل عائلته، مشيراً بيده إلى اللافتة الأخرى التي علّقها في القاعة وتحمل صوراً للرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مع عبارة «مكانكم الطبيعي السجن».
كلمات أبو محمد الانفعالية والعاطفية كانت أصدق الكلمات وأكثرها قدرة على التعبير عن السخط الذي ادخله تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى قلوب العشرات من أهالي ضحايا عدوان تموز، الذين احتلوا الجزء الأكبر من المقاعد، وبعضهم فقد نظره أو يديه أو قدميه جرّاء القصف الصاروخي الإسرائيلي والقنابل العنقودية.
لقاء أمس، الذي تضمن 15 مداخلة، كان مناسبة سياسية وأهلية وإنسانية لاستنكار خطوة المنظمة المتمثلة بمحاولة عقد مؤتمر صحافي لإطلاق تقريرها المعنون «مدنيون تحت الهجوم: هجمات حزب الله الصاروخية على إسرائيل أثناء حرب 2006».
أول المتحدثين كان نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي الذي رأى أن التقرير يهدف إلى تشويه صورة حزب الله في العالمين العربي والإسلامي، مطالباً بأوسع حملة تضامنية مع المقاومة.
أما الوزير عصام نعمان، فحيّا المقاومة المدنية التي انتصرت للمقاومة الميدانية، محملاً الفريق الحاكم مسؤولية تجرؤ المنظمة الأميركية على القدوم إلى لبنان وارتكاب فعلتها النكراء.
النائب نوار الساحلي اقترح أن «يستبدل اسم المنظمة من «Human Rights Watch» إلى «Human Right don’t Watch» مؤكداً أن المقاومة هي رد فعل على العدوان الإسرائيلي ونشاطها دفاعي لا هجومي».
النائب السابق زاهر الخطيب أكد أنه من رابع المستحيلات أن يعود لبنان إلى ما قبل عام 2006، وأن لبنان سيبقى ممانعاً وسيبقى يحمل القيم المقاومة ثقافة وسلوكاً ونهجاً.
كلمة المنظمات الشبابية والطلابية ألقاها مسؤول الطلاب في الحزب السوري القومي الاجتماعي صبحي ياغي، فأشار إلى أن المقاومة أسرت جنوداً صهاينة وهي لم تأسر مدنيين، وحق المقاومة أن تأسر جنوداً للعدو الذي يحتل الأرض ويأسر مواطنينا. وأضاف «الطيران الإسرائيلي يطلب من الأهالي مغادرة القرى والبلدات ثم يحوّل قوافلهم إلى أشلاء من مروحين إلى غيرها». وسأل: «هل المطلوب أن يقتل أهلنا ويذبحوا، وألا تقوم المقاومة بواجبها في الدفاع عن أهلها وشعبها؟».
كلمة تجمع العلماء المسلمين ألقاها الشيخ مصطفى ملص الذي أعلن باسم جميع العلماء المسلمين في لبنان إدانة التقرير واعتباره إمعاناً في العدوان وتغطية للجريمة الاميركية ـــــ الإسرائيلية.
عضو المجلس الوطني للإعلام غالب قنديل، أكد أن القوى الأهلية أسقطت خرقاً إسرائيلياً جديداً يضاف إلى سلسلة من الخروق التي منها مجيء الصحافية الإسرائيلية إلى لبنان. وشدد قنديل على ضرورة التأكيد على مضمون تفاهم نيسان الذي أعطى الحق للمقاومة بإطلاق الصواريخ رداً على أي هجوم إسرائيلي يستهدف لبنان.
النائب مروان فارس عدد الأنشطة التي تقوم بها لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، مشيراً إلى أن خطوة المنظمة هي اعتداء على لبنان كل لبنان.
المحامية مي الخنساء دعت المقاومين القانونيين إلى التحرك السريع، وعرضت الخطوة القانونية التي أقدمت عليها صباح أمس عبر «تقديم شكوى إلى النيابة العامة التمييزية معطوفة على كتاب الإخبار المقدم ضد منظمة هيومن رايتس ووتش، وتضمنت الشكوى مطالبة بملاحقة المدعى عليه نديم حوري وجاسر عبد الرزاق لتعاونهما مع المنظمة».
رئيس الجمعية اللبنانية للأسرى والمحررين عطا الله حمود قال: «وأخيراً لملمت المنظمة الأميركية أوراقها الصهيونية بعد أن عرفت أن لا مكان لها بين الشرفاء والأحرار، وأن لا صوت يعلو فوق صوت المقاومة التي حررت الأرض والإنسان في هذا الوطن».
كذلك تضمن اللقاء كلمات لكل من الشيخ محمد زغموت والمحامي سليمان فرنجية باسم تيار المردة، والنقابي محمد قاسم.
وفي سياق متصل دان الأمين العام لكتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل في بيان أمس «الانحياز السافر والتوقيت المشبوه لتحرك منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيروت، وهي التي دأبت في تقاريرها السابقة على إسقاط مصطلح المقاومة من تقاريرها فاستبدلته بمصطلح مجموعات مسلحة، لتسقط بذلك حقاً قانونياً دولياً أساسياً، نصت عليه مواثيق الأمم المتحدة، وهو حق مقاومة الشعوب إذا احتُلّت أراضيها».
وصدرت مواقف مستنكرة لكل من: رئيس حزب الإصلاح الجمهوري شارل الشدياق، حركة الناصريين المستقلين (المرابطون)، رئيس ندوة العمل الوطني عبد الحميد فاخوري، النائب السابق بهاء الدين عيتاني، الحركة العالمية لمناهضة العولمة والهيمنة الأميركية والصهيونية، جمعية أبناء الوطن الاجتماعية (أوج) ورئيس تجمع شباب بيروت مصطفى الحسن.




لقطات

◄ عبّر الأسير المحرر أحمد طالب عن سخريته من اعتبار التقرير أن اتخاذ حزب الله الرهائن ينتهك القانون الإنساني في الوقت الذي بقي هو مع 17 لبنانياً آخر رهن «الاحتجاز الإداري» لمدة 15 عاماً في السجون الإسرائيلية من دون محاكمة، ولم يسمع يوماً أن منظمة «هيومن رايتس ووتش» اعتبرت أن احتجازه كرهينة لأغراض المساومة ينتهك القانون الإنساني.

◄ لوحظ أن النقيب محمد بعلبكي لم يشارك في اللقاء، على غرار عادته في اللقاءات التي تعقد في النقابة وتحظى بهذا القدر من الاهتمام الإعلامي والمشاركة الشعبية.

◄ لوحظ أن أحد النواب الذين نشطوا في الفترة السابقة في توثيق انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان خلال عدوان تموز، لم يشارك في اللقاء رغم إلحاح المنظّمين.

◄ لم يحظ اللقاء بالاهتمام من قبل الإعلام الدولي، عدا عن أن الوكالة الوطنية للإعلام لم تنشر أي كلمة تتعلق به.