جبيل ــ جوّانا عازار
أراد أن يبقى الهاوي الذي يعشق مهنته من دون مصلحة. حنّا متري، ابن بلدة المنصف في قضاء جبيل، الذي اختار لنفسه لقب «هاوي الجمال» بدل «المصوّر»، يمارس مهنة التصوير الفوتوغرافيّة «المجّانية» منذ حوالى 40 عاماً، من دون أن يجرؤ يوماً على طلب المقابل. واليوم بعد مرور تلك السنوات الكثيرة، يحتفظ متري بآلاف الصور التي التقطها طوال فترات عمله من أماكن وبلدات لبنانيّة مختلفة. صور يحفظها بعناية على رغم عددها الهائل، فقسّمها إلى ألبومات متنوّعة، لكلّ منها اسم أو موضوع محدّد مثل «بنات الضيعة» و«حيوانات غريبة» و«نبات وثمار» و«شخصيّات معروفة» و«أطفال» و«البحر» و«الأصدقاء» و«من ضيع لبنان» و«من نواد لبنانيّة» و«أصحاب متاجر جبيل».
بدأ متري التصوير منذ حوالى 40 عاماً، وعمد منذ ذلك الوقت إلى تصوير «كلّ شي حلو» أو «كلّ شخص حلو»، وهو يحتفظ بعدد من الصور ويعطي البعض الآخر لأصحابها إذا ما سنحت له الظروف للقائهم مرّة جديدة. ولا يتوانى متري عن تصوير «السيّاح والغرباء»، إذ كان يعطي عقب التقاط الصورة، اسمه وعنوانه لهم ليزوروه ويحصلوا على صورهم إن أحبّوا. ويروي متري أنّ العديد من الأشخاص زاروه بعد مدّة على التقاطه صوراً لهم، من هؤلاء نساء كان قد التقط لهنّ صوراً وهنّ في عمر المراهقة، ويقول إنّه «ما من هدّية تُقدّم إلى امرأة أجمل من حفظ جمالها وروعتها وهي في عمر الصبا». بالنسبة إلى متري، الصورة تتمتّع بقيمةٍ عالية، «فهي توثّق الروعة عبر مرّ الأجيال»، ويرى أنّه بواسطتها يؤدّي عملاً إنسانيّاً سامياً «فقد أفدتُّ بها أشخاصاً كثيرين، منهم بعض الأولاد الذين قصدوني لأعطيهم صورة لوالدهم الذي توفّي
أخيراً».
متري الذي يعمل في التجارة ويملك متجراً في بلدة الحلوة ــــــ قضاء جبيل للحرفيّات والقطع الأثريّة، لم يتعلّم أصول التصوير مطلقاً، ولم يحبّ أن يتّخذه كمصلحة ومورد رزق له، بل آثر أن يبقى التصوير هواية يحقّق ذاته من خلالها ويحقّق رسالة بواسطتها في حفظ ما تمحوه الأيّام. وهو، إذ يعدّ نفسه مميّزاً في التصوير، يجد أن قلائل يصوّرون مثله، حيث يعتمد أسلوب «الصورة الخطف» أو التصوير السريع، وهذا ما جعل الرئيس كميل شمعون ينتبه إلى موهبته يوم التقط له صوراً أثناء زيارته لبلدات قرنة الروم لممارسة الصيد.