صدر عن المركز الوطني للجيوفيزياء التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية البيان الآتي: «ورد في بعض وسائل الإعلام يوم السبت في 28 تموز 2007 خبر عن توقع حدوث زلزال يصحبه تسونامي على الشاطئ اللبناني. يهم المركز توضيح هذه المعلومات التي يعود مصدرها إلى خبر إعلامي صدر في نشرة «ناشونال جيوغرافيك» الذي يحوي مقتطفات من تعليقات لعدد من العلميين الأجانب ويرتكز على مقال علمي صادر في مجلة «جيولوجي» عام 2007.1 ـــــ إن المخاطر الزلزالية المتداولة في لبنان وكل دول منطقة شرق المتوسط، من فلسطين والأردن وسوريا ولبنان وقبرص، هي حقيقة واضحة تؤكدها شبكة الفوالق الزلزالية البرية والبحرية المنتشرة في هذه المنطقة التي يسجل لها نشاط محدود دون أضرار تذكر.
2 ـــــ تسجل المراصد الزلزالية في لبنان والمنطقة نشاطاً لهذه الفوالق يعادل 500 هزة شهرياً بقوة لا تزيد على 3،5 درجة على مقياس ريختر، وهذه الهزات وإن كان لا يشعر بها المواطنون، إلا أنها تعكس نشاطاً طبيعياً لشبكة الفوالق الزلزالية.
3 ـــــ إن وجود شبكة الفوالق الزلزالية في البر والبحر في منطقة شرق المتوسط، لم يمنع وجود الإنسان فيها وبناءه حضارات عريقة في كل أرجائها.
4 ـــــ تعمل المراصد الزلزالية على بناء قواعد معلومات لمتابعة نشاط الفوالق المختلفة، وفي لبنان معلومات عن هذا الموضوع تعود إلى أكثر من مئة عام.
5 ـــــ لا تزال التقنيات الحديثة والبحوث العلمية عاجزة عن تحديد موعد حدوث الهزة الأرضية أو المد البحري، ولم تتوصل البحوث إلى أي نتائج دقيقة في هذا المجال بالرغم من الاهتمام العالمي المتنامي.
6 ـــــ إن أحد المؤشرات العلمية لتوقع حدوث النشاط الزلزالي يكمن في دراسة التاريخ الزلزالي للفوالق الرئيسية، وتحديد عمر الأحداث الكبرى.
7 ـــــ إن آراء الاختصاصيين الأجانب الواردة في نشرة ناشونال جيوغرافيك تستند إلى تحليلات غير مذكورة في المقال الأساسي الصادر في مجلة جيولوجي، لذلك لا يمكننا تأييدها.
8 ـــــ إن فترة ترداد وعودة زلزال بحري كبير، التي قدّرتها النشرة بما يراوح بين 1500 و 1750 سنة، لم تذكر هامش الخطأ في احتسابها وتستند إلى ثلاثة أحداث سابقة فقط.
9 ـــــ إن وجود لبنان في منطقة نشطة زلزالياً وهو أمر معروف منذ أقدم العصور، أثبتته الدراسات الجيولوجية منذ أوائل القرن الماضي. فجبال لبنان وسهوله وأوديته ووفرة مياهه وثلوجه، هي وليدة هذا النشاط الزلزالي الذي نحتها عبر العصور الجيولوجية، مما جعلها مكاناً قابلاً للعيش، ونقطة استقطاب للحضارات، والشبه كبير بما شهده تاريخ اليونان وإيطاليا واليابان وكاليفورنيا على السواء.
10 ـــــ إن ما يعرف بفالق المشرق (Levant Fault System) يتفرع في لبنان إلى ثلاثة فوالق أساسية ناشطة هي: فالق سرغايا في سلسلة جبال لبنان الشرقية، فالق اليمونة على طول جبل لبنان والفالق البحري لجبل لبنان. وهذا الفالق الأخير تم اكتشافه حديثاً من جانب الفريق العلمي للمركز، وهو الذي بنشاطه الزلزالي المتكرر ولّد بالفعل مرتفعات لبنان الحالية. وقد صدر أخيراً في مجلة Geology العلمية مقال يوثّق هذا الاكتشاف المهم.
11 ـــــ إن أبحاث ال Paleosismology والتكتونيك دلت أيضاً على أن كل هذه الفوالق كانت مصدراً لهزات تاريخية حدثت في أعوام 551م و 1202 م و 1758م. وهي هزات قابلة للترداد في مئات السنين لا بل في أكثر من 1500 سنة. وتعطي الأبحاث التي أجريناها فكرة أولية، مثلا، عن أن إجمالي تردد هزة أرضية مهمة على فالق جبل لبنان البحري تراوح من 1500 إلى 1750 سنة.
12 ـــــ إن التعامل مع هذه الأرقام خارج إطارها العلمي يؤدي إلى تأويلات غير واقعية. كما أنه من المعروف لدى الاختصاصين في علم الهزات الأرضية والتكتونيك أن تفرع الفالق الأساسي إلى عدة أقسام، كما هي الحال في لبنان مع فالق المشرق (فوالق اليمونة وسرغايا وجبل لبنان) ينجم عنه توزّع الضغوط التكتونية المتجمعة في قشرة الأرض، ويؤدي إلى تناغم نشاط الفوالق بعضها مع بعض بطريقة ليست معروفة بعد، إلّا أنها تنقل النشاط من فالق إلى آخر أو تعوقه بشكل تام.
13 ـــــ إن وجود مخاطر الكوارث الطبيعية من شأنه أن يكون حافزاً لتركيز الاهتمام الوطني على مجالات لم يعد ممكناً التغاضي عنها وأهمها: التطبيقي الملزم للبناء المقاوم للزلازل، تسهيل وضع نظام الإنذار المبكر للمد البحري، حماية الشاطئ اللبناني وإبعاد الاستثمارات العشوائية التي تزيد من حساسيتة للتأثر بأي مد بحري، وإنشاء مؤسسة وطنية للكوارث الطبيعية قادرة على تنسيق جهود المؤسسات ومجابهة المخاطر.
14 ـــــ إن إضفاء الطابع الدرامي ـــــ التخويفي على المعلومات العلمية ليس في محله، بل نريده حافزاً للتعجيل في اتخاذ مبادرات الحماية».