strong> راجانا حميّة
بكى رفاق الدرب، وهم ينظرون إلى صور شهدائهم في «قافلة النور»، تطوف بين الورود في إحدى زوايا الكلّية التي شغلوها لسنوات. بكوا، وهم يتأمّلون أمَّ الشهيد تناجيه من وراء «لوحةٍ من رخام»، بكوا لأنّهم فقدوا ثلاثة عشر شهيداً، ولأنّ الثلاثة عشرة رحلوا قبل افتتاح المعرض الذي جهدوا في إعداد فكرته، لتلائم «سنوات التضحيات التي قدّمتها المقاومة الإسلاميّة من أجل لبنان».
حسين رزق وكاظم خنافر وبشير علوية و... غابوا، أمس، عن حفل افتتاح معرض «انتصارات» في كلّية العلوم ـــــ الفرع الأوّل في الجامعة اللبنانيّة، فاتهم اللقاء مع «رفاق الدرب» في قاعة المكتبة حيث أقيم المعرض، إلا أنهم كانوا هناك «بالصوت والصورة» حيث خصّص لهم رفاقهم جناحاً «طرأ عقب استشهادهم في حرب تموز الأخيرة». وترى إحدى الرفيقات (التعبئة التربوية) زينب قشاقش في الجناح «الطارئ» تحيّة «صغيرة لمن صمّم أفكاره قبل رحيله... للبشير وباقي الرفاق، تخليداً لذكراهم».
كان من المفترض أن تنطلق بانوراما «انتصارات» قبل حرب تمّوز، وكانت تتضمّن ثلاث مراحل تبدأ بـ«الديموقراطيّة والسكون العربي»، مروراً بـ«المقاومة والانتصار»، وصولاً إلى «شهداء المقاومة» قبل الوعد الصادق. إلا أنّ حرب تموز حتّمت على المنظّمين حصر الجزء الثالث بشهداء الكلّية. في الجناح الأوّل، حضرت فلسطين بمحمّد الدرّة والمسجد الأقصى، والعراق بسجن أبو غريب، والولايات المتّحدة الأميركيّة بشخص رئيسها جورج بوش وثلاثة حكّامٍ عرب «نذروا أنفسهم للسُّبات». يتباهى بوش في الجناح بقدرة بلاده على نشر الديموقراطيّة، غير أنّ ما يظهر من هذه الديموقراطيّة أشلاء شهداء وسجناء «يقتصّ منهم الموت كلّ يومٍ واحداً»، وضاحية «سقطت أبنيتها فوق الأجساد والذكريات»، فيما الحكّام الثلاثة يمارسون طقوسهم الملكيّة «ما بين النوم والذل». وفي الجناح الثاني، يعلو صوت الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مبشّراً بالنصر «كما كنت أعدكم بالنصر دائماً... أعدكم به مجدّداً». هنا، في جناح «المقاومة والانتصار»، شغلت حرب تمّوز الحيّز كلّه، فقد صوّر الطلّاب مقتطفاتٍ من الأيّام الثلاثة والثلاثين، مركّزين، في الوقت عينه، على انتصارات «شباب المقاومة» وغنائمهم. أمّا في الجناح الثالث، فتختلف الصورة عمّا سبق، فهنا تقتحم المشاعر الزوار من دون سابق إنذارٍ وتصميم، وهم في مواجهة ثلاثة عشر شهيداً والمقاعد الدراسيّة الفارغة إلاّ من دفاترهم ومناجاة الأمّهات. ففي الجناح، وجد الرفاق ملاذاً للبكاء وإعادة شريط ذكريات «ما قبل الحرب»، وخصوصاً بعدما «دوّى» صوت البشير وهو يلقي كلمة الوداع. وكان اللافت في البانوراما، المؤثّرات الصوتية التي برع الطلّاب في تمريرها بين المشاهد، حيث كان لكلّ زاويةٍ صوت، ينطق بما نسيته الصورة. وكان قد افتتح المعرض عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب أبو زينب، الذي لم يتوان عن الخوض في غمار السياسة، معلناً سقوط لبنان «إذا لم تُشَكَّل حكومة وحدة وطنيّة في أقرب وقتٍ ممكن». ولفت أبو زينب إلى أنّ الهدف من وراء المماطلة بحكومة الوحدة «هو الوصول إلى الاستحقاق الرئاسي منقسمين في ما بيننا».