• المقاومة نصبت كميناً للعدو قبل 3 أشهر من عملية أسر الجنديين
  • في أول إطلالة إعلامية له في الذكرى الأولى لانتصار المقاومة على العدوان الإسرائيلي في تموز 2006، كشف الأمين العام لـ«حزب الله» عن جوانب عسكرية من المعركة، أبرزها تفاصيل عملية قصف البارجة الحربية الإسرائيلية قبالة شاطئ بيروت، والأهداف العسكرية التي حققتها المقاومة، والموقف السوري من الحرب

    أوضح السيد حسن نصر الله في مقابلة من جزأين، بث الجزء الأول منها أمس، على أن يبث الثاني مساء اليوم ، مع قناة «الجزيرة» ضمن برنامج «لقاء خاص» الذي يقدمه الزميل غسان بن جدو، أنه منذ عام 1992 عندما أقدم سلاح الجو الإسرائيلي على قتل الأمين العام السابق لـ«حزب الله» الشهيد السيد عباس الموسوي وزوجته وطفله لا يتجول في شوارع بيروت، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت «نسي كل الأهداف التي أعلنها للحرب، وقال في الكنيست إنه لن يوقف الحرب إذا تحققت، ووجد أنه لم يتحقق منها شيء، وذهب إلى أمر متحقق منذ سنة 1992 ليقدمه إنجازاً كبيراً، وهو أني لا أتجوّل في شوارع بيروت». وأضاف: «أقول للسيد أولمرت ليس مهماً أين أتجوَّل أنا، المهم أن مشروعكم المرتبط بإسرائيل الكبرى أسقطناه».
    وتحدث نصر الله عن عملية أسر الجنديين الإسرائيليين ورد الفعل الإسرائيلي الذي أعقبها، موضحاً أن العملية تقررت منذ أشهر قبل الحرب، وقد «بقي الأخوة في تلك المنطقة لما لا يقل عن ثلاثة أشهر عدا بعض الاستراحات القليلة، يعني نحن موجودون في منطقة وفي كمين ننتظر الدورية الإسرائيلية، والإسرائيليون لم يشعروا بنا طوال هذه المدة، وكانت تمر من ذاك المكان سيارات مدنية، ولم تمر خلال فترة وجود الكمين سيارات عسكرية، أو أحياناً كانت تمر سيارات عسكرية ومعها سيارات مدنية، ونحن كنا نود منذ البداية أن لا نُلحق أي أذى بالمدنيين، ولا أن نأسر مدنيين، بل نريد أسر سيارة عسكرية وجنود».
    وأشار إلى أنه بعد العملية أُخليت المراكز القيادية والمراكز الرئيسية حتى المحيط السكني للناس الذين يوجدون في ما يسمى منطقة الشورى ومحيط الأمانة العامة، «لأننا كنا نتوقع، وهذا كان الحد الأدنى بنظرنا، أنهم سيقومون بقصف هذه المنطقة بالتحديد، لذلك قمنا بإخلائها بسرعة، لذلك لم يسقط فيها شهداء طوال الحرب».
    وأوضح «أن الأسيرين نقلا إلى الخلف بسرعة كبيرة، وخلال فترة وجيزة جداً أصبحنا مطمئنين إلى أن أيدي الإسرائيليين لن تصل، وكان واضحاً من خلال الأداء الميداني أن الإسرائيليين فوجئوا بالعملية بشكل كبير وخلال نصف ساعة لم يكن هناك أي تحرك إسرائيلي جدي سوى التحرك الموضعي، يعني نقطة الموقع العسكري القريب، وحاولوا أن يتدخلوا، وضُربت أول دبابة بعبوة كبيرة جداً كانت مزروعة على الطريق وتمزقت أشلاء ودمرت دبابة ثانية وأُصيبت ثالثة. وفي الساعات الأولى للمواجهة كان هناك حصيلة من الآليات والجنود بين قتيل وجريح، وبعد مدة بدأ رد الفعل الإسرائيلي: القصف على نقاطنا على امتداد الحدود، وعلى بيوت المسؤولين وبعض الأماكن التي كانوا يعتقدون أنها مراكز للحزب، ولم يقف القصف عند حدود، وبدأت المواجهة». ونفى أن يكون وفد حزب الله إلى مؤتمر سان كلو أبلغ وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أن الأسيرين على قيد الحياة، مشيراً إلى أن «هذا الأمر متروك للتفاوض». وسأل: «لماذا نقدم معلومات بشكل مجاني».
    وأكد رداً على سؤال «أننا كنا نعتقد أنه في يوم من الأيام سوف يشن الصهاينة حرباً على لبنان بسبب هزيمتهم عام 2000، واستعادة قوة وهيبة الردع لديهم، والثأر من لبنان وشعبه ومقاومته. وبدأنا نستعد للمواجهة، لكن لم نكن نعلم متى سوف تحصل هذه الحرب».
