strong>عمر نشابة
بعد أسبوعين على انطلاق المواجهات العسكرية في الشمال بين الجيش اللبناني ومجموعة «فتح الإسلام» المتهمة بتفجير باصين مدنيين في عين علق في 13 شباط الماضي وبجرائم أخرى، تعمل الضابطة العدلية على جمع الأدلّة التي ستجري على أساسها محاكمتهم. وقد تمكّن المحقّقون من خلال التحقيقات الاستنطاقية من جمع معلومات عن خطط إجرامية كان يعدّها الموقوفون، ونقلت وسائل الإعلام المحلية خلال اليومين الأخيرين معلومات تفيد أن اعترافات موقوفي «فتح الإسلام» أفضت الى كشف مخطّط إقامة «إمارة إسلامية في طرابلس». كما نقلت الصحف معلومات عن اعتراف هؤلاء بأنهم كانوا يحضّرون لعمليات أمنية ضخمة تطال قلب بيروت ونفق شكا في الشمال.
وتمكّنت «الأخبار» أمس من الحصول على تفاصيل إضافية بهذا الشأن، إذ يبدو أن إفادات الموقوفين أشارت إلى أنهم كانوا يخطّطون لتفجير فندق فخم في بيروت ومقارّ بعض المنظمات الدولية والأوروبية كمقرّ الأمم المتحدة في محلة بئر حسن ومقر المفوضية الأوروبية قرب جسر شارل الحلو. الى ذلك كشف الموقوفون وجود خطَط لدى «فتح الإسلام» لاستهداف ثُكن تابعة لقوى الأمن الداخلي وأخرى للجيش في محلة القبة في طرابلس، فضلاً عن قيامها بتحضير عمليات اغتيال عدد من الشخصيات السياسية البارزة.
وعلمت «الأخبار» أن القوى الأمنية اللبنانية قامت بمداهمات في مختلف أحياء مدينة طرابلس منذ اندلاع الاشتباكات في محيط مخيّم نهر البارد وتمكّنت خلالها من مصادرة كمية كبيرة من الموادّ التي يمكن استخدامها في صنع المتفجّرات والعبوات الناسفة. وأسفرت مداهمة الى ضبط كمية من مكعّبات تحتوي على موادّ شديدة الانفجار من نوع «سي فور» C4. كما تمّت مصادرة حوالى 500 كيلو غرام من بودرة الألمنيوم في مخبأ آخر في حيّ سكني طرابلسي. يُذكر أن تصنيع العبوات الناسفة يمكن أن يتمّ من خلال الجمع بين بودرة الألمينيوم ومادة «نيترات الأمونيوم» التي تُستخدم عادة في الأسمدة الزراعية المتوافرة في الأسواق.
التركيبة الكيميائية القاتلة
هنالك عدد كبير من المواد الكيميائية التي يسبب خلطها انفجاراً، ومنها نيترات الأمونيوم. إذ يمكن مزج نيترات الأمونيوم بعدد كبير من المواد الكيمائية المختلفة لابتكار خليط سريع الانفجار دون الحاجة إلى C4. ويمكن استبدال بودرة الألمنيوم بكمية من المازوت (تسمّى هذه التركيبة المتفجّرةANFO Amonium Nitrate Fuel Oil) أو يمكن خلط نيترات الأمونيوم بالسكر الناعم (تسمّى هذه التركيبة المتفجّرةAmonium Nitrate ICing Sugar ANIC) أو يمكن الخلط بالنيتروبنزين. إن تركيبات نيترات الأمونيوم المذكورة أعلاه الممزوجة تجعلها مناسبة لتفخيخ السيارات عبر استخدام أجهزة تفجير مرتجلة (VBIED Vehicle Born Improvised Explosive Devices).
لكنّ جماعات إرهابية مختلفة تستخدم أنواعاً أخرى معروفة من المتفجرات ومنها: C4 – تشبه المعجون وتتألف من مادة الـRDX ومواد معجونية أو PETN الممزوجة بمواد مختلفة لصنع أوراق بلاستيكبة (يسهل تخبأتها بأجهزة إلكترونية: كالحاسوب المحمول) أو Semtex – تشبه المعجون البرتقالي اللون والشديد الانفجار.
تقنيات استنطاق جديدة
كما علمت «الأخبار» أن سلطات التحقيق اللبنانية تستخدم أسلوباً متطوّراً خلال التحقيقات الاستنطاقية مع الموقوفين في قضيّة النشاطات الجرمية لمجموعة «فتح الإسلام». اذ يستخدم المحقّقون تجهيزات تقنية تسهّل عملية جمع وفرز المعلومات وتجنّب استخدام القسوة والتعذيب. ولهذه الغاية تابع عدد من العناصر والضباط الأمنيين اللبنانيين دورات متخصّصة في الولايات المتحدة.
إن المعلومات التي يجمعها المحقّق خلال الاستجوابات تصنّف عادةً بحسب قيمتها القضائية والملفّ المتعلّق بها والتقاطع مع ملفّات أخرى ومدى صدقيتها. ولا تُعتبَر المعلومات غير الدقيقة التي يقدّمها المستنطَق كاذبة في جميع الحالات من جهة، كما يمكن الاستفادة من المعلومات الكاذبة التي يعبّر عنها الموقوف من جهة أخرى.
الإفادات لا تكفي
وبعد مراجعة مهنية لكلّ ما توافر من معلومات وتفاصيل عن التحقيقات لا بدّ من الإشارة الى أن عملية التحقيق الجنائي في لبنان تعتمد على الاستنطاقات الشفوية أكثر مما تعتمد على الجمع والتدقيق بالأدلّة الجنائية الحسية التي تسمح بالتوصّل الى معلومات أكيدة وخصوصاً اذا كانت مخبرية ومجهرية بحيث لا يعلم الموقوف بوجودها.