طارق ترشيشي
على رغم التمييز في الموقف الذي بدأ بعض أطراف الموالاة يجريه، بين تأييد نصاب الثلثين النيابي، وتأكيد استمرار الانتماء الى فريق 14 آذار، فإن أي شيء لم يتغير في مجرى النزاع المستمر بين هذا الفريق، والمعارضة التي راح بعض أطرافها يراهن على تفكك جبهة الموالاة بعد مداخلة «التكتل الطرابلسي» في مؤتمر سان كلو الأخير التي أكّد فيها تمسكه بهذا النصاب خارجاً بذلك عن إجماع 14 آذار، وبعد موقف النائب عبد الله حنا المماثل، وشيوع معلومات عن رغبة نواب آخرين أن يحذوا حذوه أو يخرجوا نهائياً من معسكر الموالاة، وقبل هذا وذاك موقف البطريرك الماروني نصرالله صفير الداعي الى التزام نصاب الثلثين في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
الموقف الذي اتخذه «التكتل الطرابلسي» بتأكيده وجوب توافر نصاب الثلثين لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، ربطه كثيرون ببعض الخلفيات الإقليمية والدولية، وتكهّنوا بأنه ينطوي على معطيات طرأت في الاتصالات والمفاوضات بين المشتغلين الإقليميين والدوليين في الشأن اللبناني، وليست في مصلحة مستقبل فريق الموالاة، قبل أن يعلن التكتل بعد اجتماعه أول من أمس أنه لا يزال في «أساس» هذا الفريق.
ويؤكد الوزير محمد الصفدي لسائليه أن موقف التكتل لنصاب الثلثين ليس وليد مصادفة او نتيجة حدث طارئ، بل اتخذه وقرر السير فيه قبل نحو شهر ونصف شهر، وهو يرتقي الى مستوى أن يكون «مبادرة وطنية» أراد التكتل أن يطلقها علَّها تلقى صدى لدى الجميع وتساعد على الخروج من الأزمة.
ويؤكد الصفدي أن موقف التكتل يراد منه الدفع في اتجاه التلاقي بين الموالاة والمعارضة على أن يكون الاستحقاق الرئاسي فرصة للوفاق الوطني والخروج من الأزمة. ولدى سؤاله عن الاختلاف في الأولويات بين الموالاة والمعارضة، يرد: «الحل يكون بالتوازي بين تأليف حكومة الوحدة الوطنية وانتخابات رئاسة الجمهورية»، مؤكداً ان للتكتل الطرابلسي «شخصيته السياسية الخاصة به التي تتيح له الحرية في اتخاذ الموقف الذي يريد من أي قضية»، وأن «انتماءه الى فريق 14 آذار لا يفرض عليه أي قيود إذا أراد اتخاذ اي موقف خارج ثوابت هذا الفريق».
ويشير الصفدي الى أنه لم يستشر حلفاءه في 14 آذار في هذا الموقف الجديد ويقول رداً على سؤال: «لماذا أستشيرهم؟ ولماذا لا يستشيرونني هم، وبدلاً من أن ألتحق بهم، لماذا لا يلتحقون بي في هذا الموقف الذي اتخذناه في تكتلنا قبل شهر ونصف شهر، والذي سأسعى إلى تحويله الى مبادرة من خلال جولة سأقوم بها على المسؤولين». ويتدخل هنا أحد معاونيه في الحديث فيقول إنه كان سيبدأ بهذه الجولة قبل أيام، لكن سفر رئيس مجلس النواب نبيه بري دفعه الى تأجيلها حتى عودته.
وعندما يُسأل الصفدي عن موقف بقية أطراف 14 آذار من طرح التكتل الطرابلسي، يرد على سائله بدعوته الى توجيه السؤال اليها. ويستبعد أن يؤدي موقف كتلته الى تكوين نواة لتكتل نيابي في صفوف الموالاة يجمع المؤيدين لـ «نصاب الثلثين». ويقول: «هذا الأمر غير مطروح. لكن نحن لنا رأي خاص ولدينا تمايز عن الآخرين وننطلق من قناعاتنا».
بيد أن المعارضة التي تفاءلت بموقفي صفير و«التكتل الطرابلسي»، لا تبدي تفاؤلاً في المقابل بإمكان حصول توافق على انتخابات رئاسية اذا لم يتم الاتفاق على تأليف حكومة وحدة وطنية، ويعبّر أقطاب فيها عن خشيتهم من أن تكون خطة الموالاة، إذا أجمعت بكل أطرافها على التسليم بـ«نصاب الثلثين»، أن تصل الى جلسة الانتخاب الرئاسية التي حدّدها بري في 25 ايلول المقبل بالإصرار على مرشح من صفوفها، مما يدفع المعارضة الى عدم حضور الجلسة، فتأخذ من ذلك ذريعة لتخاطب المجتمع الدولي باتهام المعارضة بتعطيل انتخابات الرئاسة والمؤسسات الدستورية، وذلك من أجل الحصول على تغطية دولية لانتخاب رئيس بأكثريتها النيابية، علماً بأن الولايات المتحدة كانت قد لمّحت على لسان سفيرها جيفري فيلتمان بأن العالم سيعترف بالرئيس الذي تنتخبه الموالاة.