غرب بعلبك ـــ رامح حمية
تُعَدُّ «الحجامة» دعامة أساسية في الطب العربي البديل، لما لها من منافع طبية وقائية وعلاجية. وهي قديمة جداً، فقد عرفها الصينيون والفراعنة، وأوصى بها الرسول الأكرم (ص) في أكثر من حديث، ووصفها بأنها «أمثل ما تداويتم به». واللافت، أن هذه الظاهرة منتشرة، وتشهد إقبالاً متفاوتاً في قرى البقاع وبلداته.
و«الحجامة» وفقاً للطب العربي، هي تخليص الجسم وما تحت الجلد من رواسب الدم وإعادته إلى نصابه الطبيعي، بالإضافة إلى تنشيط الدورة الدموية، وإزالة الفضلات من غاز الفحم و«الكرياتنين» وغيرها من الشوائب.
السيد خليل الحسين النعيمي الموسوي المعروف بالسيد «أبو ناصر» يجول على الأصدقاء والأحباء في قرى غرب بعلبك، ويقوم بدور «الحجّام» من دون أي مقابل مادي، ويعبّر عن ذلك بقوله: «أنا خادم التعاليم النبوية الشريفة، ولا أتقاضى عليها أي أجرالسيد «أبو ناصر»، سوري الجنسية بلغ العقد السادس من العمر، ويزاول الطب العربي والحجامة منذ عام 1967، ويقول: «لقد أتقنت الحجامة عند طبيب عربي اسمه «عبد القادر شيخو»، كما أن والدتي كانت تتقنها أيضاً، بالإضافة إلى بعض الكتب التي تعلمت منها».
وقد عرّف «الحجامة» بأنها عبارة عن سحب الدم الفاسد من الجسم بعد أن تكون الكريات الفتية في الدم قد طردت الكريات الهرمة، وهذا ما يؤدي إلى الترهل، بالإضافة إلى العديد من الأمراض إذا ما تراكمت وامتزجت مع الأخلاط الضارة.
ورأى أن للحجامة ثواباً وأجراً، لأن الرسول (ص) أوصى بها بقوله: «أمثل ما تداويتم به آيات من القرآن الكريم، أو لعقة عسل أو شرطة محجم».
وعن كيفية إجرائها يقول السيد أبو ناصر: «توضع كاسات الهواء الفارغة على الموضع المحدد، ويجري المصّ بشكل معتدل بقصد إزالة الأملاح عن الجلد وإقبال الأخلاط الضارة، وكشف مكان الدم الفاسد، والموضع الذي يظهر فيه انتفاخ واحمرار زائد هو الموضع المطلوب للحجامة». ويتابع: «أبدأ بقراءة آية الكرسي وبالصلاة على النبي (ص)، ومن ثم أعمد إلى شرط الموضع بمشرطٍ معقمٍ وأستعمل كأساً على شكل بلّورة، وفيه بقايا من مادة «السبيرتو» فأشعلها كي تفرغ الهواء وأضعه على الموضع، فيستقصي الدم الخليط الفاسد إلى «الكاسات» ولمدة تتراوح بين 30 و 45 دقيقة. ومن ثم تليها عملية التطهير «باليود، والسبيرتو»! وعلى المحتجم لأول مرة أن يتقيد بالوقاية والامتناع عن بعض المأكولات كالألبان والأجبان، وكذلك الاستحمام ولفترات متفاوتة ومحدودة».
ويشير أيضاً إلى أن الحجامة نوعان: الجافة بكاسات الهواء الفارغة، والرطبة، وهي الأكثر شيوعاً. وتبدأ الحجامة عند الذكور من سن 22، أما عند النساء فتبدأ مع بداية «سن اليأس». ويشير إلى أن جسم الإنسان فيه أكثر من 100 موضع للحجامة أشهرها بين عظمتي الكتف، أي بين «الرفشين»، وهناك أيضاً «الأخدعان» وهما فوق العنق من الجانبين، و«الزمن»، وهي المنطقة تحت الفك الأسفل، و«العصعص» أسفل الظهر، و«الزندان» وسط الذراعين. وأكد أن كل مرض له موضع محدد.
ويفاخر أبو ناصر بأنه خلال مزاولته للحجامة قد استطاع «أن يشفي العديد من المرضى من أمراضهم المختلفة كالروماتيزم والكوليسترول والشحوم الثلاثية والشقيقة، والربو، وخفض لزوجة الدم والتخلص من شوائبه».
إلا أن الحجامة، وإن كانت علاجاً، فإن العديد من الأشخاص الذين يحتجمون، إنما يحتجمون لسببين لا ثالث لهما: الأول كسب الثواب والأجر بإطاعة أمر الرسول، والثاني نتيجة اليأس الذي أصابهم من الطب العلمي الذي يقف عاجزاً أمام بعض الأمراض.
فالمحتجم محمد حمية أشار إلى أنه يحتجم مرتين في السنة تنفيذاً لتلك الأوامر الإرشادية، أما حسين برو فقد اعترف بأنه يحتجم نتيجة عجز الأطباء عن شفائه من مرض التهاب الأنف التحسسي (الربو)، في حين أن الحجامة أزالت الأعراض التحسسية عنه. أما جهاد زين الدين فشدد على أن الحجامة واجب ديني ودواء يساعد على الشفاء من بعض الأمراض، وهو يحتجم من أجل الشفاء من مرض الروماتيزم.