حسن عليق
بداية العام الحالي، أُوقِف المفتش في المديرية العامة للأمن العام محمد ع. للاشتباه في تعامله مع المخابرات الإيطالية وإفادتها بمعلومات عن حزب الله. وأمس، عقدت المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن نزار خليل جلسة لمحاكمة المفتش المذكور، المدعى عليه بجرم محاولة تأمين منفعة شخصية عبر الإدلاء بمعلومات أمنية إلى دولة أجنبية والإخلال بواجبات وظيفته ومخالفة التعليمات العسكرية.
يذكر أن المدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني أمر بتوقيف المفتش المذكور بعد مراجعة وزير الداخلية والقضاء المختص.
وقال مصدر متابع لسير التحقيقات والمحاكمة إن المفتش محمد ع. اعترف خلال التحقيق معه في المديرية العامة للأمن العام وأمام قاضي التحقيق العسكري بأن المدعو مدين خ.، وهو لبناني يعيش في إيطاليا منذ نحو 12 عاماً، هو من جنّده لجمع معلومات عن حزب الله وطلب منه تجنيد أشخاص للغاية نفسها. وذكر الموقوف أن مدين قال له إن المعلومات التي يجمعها هي لحساب المخابرات الإيطالية، وأنه كان يوصل المعلومات التي يجمعها إلى إيطاليا مباشرة، ولم يكن اللقاء معه يتمّ في لبنان.
وبناءً على تعليمات مدين، حاول المفتش المدعى عليه تجنيد اثنين من زملائه في العمل، وهما من منطقة الجنوب، أحدهما استُشهد والده خلال حرب تموز 2006. وعرض عليهما جمع معلومات عن حزب الله مقابل بدل مادي، يبدأ من 500 دولار مقابل المعلومة الواحدة، على أن يرتفع السعر مع ارتفاع قيمة المعلومات. كذلك، قام مدين بتأمين تأشيرة دخول أوروبية (شنغن) لشخص كان المفتش ينوي تجنيده.
واعترف المدعى عليه بأنه طلب من أحد زميليه تحصيل معلومات عن تحركات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وبأنه طلب من الاثنين جمع معلومات عن مواقع تخزين السلاح التابع للمقاومة في الجنوب ونوعية الأسلحة الموجودة فيها. يذكر أن مدين مدعى عليه في القضية ذاتها وتجري محاكمته غيابياً.
اللافت في هذه القضية أن المفتش المذكور لم يتم الادعاء عليه باعتبار أن أفعاله تندرج في إطار الجنايات الواقعة على أمن الدولة، بل جرى الادعاء عليه بمواد تتعلّق بالإخلال بواجباته الوظيفية ومحاولة تأمين منفعة شخصية، «وهي مواد قانونية يتم عادة الادعاء بموجبها على من يتلقّى رشوة من أحد المواطنين» بحسب أحد القانونيين المتابعين للقضية.
ولا بد من الإشارة إلى أن مصادر أمنية رجّحت أن تكون الجهة المستفيدة من المعلومات التي كان من المفترض أن يقدّمها، أو قدّمها، المفتش الموقوف هي الاستخبارات الإسرائيلية، التي إما أن تكون قد جنّدته باسم الاستخبارات الايطالية، أو أن تكون على تنسيق مع الاستخبارات الإيطالية وتتبادل معها المعلومات، وخاصة أنه لا حاجة عملية للاستخبارات الإيطالية بالمعلومات المطلوبة.
وفي جميع الأحوال، تبقى الكلمة الفصل في هذه القضية للمحكمة العسكرية، التي أجّلت أمس النظر بالدعوى، بناءً على طلب وكيل المدعى عليه الذي استمهل للمرافعة.