لا يمكن عون أن يخلي الساحة المتنية تحت أي ضغط أو اعتبار فهل يحمل الطعن اسم مرشحه؟
تتسارع المتغيرات على الساحة المتنية الشمالية لجهة صورة انتخاباتها الفرعية المرتقبة في 5 آب المقبل، وفق الروزنامة التي حددتها الحكومة القائمة. وسجلت في الساعات الأخيرة تطورات قد تقلب اتجاه الاستحقاق رأساً على عقب، وقد تعيد هذه الدائرة الانتخابية إلى مناخ من التنافس الساخن الذي يختزل المشهد المسيحي برمته، لا بل اللبناني العام. وفي طليعة هذه التطورات المستجدة، العوامل الآتية:
1ــــ تعرّض مسيحيي السلطة لسلسلة نكسات متتالية، بدأت مع أحداث نهر البارد في 20 أيار الماضي، واستمرت مع هفوات الفريق الحكومي الأخيرة، في مسألة عطلة يوم الجمعة العظيمة، ومعاهدة حقوق الطفل في الإسلام والمواجهة العلنية مع بيان مجلس المطارنة الموارنة الأخير.
ولم يتمكن فريق مسيحيي السلطة من النأي بنفسه عن هذه الأخطاء، وخصوصاً بعد اللغط الكبير الذي دار حول علاقة حلفائه بالتنظيمات السنية التكفيرية، وبالأخص بعدما عجز عن التعويض في الأداء اليومي والتشغيلي للحكومة، وهذا ما ترجم سلسلة إطلالات إعلامية مكثفة، كانت نتيجتها زيادة الضرر وتعميق الأذى، حتى باتت رائجة الطرفة القائلة إن مسيحيي السلطة باتوا مثل بطاقات الهاتف المدفوعة سلفاً، كلما استعملت للتكلّم، انخفضت نقاط رصيدها.
2ــــ بروز اتجاه راجح داخل التيار الوطني الحر يدعو إلى عدم ترك الاستحقاق الانتخابي الفرعي. وأكد مطلعون أن مداولات حصلت داخل التيار، وداخل تكتل التغيير والإصلاح، ومع الحلفاء، وركزت على أنه لا يمكن ميشال عون أن يخلي الساحة المتنية تحت أي ضغط أو اعتبار. لا، بل ثمة مصلحة وطنية أولاً ومسيحية ثانياً، تقضي بالانخراط في هذا الاستحقاق، وخصوصاً بعد الأداء الاستئثاري للفريق الحاكم، وبعد التصرف الخارجي عن أي أصول أخلاقية، تجاه عون في الأشهر الثمانية الماضية.
وأكدت المعلومات أن الاتجاه بات راجحاً، لجعل الطعن المقدم أمام مجلس شورى الدولة، في مرسوم الدعوة إلى الانتخابات مدخلاً لخوضها، لا نافذة للخروج من استحقاقها، مضيفة أن البحث داخل التيار جار الآن، عن اسم مرشح عن المقعد الشاغر في المتن الشمالي، ليوقع الطعن المذكور بنفسه، وبالتالي يتم بذلك توفير الشرط الذي لمّح إليه النائب ميشال لمر، لجهة أن يكون الطاعن مرشحاً وذا صفة وصلاحية ومصلحة مباشرة. بعدها يتم ترقب قرار مجلس شورى الدولة لناحية الشكل وحسب، وأياً جاءت صيغته يخوض التيار المعركة، مطمئناً إلى دستورية موقفه وقانونيته، وضامناً عدم الطعن لاحقاً في فوز مرشحه أمام أي مجلس دستوري مقبل، على أساس ما سيصدر عن مجلس الشورى الآن، ومؤدياً كامل واجبه الوطني والديموقراطي والقانوني.
