نهر البارد ـ نزيه الصديق البدّاوي ـ عبد الكافي الصمد

خطــــط لمساعــــدة نــــازحي البــــارد... والشيكــــات لــــم تصــــل لعــــدم توقيــــع زكي عليهــــا!

استمرت الاشتباكات يوم أمس على عنفها بين الجيش اللبناني ومسلحي تنظيم فتح الإسلام في مخيم نهر البارد، بعد مرور 59 يوماً على اندلاعها، في ظل إشارات توحي أن الجيش سائر نحو حسم المعركة على الأرض، وإن استغرق الأمر بعض الوقت، نتيجة الألغام والفخاخ والمتفجرات العديدة التي زرعها المسلحون في أرجاء المخيم، فضلاً عن المقاومة الشرسة التي يبدونها في وجه تقدم الجيش.
وجرت قبل ظهر أمس واحدة من أعنف المعارك التي شهدها المخيم، وخصوصاً لجهة المحور الشرقي عند النصف الشمالي من حي صفوري، وعلى التخوم الواقعة بين مركز ناجي العلي الطبي ومدخل الشارع الرئيسي من حي سعسع، حيث انهار المبنى المتداعي فوق الجنود الذين انتُشلوا منه، وحيث يوجد واحد من أهم المواقع العسكرية لمسلحي تنظيم فتح الإسلام.
إلا أن ضراوة الاشتباكات في الجزء الشمالي من حي صفوري قابلها هدوء كامل في الجزء الجنوبي، بعدما استتب الأمر فيه للجيش اللبناني الذي رفع الأعلام اللبنانية فوق العديد من الأبنية والمواقع العسكرية فيه، في موازاة ما أشار إليه مصدر عسكري لبناني من أن الجيش اللبناني يحرز تقدماً كبيراً وواسعاً عند المحور الجنوبي، وتقدماً بطيئاً عند المحور الشمالي.
وسجل الجيش خلال الليلة قبل الماضية تقدماً ملحوظاً عند المدخل الجنوبي للمخيم، وسيطر على عدد من المباني الإضافية في محيط مبنى الصاعقة الذي سيطر عليه أول من أمس، وبات القسم الأكبر من الجهة الجنوبية للشارع الرئيسي للمخيم بحكم المسيطر عليه بالنار من الجيش، الذي أحكم سيطرته كذلك على مبان عدة في أحياء صفوري وسعسع الفوقاني والقسم الأكبر من حي المغاربة ومبان عدة إلى الجهة الشمالية الشرقية من المخيم، في الوقت الذي شوهدت فيه أعلام لبنانية جديدة ترفع على مبان إضافية، وخصوصاً أن الجيش سيطر في شكل شبه كامل على الضفة الجنوبية الشرقية لمجرى نهر البارد لجهة المخيم، وباتت أبنيته كلها تحت قبضة الجيش.
في موازاة ذلك، عملت مدفعية الجيش اللبناني منذ ساعات صباح أمس على دك مواقع المسلحين في البقعة التي لا يزالون يسيطرون عليها في عمق المخيم القديم، حيث دُمِّر عدد من مرابض إطلاق الصواريخ في حي زعتر إلى الجهة الغربية من المخيم، كما دمرت مدفعية الجيش عدداً من المواقع التي كان المسلحون يتحصنون فيها لاستهداف العسكريين، وسط معلومات أفادت بمقتل 3 قناصين ليل أول من أمس.
وكانت وحدات خاصة من الجيش والدفاع المدني قد بدأت صباح أمس بمحاولة جديدة لإجلاء العسكريين الأربعة الذين لا يزالون محتجزين تحت ركام البناء الذي تداعى فيهم قبل ثلاثة أيام، على أمل إجلائهم منه جميعاً أحياء.
واستشهد ثلاثة عسكريين أمس في المعارك العنيفة الدائرة بين الجيش وعناصر مجموعة «فتح الإسلام». وكانت مصادر عسكرية قد أعلنت استشهاد عنصرين في فترة قبل الظهر قبل أن تعلن استشهاد الثالث في فترة بعد الظهر.
وبذلك ترتفع الى مئة شهيد حصيلة الخسائر العسكرية في المعارك التي بدأت في 20 أيار وفق مصادر الجيش اللبناني.
وعملت وحدات الجيش على إحكام السيطرة على الواجهة البحرية عند الجهة الجنوبية للمخيم، تمهيداً لإحكام الطوق الكامل على المخيم من جهاته الأربع، بهدف عزل المسلحين في شكل تام داخل رقعة محددة وضيقة، وفق الخطة الموضوعة من الجيش، الذي عمد إلى إشعال عدد من الأبنية فيه من أجل القضاء على المسلحين الموجودين فيها، أو إخراجهم منها، الأمر الذي نتج منه تكون سحب دخانية كثيفة في سماء المخيم امتدت لساعات.
