تنورين ــ عمر حبيب
أرز تنورين، رآه نديم أنطون الخوري حرب، وسمع زقزقات العصافير فيه رغم إعاقة أفقدته بعضاً من سمعه. أحبّه، وعمل على حمايته، ونجح، مع آخرين في البلدة، في الضغط لجعله «محمية أرز تنورين الطبيعية».
والغابة التي أصابها الهزال بفعل حشرة الـcephalcia التي كادت أن تقضي على كل أرزة فيها، باتت اليوم، بفعل حرص بعض الناشطين وعملهم المستمرّ، شجرات متألقات تحمل إحداها اسم نديم «الفارس الذي هوى عن صهوة جواده قبل انتهاء الجولة» كما يقول المحامي نعمة حرب رئيس لجنة محمية أرز تنورين الطبيعية.
وفي الذكرى الثالثة لوفاته، أقامت اللجنة، برعاية وزارة البيئة، احتفالاً تكريمياً السبت الفائت تضمّن حفلاً خطابياً وجولة في المحمية.
رئيس اللجنة رحّب أولاً بسفير منظمة الفاو علي مومن وبالحضور، وتحدث عن الغابة على أنها أكبر غابة أرز في لبنان. من جهته، ألقى الأب بطرس مراد كلمة المجلس الأهلي لإنماء تنورين، قائلاً عن نديم أنطون الخوري حرب إنه تخطّى العصبيات العائلية والعصبية ورفض الألقاب ليصل إلى الإنسان. «ما الذي يشغل هؤلاء البيئيين في هذا الزمن، كأنهم يأكلون البسكويت أيام الحرب؟» سأل رئيس التجمع اللبناني لحماية البيئة رفعت سابا، وأجاب أن الاهتمام بالبيئة هو الخبز اليومي في حياة الوطن. وأضاف إن تكريم ناشط بيئي مثل نديم يتمّ بالمثابرة على العمل، وصولاً إلى إقرار «قانون الجبال اللبنانية».
المدير العام لوزارة البيئة برج هاتجيان أكّد أن الإنسان آخر خلق الله، لكنه الأكثر تخريباً. كما روى كيف وصل نديم يوماً إلى الوزارة وهو يحمل كيساً يحتوي على نماذج من الحشرات التي تفتك بأرز تنورين، فتمت المعالجة بالتعاون مع وزارة الزراعة ووزارة المال في تنسيق متكامل». بعد ذلك، أُزيحت الستارة عن لوحة تذكارية ومجسّم في ذكرى نديم حرب، وفي النهاية جال الجميع في قسم من الغابة واستمعوا إلى شرح بعض أعضاء اللجنة حول الوضع الحالي لغابة الأرز.
الجولة لم تخلُ من بعض السياسة، لكن ضمن أحاديث جانبية: «هذه ثروة وطنية كالبترول...» قال أحدهم. أجابه رفيق له: «مليون غابة وثروة نفطية لن تجعلنا نسدّد 45 مليار دولار، وربما أكثر، من ديون لبنان، طالما إدارة الثروات على حالها».