نيويورك ـ نزار عبود
في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي، أمس، للاستماع إلى تقرير لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، أشار رئيس لجنة التحقيق الدولية سيرج براميرتس إلى أنه يعيد النظر في جميع التحقيقات التي سبقت ولايته، وإلى أنه تمكّن من تحديد هوية أشخاص، ربما كانوا ضالعين في الجريمة، رافضاً إعطاء أية تفاصيل متعلّقة بعدد الموقوفين وهوياتهم، احتراماً لسريّة التحقيق إلى حين تسليمه إلى هيئة المحكمة الدولية عند إنشائها.
وفي مقابل المعلومات التي تردّدت عن حصول تقدّم كبير في شأن تحديد مكان المحكمة من قبل الأمين العام بان كي مون ومساعده للشؤون القانونية نيكولا ميشال، إضافة الى تأكيد السفير الأميركي زلماي خليل زاد لها، رفض براميرتس التطرّق إلى موضوع إنشاء هذه المحكمة، تاركاً الأمر للأمانة العامة.
وإذ لفت براميرتس إلى أن الأولوية بالنسبة للجنة هي «الأمن، في وضع لبناني يزداد اضطراباً»، شدّد على وجود «إجراءات تتخذ لحماية الشهود وفريق التحقيق» من دون الدخول في تفاصيل هذه الإجراءات.
وفي مؤتمر صحافي عقده، إثر جلسة مجلس الأمن، أوضح براميرتس أنه توصّل إلى أن دوافع الجريمة ترتبط بـ«البعد السياسي» و«الأحداث السياسية الرئيسية» التي سبقت حادثة الاغتيال، مثنياً على جهود فريق التحقيق الذي «استطاع إحراز تقدّم كبير على طريق تحديد هوية الأشخاص الذين يحتمل تورّطهم وتنفيذهم أو معرفتهم المسبقة بالجريمة»، و«سعى إلى معرفة الروابط بين الجرائم المختلفة التي تلت اغتيال الحريري». وإذ أثنى على التعاون «الممتاز» الذي أبدته السلطات القضائية اللبنانية مع لجنة التحقيق، وصف براميرتس التعاون مع السلطات السورية بـ«المرضي عموماً».
ورداً على سؤال وجّهته إليه «الأخبار» في شأن تأثير شهادات الشهود السابقين على نزاهة التحقيق، ولا سيما في ما يتعلّق بما تضمّنته من تزوير، لفت براميرتس إلى أن مهمة لجنة التحقيق الدولية تكمن في «التحقّق من كل الإفادات ومن صدقية الشهود»، موضحاً: «لقد أجرينا تقويماً كاملاً لجميع الشهود الذين تعاونوا معنا، وتداولنا نتائج التحقيق في صحة أقوالهم مع المدّعي العام (اللبناني) والسلطات القضائية اللبنانية. الإفادات قد تكون مختلفة الطابع أحياناً، لذا نحاول دائماً التأكّد من الحقائق التي تقدّم. الإفادة في حدّ ذاتها عنصر مهم لبلوغ الحقيقة، لكن لا بدّ من التوثّق من صحتها ومقارنتها بقرائن أخرى».
وفي شأن علاقة الشهادات المزوّرة بتوقيف رؤساء الأجهزة الأمنية الأربعة، أكّد براميرتس أن أمر توقيف الضبّاط «يعود، حصرياً، إلى السلطات اللبنانية لتحديد المسائل المتعلّقة بالتوقيف. لذا، فإن هذا الأمر يعود إلى المدّعي العام المولج بقضيتهم»، لافتاً إلى أن الملفّات التي جمعتها لجنة التحقيق «يمكن نقلها الى المحكمة حين إنشائها». وأشار إلى أنه مدّد عقد عمله حتى نهاية عام 2007، مع توقعاته بـ«تحقيق المزيد من التقدّم خلال المدة المتبقية»، دون أن يتطرّق الى أي موضوع مرتبط بتولّيه مهمة أخرى ذات صلة بالمحكمة، علماً بأن لغطاً كبيراً يدور حول إمكان تولّيه مهمة ما في محكمة مجرمي الحرب في يوغوسلافيا بديلاً من القاضية كارلا ديل بونتي.
وفي شأن الأسباب التي حالت دون تحويل جريمة قتل الجنود الإسبان العاملين في إطار «اليونيفيل» في جنوب لبنان الى صلاحياته، أوضح براميرتس لـ«الأخبار» أن هذا الأمر «يعود إلى مجلس الأمن وأمينه العام»، إذ «ليس لديّ أي مواقف شخصية إزاء هذا الأمر»، نافياً أن يكون مسيّساً بأي شكل من الأشكال، فـ«أنا أحترم عملي، بعيداً عن السياسة».
بدوره، حاول المندوب الأميركي زلماي خليل زاد التشكيك في تعاون سوريا مع لجنة التحقيق، لأنها «وجّهت تهديداً مبطّناً، عندما حذّرت من تدهور الوضع الأمني في لبنان إذا ما أقرت المحكمة الدولية»، معتبراً أن توقيف الضبّاط الأربعة «شأن داخلي لبناني». وإذ لفت إلى أن بان كي مون «حقّق تقدّماً نحو إيجاد مكان للمحكمة»، وإلى أن «هناك جهداً للبحث عن بديل، عندما تنتهي مهمة براميرتس»، ركّز زاد على ضرورة معالجة موضوع أمن الشهود.