وتضيف المعلومات نفسها أن هذا الاتجاه بات راجحاً، على عكس كل التسريبات التي ظهرت في الأيام الماضية. وهو بلغ مرحلة اختبار اسم الطاعن ـــ المرشح، مع احتمال أن يظهر في الأيام القليلة المقبلة. وعلم أن مجموعة من الأسماء الأولية باتت موضع تداول مع أصحابها في الموضوع، وتضم نائب رئيس الرابطة المارونية السفير السابق عبد الله بو حبيب، رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي عبود، القيادي القواتي السابق مسعود الأشقر، ورئيس لجنة الأطباء في «التيار» الدكتور كميل خوري. علماً بأن البحث في المسألة يركز على استعداد كل من الأسماء المقترحة من جهة، كما على تجاوب القاعدة الحزبية معها.
3 ـــ أما ما يزكي أكثر فأكثر هذا الاتجاه فكان إنجاز استطلاع للرأي، أجري في الأيام الماضية على عينة واسعة من مواطني المتن الشمالي، ضمت 2943 مستطلعاً.
والجدير ذكره أن جميع المستطلعين من ناخبي هذه الدائرة المسيحيين، من دون سواهم، كما أن الجهة التي أجرت الاستطلاع محايدة بالكامل، والأهم أن استمارة الأسئلة كانت شاملة في المواضيع، وموقعة في التوقيت بين آراء الناس قبل التطورات الحكومية والعسكرية الأخيرة، وبعدها وصولاً إلى اليوم الذي سبق إنجاز الاستطلاع.
أما أبرز النتائج فكانت كالآتي:
ــــ 81 في المئة من المستطلعين يؤيدون المشاركة في الانتخابات الفرعية، في مقابل 15 في المئة فقط يؤيدون مقاطعتها، والباقون بلا جواب.
ــــ 43 في المئة من المستطلعين فقط يفضلون حصول الاستحقاق، على أن يحسم بالتزكية من دون مواجهة انتخابية، في مقابل 54 في المئة يفضلون التنافس الديموقراطي لتحديد التمثيل الحقيقي لأبناء الدائرة.
ــــ أما السؤال عن تأييد العيِّنة للقوى الحزبية الموجودة على أرض المتن الشمالي، فأعطى النتيجة الآتية: تيار وطني حر: 34 في المئة. كتائب 19%. قوات 11%. حلفاء التيار (المر + طاشناق) 20%. مستقلون 11 في المئة. لا جواب 5 في المئة.
ــــ عن المرشح الحزبي، من دون الدخول في هوية الاسم المقترح، الذي يؤيده المستطلعون جاءت الإجابات موزعة كالآتي: 53% لمصلحة مرشح التيار في مقابل 46% للمرشح الكتائبي، وذلك قبل عشرة أيام. لتعود النسب فتوزع بعد أسبوع على الاستمارة الأولى: 61% لمرشح التيار، و 38% للمرشح الكتائبي. علماً بأن الفارق بين الاستمارتين كان قد شهد «الهفوات» الحكومية المعروفة وسلسلة الردود المسيحية عليها، وهو ما انعكس تحولاً أكبر من شريحتي «مستقلون» و«لا جواب»، مع الملاحظة أن نتيجة الاستمارة الأولى جاءت مطابقة لنسب المؤيدين خوض الانتخابات أو تركها تزكية، وهو ما يشير إلى دقة إجابات الاستطلاع.
كما حملت الاستمارة أجوبة عن مسائل استطلاعية أخرى كثيرة. فعن المرشح الرئاسي كانت النتيجة الآتية: ميشال عون 38% ــــ أمين الجميل 22 في المئة، بطرس حرب 4,4% نسيب لحود 4,3% ــــ سمير جعجع 4,1%، دميانوس القطار 2,3%...
وعن الأداء النيابي الأفضل لنائب حالي أو ممثل: إبراهيم كنعان 54%، سليم سلهب 47%، أمين الجميل 43%، نسيب لحود 39%، إضافة إلى نسب متقاربة لمعظم الأسماء المتحالفة مع كل من هؤلاء.
هكذا تبدو الصورة المتنية متجهة مرة جديدة إلى السخونة التنافسية، والمؤشر الحاسم لذلك الطعن الجديد الذي قد يحمل المدخل إلى الاستحقاق واسم أحد أطرافه الأوفر حظوظاً.
(الأخبار)