على صعيد متصل، استمر مسلحو تنظيم فتح الإسلام في إطلاق الصواريخ والقذائف التي استهدفت بلدات عدة في عكار، حيث سقطت صواريخ وقذائف في خراج بلدات ببنين وقبة بشمرا وبرقايل، وشاطئ العبدة قرب معمل السكر، وفي بلدة تل حياة، حيث أفيد بإصابة امرأة بجروح.
من جهة أخرى، أوضح مصدر في رابطة علماء فلسطين أن الشيخ محمد الحاج، أحد أعضاء الرابطة، قد أجرى اتصالاً بالقائد الميداني في تنظيم فتح الإسلام شاهين شاهين، و«طلب منه عدم إطلاق الصواريخ نحو القرى والبلدات العكارية، نظراً لما يشكله ذلك من ارتداده بشكل سيئ على العلاقات بين أهالي المخيم والجوار العكاري مستقبلاً، إلا أن رد شاهين كان سلبياً».
وفي مخيم البداوي، تعرّضت المرحلة الثانية من عملية توزيع الهبة المالية السعودية، البالغة مليوني ليرة لبنانية لكلّ عائلة، لنكسة غير منتظرة، إذ لم تتسلم العائلات المعنية شيكاتها بسبب عدم وصولها إلى مركز التسليم الخاص بها في متوسطة البدّاوي الرسمية للبنات، نتيجة عدم توقيع ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عبّاس زكي عليها.
وأحدث هذا الأمر إرباكاً لدى الموظفين والعاملين في المركز، الذين واجهوا صعوبة كبيرة في تفسير تأخير تسليم الشيكات لأرباب العائلات الفلسطينية واللبنانية الذين استشاطوا غضباً، وبدا الانزعاج والقلق بادياً عليهم، وخصوصاً أنّهم كانوا ينتظرون تسلم هذه الشيكات بفارغ الصبر، بعدما تبلغوا بإنجازها من قبل لجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني، بالتعاون مع منظمة التحرير الفلسطينية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان «الأونروا»، والهيئة العليا للإغاثة.
وترافق ذلك مع حصول «خربطة» أخرى في عملية التوزيع، ما أدّى إلى حدوث إرباك مضاعف؛ إذ بعدما كان متوقعاً أمس أن تتسلم العائلات التي تبدأ أسماؤها بحرف الألف شيكاتها، تبيّن أنّ شيكات أخرى قد وصلت إلى المركز، وأنها تعني العائلات التي تبدأ أسماؤها بحروف أخرى، وأن مواعيد تسلّمها لهذه الشيكات لم يكن يوم أمس.
وفي الوقت الذي جرت فيه اتصالات عدّة لمعالجة هذه المشكلة، تواصلت بالمقابل عمليات مساعدة النّازحين من مخيّم نهر البارد، حيث عقد اجتماع موسّع بين مسؤولي الأونروا في مخيّم البدّاوي وممثلين عن مختلف الفصائل الفلسطينية، تمّ خلاله وضع خطتي عمل: الأولى تعنى بمعالجة مشكلة النّازحين المقيمين في المدارس، والثانية تهتمّ بدفع بدل إيجار الشقق التي استأجرتها كلّ عائلة نازحة، وذلك لحين عودتها إلى مخيّم نهر البارد.
وأوضح أمين سرّ حركة «فتح» في مخيّم البدّاوي الحاج خليل لـ«الأخبار» أنّه كانت «هناك خطّة أولية وضعتها الأونروا على عجل خلال الأيّام الأولى من النزوح، وأن هذه الخطّة كانت تقضي بنصب خيم في الملعب الرئيسي داخل المخيّم، بهدف إسكان النازحين فيها، لكننا رفضنا هذه الخطوة لأنّ موضوع الخيم غير عملي، وليس مناسباً إن من ناحية التجهيزات والتقديمات المطلوب تأمينها في الخيم للنّازحين، أو من ناحية إلغاء وجود الملعب الذي يعدّ المتنفس الوحيد لشباب المخيّم، وهو الأمر الذي دفعنا لرفض الفكرة من أساسها».
وأشار خليل إلى اتصالات وجهود حثيثة بذلتها حركة «فتح» من أجل مساعدة النازحين، لافتاً إلى أنّ «أكثر من ثلاثة أرباع جهدنا نصرفه في تقديم الخدمات والمعونات لأهلنا النازحين»، وموضحاً أنّ شركة acted تعمل على توفير مياه الشرب لأبناء المخيم، بالتعاون مع بلدية البدّاوي واتحاد بلديات الفيحاء، اللذين أرسلا ورشاً لرشّ المبيدات المضادة للحشرات، عدا الوعد الذي تلقيناه من مؤسسة كهرباء قاديشا بإرسالها محوّلاً كهربائياً جديداً، لتأمين حاجة المخيّم من الطاقة الكهربائية، بعدما تضاعف عدد سكانه بسبب نزوح غالبية أهالي مخيّم نهر البارد إليه».