    وكشف نصر الله عن خلفيات قرار قصف البارجة الإسرائيلية وأبعاده العسكرية وقال: «في ذاك اليوم حصل التشاور المطلوب بين الإخوة، واتخذنا قراراً بأن نستخدم هذا السلاح، وهذا كان من جملة الأسلحة المخفية التي لم يكن الإسرائيلي يعلم بوجودها لدينا، وإلا كان أثر ذلك على حركة البوارج والزوارق الحربية في البحر التي كانت تظهر بأن سلاح البحرية مرتاح، فاتخذنا القرار وكان السلاح جاهزاً، والطاقم الذي يرمي، فتوجه إلى نقطة على خط الساحل قبالة البارجة العسكرية الإسرائيلية وأعطونا علماً بأنها موجودة تحت مرمانا، وطبعاً إطلاق الصاروخ لم يكن مسألة بسيطة، بل عملية معقدة». وأكد أن الذين أطلقوا الصواريخ هم مهندسون من المقاومة وليسوا إيرانيين أو صينيين أو كوريين، كما قال الإسرائيليون، مشيراً إلى «أن هذه واحدة من النصر الإلهي، وهو أنه عندما يأتي طاقم لبناني عنده خبرة، وبقدر ما كانت هذه الخبرة، لكن هذه هي المرة الأولى التي يرمي فيها في الميدان في الحرب وفي ظروف حربية، بارجة حربية إسرائيلية ويصيبها من الصاروخ الأول، هذا في كل المدارس العسكرية، وعند كل الخبراء العسكريين، أمر غير عادي».
    أضاف: «كنا على اتصال، أي غرفة العمليات مع طاقم إطلاق الصاروخ، واتفقنا أنا والأخوة على أن نعمل قدر الإمكان على خطاب متزامن، إذ كان المفترض أن أطلع وأوجه خطاباً مباشراً عبر التلفزيون، وتم التنسيق مع وسائل الإعلام، لكنني لم أحدد وقتاً، بل طلبت أن يكونوا جاهزين وينتظروا، لكن بمعزل عن ضرب البارجة كان المطلوب مني أن أتكلم لأنه كان قد تم قصف المربع بشكل كبير ومركز الأمانة العامة دُمر والبيت دُمر. وقال الإسرائيليون إنهم قتلوا فلاناً، فحتى الخطاب من خلال تسجيل لم يكن مناسباً، كان لا بد من خطاب مباشر حي ليتأكد الصديق والعدو والمحب والمبغض أن فلاناً ما زال على قيد الحياة، وأنه لم يقتل. طبعاً، هنا أيضاً العناية الإلهية والتوفيق الإلهي، كان أن حديثي المباشر الذي نُسِّق وتزامن مع إطلاق الصاروخ على البارجة، وتدمير البارجة يؤكد أن هذا خطاب مباشر وليس مسجلاً قبل ساعة أو يوم أو يومين، وقد كانت كل وسائل الإعلام بالانتظار بأن هناك خطاباً مباشراً، وكنا على اتصال مع الإخوة إلى أن حان الوقت المناسب للحديث الذي كان على الأقوى سيتزامن وحسب تقديرات الأخوة مع إطلاق الصواريخ، وأنا بدأت الكلام، والأخوة كانوا في صدد الإطلاق، فتزامن هذان الأمران بإطلاق الصواريخ وأثناء الكلام أُعطيت الإشارة بأن الأخوة أطلقوا الصواريخ ووفقوا والآن هي تحترق، لذلك، لأنني تأكدت مما قاله الأخوة لي، أنا قلت: الآن انظروا هي تحترق وكل هذا كان على الهاتف».
    ونفى أن يكون ضرب البارجة رداً على قصف منزله وقال: «في ثقافة «حزب الله» منزل الأمين العام لـ«حزب الله» لا يزيد قيمة على أي منزل آخر في لبنان»، مؤكداً أنه لم يطمح خلال الحرب لأن يكون قائداً عربياً أو لبنانياً أو شيعياً، أو إسلامياً، موضحاً أن كل ما كان يفكر به هو أن «هذه فرصة الحياة المتاحة لي لكي أقوم بواجبي».
    ورفض نصر الله الإفصاح عن المكان الذي كان يقيم فيه خلال الحرب وقال: «لم أكن في سوريا ولا في السفارة الإيرانية، كنت بين إخواني وبين أهلي وفي أرضي وفي المكان الذي كان يجب أن أكون فيه».
