فداء عيتاني
أوساط إسلامية تراقب انعكاس الأحداث على الساحة السُّنيّة وتتابع الدور الخاص لـ«الجماعة الإسلامية»

منذ أسبوع تقريباً طلبت «جبهة العمل الإسلامي» موعداً من قيادة الجيش، بهدف طرح مبادرة على العماد ميشال سليمان، لكنّ الجواب لم يأت. اندلعت المواجهات ولم تأت «الأخبار الطيبة» إلا من مراسلين تلفزيونيين بليدين كرّروا معلومات عن «محاصرة» مسلحي «فتح الإسلام» و«تضييق الخناق» عليهم، في عرض تلفزيوني متواصل لصور جامدة لمخيم بعيد.
قائد الجيش على معرفة بكل التفاصيل، وهو يتلقّى على الدوام التقارير الميدانية، وقد عمد الى تحديد موعد لاجتماع منفرد بينه وبين رئيس الجبهة الداعية فتحي يكن الذي حمل معه تفاصيل مبادرة تتضمن الآتي:
1 ـــــ وقف إطلاق النار من الطرفين.
2 ـــــ حل تنظيم «فتح الإسلام».
3 ـــــ «اختفاء» الكوادر الرئيسية في «فتح الإسلام» بطريقة من الطرق خارج لبنان.
4 ـــــ استلام أمن المخيم من جانب القوى الإسلامية الفلسطينية.
5 ـــــ عودة المهجرين وإعادة إعمار المخيم.
6 ـــــ رفض بناء منازل للنازحين خارج المخيم لمنع ضرب القرار الدولي الرقم 194.
7 ـــــ التفاهم على صياغة جديدة لوضع المخيمات الفلسطينية ككل، منعاً لتكرار ما حصل في نهر البارد، والاتفاق على البدء بمحادثات لهذا الغرض، واعتبار اتفاق القاهرة غير صالح للأوضاع الحالية.
وتقول مصادر «جبهة العمل الإسلامي» إن كل ما يطرح يخضع لعوامل عدة أهمها موافقة مبدئية من قيادة الجيش، وإفساح القيادة العسكرية مجالاً للمناورة التفاوضية أمام «جبهة العمل» ووسطائها الذين انقطعت صلتهم بقيادة «فتح الإسلام»، إلّا أنهم على استعداد لإعادة فتح هذه القنوات بسرعة في حال موافقة الجيش على هذه النقاط.
المراقبون والناشطون الإسلاميون باتوا يخشون من تطور الأمور، ويرون أن «كل يوم يمرّ يعدّ انتصاراً لفتح الإسلام، لأن الكلام يكبر عن رفض ما يقوم به الجيش، وسط كلام ينسب الى بعض الشخصيات المحلية عن تحريم تقديم التعازي بجنود الجيش، وهي ظاهرة خطيرة».
أمّا التطور السلبي الآخر المرتبط بطول أمد المعركة، فيتصل بتوقع حال من التفكّك السياسي في الشمال. ربما كان تيار «المستقبل» أبرز ضحاياها. ويؤكد ناشط في إحدى القوى الإسلامية المعارضة «أننا أمام إعادة تشكيل خريطة الساحة السنية برمّتها تحت دوي القذائف وأزيز الرصاص».
وتتّهم الشخصيات الإسلامية المعارضة الرئيس فؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري بإدارة المعركة السياسية في الشمال، مباشرةً، لاستعادة النفوذ في الأوساط السلفية بعدما «سئمت هذه الأوساط الوعود التي تتحوّل دماءً وخذلاناً في كل مرة». ويحاول الرجلان، بحسب المصدر، «تحريك الجماعة الإسلامية لتنشيط دورها بعد ما خسرته شمالاً بسبب مواقف أطلقها رئيس مكتبها السياسي السابق أسعد هرموش»، مشيراً الى أن «تحميل الجماعة مبادرة لحل الأزمة أمر يحتاج إليه هذا الفريق بعدما انفكّ عن تنظيمها عدد من الكوادر غير الراضين عن مسار الأمور الداخلية وعن الظهور في مظهر التابع لتيار المستقبل، ومنهم ماجد درويش وعثمان عثمان وعبد الرزاق ريجاني، وهم من علماء الدين الذين يستقطبون التلاميذ في الجماعة، وقد يمّم هؤلاء اليوم وجوههم نحو فتحي يكن وجبهة العمل الإسلامي التي يرأسها».
من جهتها، تتّهم «جبهة العمل» السلطة بضرب مبادرتها وإعطاء دورها إلى «الجماعة الإسلامية». وتتحدث أوساط «الجبهة» عن اتهامها بالعمل على تسهيل خروج أُصوليين من السجون السورية، ويقول مرجع فيها: «إن إخراج صدّام ديب من السجون السورية تم بعد وساطة قام بها الداعية يكن لأن ديب مواطن لبناني أولاً، ولكونه قاتل الأميركيين، ويكن لا يشعر بأي خجل من المساعدة على قتال الأميركيين في العراق حيث كان صدّام ديب».