strong> ثائر غندور
غصّت قاعة المؤتمرات في فندق كراون بلازا بعشرات المشاركين من هيئات نقابية واتحادات مهنية ونسائية في ندوة «انتصار لبنان المقاوم: أبعاد وتفاعلات عربية» التي نظمها المنتدى القومي العربي، لمناسبة مرور عام على حرب تموز. رئيس المنتدى الدكتور محمد المجذوب حدّد أربعة أسباب لانعقاد الندوة هي التعبير عن الوفاء لأرواح الشهداء من أبطال المقاومة والجيش ووسائل الإعلام والشعب، الإعراب عن الاعتزاز بوحدة الشعب اللبناني، توجيه تحية لكل مجموعة أو ندوة أو نقابة أو دولة هبّت لمساعدة لبنان، وتحذير كل مواطن عربي من ظاهرة الاستفراد التي تمارسها القوى الاستعمارية.
واعتبر المجذوب أنّ المقاومة استطاعت في انتصارها تحطيم الأساطير الصهيونية، إيقاظ الذاكرة الجماعية العربية، وإعادة الاعتبار إلى عنصر الإرادة والمقاومة والصمود في تعويض الخلل الحاصل في ميزان القوى مع العدو.
تستمر الندوة مدى يومين، لكنّها توقفت أمس عند الخامسة مساءً إفساحاً في المجال أمام المشاركين لحضور ندوة المناضل العربي عزمي بشارة الذي حضر حفل الافتتاح. وأشار بشارة في كلمة مقتضبة إلى أنّ النقاش حول الحرب ليس نقاشاً تاريخياً بل هو نقاش سياسي. وطلب بشارة من المقاومة ألا تدافع عن انتصارها، «لأنها ليست في حاجة إلى حجج، وهي لن تستطيع أن تُقنع من يتنكّر لهذا النصر لأنّه ينطلق من أسس سياسية».
واعتبر أنّ النقاش على هذا الصعيد مصطنع لكون المقاومة لم تذهب إلى الحرب بل إسرائيل هي التي أرادت الحرب. وجدّد بشارة موقفه لجهة أنّ «الحرب أميركية بأيادٍ إسرائيلية وتواطؤ عربي». وأوضح أنّ الحرب كشفت أنّ الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي أصبح يخضع لمتطلبات الصراع العربي ـــــ العربي، بمعنى أنّ هناك دولاً وأطرافاً لبنانية استغلت الحرب لتصفية حسابات داخلية، لذا هؤلاء يعتبرون أنّ هزيمة إسرائيل هزيمة لهم.
وقال الرئيس سليم الحص إن «التاريخ سيسجّل حرب صيف عام 2006 مفصلاً في سياق الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، مفاده أنّ التصدي للعدو الصهيوني لا يكون بالجيوش النظامية في حروب تقليدية وإنما يكون بالمقاومة الشعبية العنيدة».
وأشار إلى أنّ الدستور أضحى وجهة نظر. وحصيلة الحرب هي أيضاً وجهة نظر، «ففي الوقت الذي يعترف فيه العدو بهزيمته الفاضحة عبر ما عُرف بتقرير فينوغراد، فيتعرض لزلزال سياسي داخلي، لا يرى بعض اللبنانيين في حرب إسرائيل على لبنان إلّا خطف جنديين إسرائيليين». ورأى الحص أنّ النصر في هذه الحرب لم يكن الإنجاز الوحيد في الصراع العربي الإسرائيلي، فصمود الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 أبلغ شاهد على إرادة المقاومة العنيدة التي يتسلّح بها الشعب العربي. ولفت إلى أنّ الفلسطيني ما زال يقاوم داخل الأرض المحتلة، وعلى تخوم عاصمة الدولة العبرية، بعد نحو ستين سنة من النكبة. وأضاف: «هذا الدرس هو برسم العرب جميعاً، وخصوصاً برسم الانهزاميين الاستسلاميين الذين باتوا يرون في الهزيمة سلاماً».
وألقى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد كلمة المقاومة، مشيراً إلى فشل إسرائيل في تحقيق هدفها الأساسي من الحرب: تجريد المقاومة من سلاحها. وأوضح أنّ وظيفة الحرب تتلخّص في هزم المقاومة كمدخل لعقد تسويات مع إسرائيل بعد سقوط خيار المقاومة. ولفت إلى أنّ النصر شكّل فرصة لرفع السقف السياسي العربي وخفض مستويات الخلاف العربي ـــــ العربي، وخصوصاً عندما أعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى موت خيار التسوية، وهذا ما لم يحصل.