    وعن سبب عدم دخول سوريا الحرب أكد نصر الله أنه لم تكن لدى قيادة «حزب الله» أي رغبة في توسيع الحرب لتصبح حرباً إقليمية لأسباب سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية، «ونحن لم نكن نرغب ولم نفعل ما يؤدي إلى ذلك، ولم نطلب من سوريا أو إيران دخول الحرب، لأننا لم نكن نرى مصلحة في ذلك، وكنا مطمئنين إلى أننا سننتصر ولدينا القدرة على المواجهة، وإن توسعة الحرب الإقليمية قد تؤدي إلى تطورات إقليمية ودولية كبيرة ولا نعرف أين ستصبح المنطقة كلها». وقال: «عندما كنا نخوض الحرب كنا نرى أمامنا أفقاً واضحاً، أن في نهاية المطاف هناك خسائر ستلحق بلبنان ولحقت بلبنان، لكن يمكن أن نصل إلى نقطة تقف فيها الحرب، وننتصر ونمنع العدو من تحقيق أهدافه»، موضحاً «أن بقاء الحرب في الدائرة اللبنانية كان يعني بقاءها تحت السيطرة».
    وإذ أشار إلى أن القيادة السورية «لا تناقش قراراً بهذا المستوى معنا»، كشف عن «أن سوريا أبلغت من خلال وسطاء حكومة العدو أن أي تقدُّم بري في منطقة العرقوب باتجاه منطقة حاصبيا ـــــ راشيا بما يحاذي سلسلة الجبال الشرقية، يعني هذا الذي يُعتبر المجال الأمني لدمشق، فإن سوريا لن تقف متفرجة، وإنها ستدخل المعركة، وطبعاً حيثياتها هي الدفاع، وهذا حقها الطبيعي، الدفاع عن أرضها وعن عاصمتها وعن مدينتها». وقال: «ما أعلمه أن التهديد كان يفترض دخول قوات سورية إلى سلسلة الجبال الشرقية حتى ضمن الأراضي اللبنانية لملاقاة القوات الإسرائيلية التي سوف تدخل من تلك الزاوية، وما أعلمه أيضاً أن الإسرائيليين أخذوا هذه الرسالة على نحو الجدية الكبيرة»، ملاحظاً أنه «لم يحصل على ذاك المحور أي تقدم بري على الإطلاق، وكل التقدمات حصلت على المحاور الأخرى التي كنا نواجهها نحن».
    وأكد أن المقاومة استطاعت «إخراج القوة البحرية من المعركة بعد ضرب البارجة في بيروت وزورق في صور وتعطيل حركة الطوافات نهاراً، ما أجبر العدو الإسرائيلي على أن يعتمد بشكل مكثف لا سابقة له على سلاح الجو، على الطائرات الحربية لأنه لم يتوافر لدينا قدرة على مواجهة سلاح الجو. أما ميدانياً فقد كان لدى المقاومة القدرة على إصابة كل الأهداف في شمال فلسطين وضرب حيفا وما بعد حيفا واستمرار هذه القدرة إلى اليوم الذي توقفت فيه الحرب». وقال: «عام 2006 لم يكن هناك مكان في فلسطين المحتلة لا تطاله صواريخ المقاومة، تل أبيب وغير تل أبيب، أي زاوية، أي نقطة في فلسطين المحتلة كان يمكن أن نطالها بكل تأكيد، والآن يمكن أن نطالها بكل تأكيد».




    ومصدر إسرائيلي يرد: «حزب الله» قادر على ضرب الوسط والشمال فقط

    رداً على إعلان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله أن المقاومة قادرة على ضرب أي منطقة في فلسطين المحتلة، «صحح» مصدر عسكري إسرائيلي رفيع هذه المعلومات، موضحاً أن الحزب غير قادر على ضرب كل مكان في إسرائيل بل فقط شمالها ووسطها.
    ورأى المصدر في حديث الى «وكالة يونايتد برس انترناشونال» أن أقوال نصر الله تعكس «أزمة حزب الله ونصر الله نفسه».
    وتابع المصدر الذي طلب عدم كشف هويته «حول قول نصر الله بأن سوريا أرادت دخول الحرب وهو عمل على تهدئتها أو ما شابه، فإن تقديراتنا هي أن سوريا لم تكن عازمة على دخول الحرب، بل إننا نعتقد أكثر أن لحزب الله مصلحة في دخول سوريا الحرب من أن تكون لدى الأخيرة نية في ذلك»، معتبراً أن الحزب أراد توريطها في الحرب.
    وقال: «صحيح أن لدى حزب الله ترسانة أسلحة كبيرة جداً، وأن لديه عدداً كبيراً من الصواريخ، وقد يكون عددها مشابهاً لعددها قبل الحرب، لكن المشكلة المركزية لدى الحزب هي أنه لم يعد السيد في جنوب لبنان»، مقرّاً في الوقت نفسه بوجود «حزب الله» في مناطق جنوب نهر الليطاني.