طرابلس ـ فريد بو فرنسيس
تشهد التكيّة المولوية في طرابلس منذ شهر تقريباً أعمال ترميم تبنّتها دائرة التعاون والتنمية في رئاسة الوزراء التركية (تيكا) ورصدت لها ما يزيد على نصف مليون دولار.
ويشمل المشروع ترميم التكية بالكامل، وإعادة بناء الأجزاء المهدّمة منه، وتحويل قاعاتها إلى متاحف تعرّف بتاريخها وبالطريقة المولوية وبالصوفية. وقد تعهّدت بلدية طرابلس، التي تمثّل الجانب اللبناني في المشروع، تنظيم محيط التكية والقلعة وإزالة المخالفات والتعديات.
وكانت رئاسة الوزراء التركية قد تبنّت مشروع تــــــــــرميم التكية المولوية بعد حملة إعلامية واسعة في الصحف والتلفزيونات التركية تدعو لإنقــــــاذها. والمضحك ـــ المبكي هو ردّ وزارة الـــــــــثـــــــــقافة اللبنانية على طلب الترميم التركي، إذ جاء فيه أن «التكية ملك خاص لا علاقة لمديرية الآثار به ولا تـتدخل في شأن ترميمه، وتنحصر مسؤوليتها في الموافقة على خرائط ترميمه والإشراف على التنفيذ في حال إتمام ذلك».
وتعدّ التكية المولوية في طرابلس من أعظم التكايا المولوية السبع المبنية خارج تركيا والموزعة في القاهرة والقدس ودمشق وحلب وقبرص والبوسنة. وقد تم ترميمها مرتين عبر تاريخها الطويل، الأولى على يد الملّا مصطفى كما كان منقوشاً في الكتابة التاريخية التي سرقت أثناء الحرب من داخل المبنى، والثانية في عهد والي طرابلس محمد خاوصي باشا عام 1184 هجرية كما تؤكد النقوش فوق مدخلها الرئيسي. وكان هذا الصرح التاريخي قد تعرّض للتشويه بعد فيضان نهر أبو علي عام 1955 وتنــــــفــيذ مشروع تقويم مجرى النهر، وطال الدمار قبته وقاعاته خلال أحداث الثمانينات في طرابلس، وخاصة بعد أن سكنه مهجّرون وتجار آثار.
تقع التكية المولوية على ضفة نهر أبو علي في جوار القلعة، ويعود عمرها إلى نحو 400 سنة وقد بقيت قيد الاستعمال حتى عام 1963. وكانت تشكّل صرحاً دينياً وتعليمياً ومؤسسة خيرية لأتباع العلّامة جلال الدين الرومي الذي أسّس منذ 800 عام الطريقة الصوفية المولوية. وارتكزت تعاليمه على الدعوة الصادقة إلى التفاني في محبة الخالق ووحدة الأديان والتخلّق بالفضائل. وقد أنتجت المولوية في طرابلس ثروة غنية في علوم الدين من فقه وتوحيد، وفي الأدب والفلسفة.