لم يخل كلام خطباء الجمعة، أمس، من التنبيه إلى خطورة الطروحات التقسيمية، مشدّداً على ضرورة إمرار الاستحقاق الرئاسي بالتوافق لتأليف حكومة تجمع اللبنانيين حول مشروع الدولة القادرة.فقد رأى المرجع السيد محمد حسين فضل الله أن الواقع اللبناني الذي «يتمظهر بمظهر الخصوصيات الطائفية ويبتعد عن القيم الأخلاقية والإنسانية»، يدلّ على أن اللبنانيين «فقدوا الانتماء إلى الوطن، واستغرقوا في الانتماء إلى الطائفة من جهة، وإلى الخطوط الإقليمية والدولية من جهة أخرى»، بحيث «ينسى الناس، أمام العصبيات الانفعالية، قضاياهم الحيوية المصيرية، ويعيشون في الغيبوبة السياسية في ظلام المغاور والكهوف التي يصنعها الداخل والخارج، ليستمر لبنان ساحة تفتقد الضوء المستقبلي، وذلك، فضلاً عن أنها تعيش في نطاق العتمة وافتقادها للكهرباء».
ولمناسبة الذكرى السنوية الـ29 لتغييب الإمام موسى الصدر، استذكر فضل الله مزايا «الشخصية الحوارية التي انفتحت على آفاق الوطن والوحدة الوطنية والإسلامية، وعلى حوار الأديان، وكان لها الفضل الكبير في تأسيس حركة مقاومة إسرائيل»، مطالباً بـ«فضح كل الذين أسهموا في ارتكاب هذه الجريمة الكبرى، التي لا تكفي بيانات الاستنكار حيالها».
ومن وحي ذكرى تغييب الإمام الصدر، أشار نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان إلى ضرورة «حلّ رموز أحجية» هذا التغييب، قائلاً للرئيس الليبي معمّر القذافي: «نحن لا نحقد عليك، وليس لنا عداوة معك، نحن نريد منك الإمام الصدر ورفيقيه».
وتطرّق قبلان إلى قضية توقيف الضبّاط الأربعة، وتساءل: «لماذا التعتيم على سجنهم؟»، مطالباً بـ«بتعيين قاضٍ بدل القاضي الذي خرج، حتى يعجّل في محاكمتهم»، فـ«إما معاقبتهم، أو تبرئتهم».
ومن بوابة أحداث مخيم نهر البارد، التي طالب حيالها الدولة والسياسيين بـ«أن ينصفوا ويحسنوا ويكونوا عند حسن ظن الناس»، جدّد قبلان مطالبته بضرورة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والتوافق على الرئيس الجديد للجمهورية.
من جهته، لفت رئيس «هيئة علماء جبل عامل» الشيخ عفيف النابلسي إلى أن ظروف الأزمة في لبنان «تعكس تصميماً أكيداً على وجوب انتخاب رئيس توافقي في وسعه توحيد اللبنانيين، وبناء سلطة تقوم على الشراكة الحقيقية والفعلية، وحماية المقاومة من الاغتيال الداخلي والمؤامرات الخارجية»، محذّراً من أي «خطوة تحرق البلد، وتعيده إلى مناخات الحرب الأهلية».
وأعلن مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس رفضه «تهديد المسلمين السنّة في لبنان من أي طرف كائناً من كان»، مؤكّداً أن «المسلمين اللبنانيين الشرفاء لا يمكن أن يقبلوا ببديل من مشروع الدولة، ولن يسمحوا لأصحاب الأحلام المغامرة بإسقاط هذا المشروع».
بدوره، لفت مفتي صور ومنطقتها القاضي الشيخ محمد دالي بلطة إلى أن النظام الديموقراطي والتزام الدستور «يؤدّيان إلى استقرار البلاد وازدهارها، ويحولان دون النزاعات بين السياسيين والأفرقاء في البلد الواحد»، مشيراً إلى أن «خضوع الأقلية للأكثرية يبقى أقل كلفة من خراب البلد».
ونبّه مفتي بعلبك ـــــ الهرمل الشيخ خالد الصلح إلى أن أي طرح للتقسيم أو التلويح به «يجرّ البلد إلى الحرب الأهلية»، مجدّداً الدعوة إلى «التلاقي والحوار».
(الأخبار, وطنية)