أنهى موفد وزير الخارجية الفرنسي السفير جان كلود كوسران مهمته في بيروت أمس بعدما التقى كلاً من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس الجمهورية السابق أمين الجميل والبطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير. كما علمت «الأخبار» أن كوسران التقى مساء أول من أمس في السفارة الفرنسية مسؤول العلاقات الخارجية في «حزب الله» نواف الموسوي الذي تسلم دعوة لمشاركة الحزب في مؤتمر الحوار المزمع عقده في باريس.وأولم السنيورة على شرف الموفد الفرنسي بعد اجتماع عقده معه شارك فيه وزير الخارجية بالوكالة طارق متري، وزير الشباب والرياضة الدكتور أحمد فتفت، مستشار السنيورة محمد شطح ورولا نور الدين، غادر بعدها كوسران بيروت عائداً إلى فرنسا. كما غادر إلى باريس السفير الفرنسي برنار إيمييه.
وقبيل مغادرته السرايا، وصف كوسران محادثاته مع السنيورة بـ«المهمة جداً»، وقال إنه «أعطاه إشارات عدة عن الطريقة التي نرى فيها استئناف الحوار بين أصدقائنا اللبنانيين ممكناً في باريس، بحيث يمكن أن يجتمع الأفرقاء الذين تمثلوا في الحوار الوطني وعدد من ممثلي المجتمع المدني. كما أعطيت الرئيس السنيورة مؤشرات عن رؤيتنا لمسار الحوار والأهمية التي نعلقها على هذا اللقاء. بالنسبة إلينا، هذا الاجتماع يهدف إلى إرساء جو من الثقة ومساعدة أصدقائنا اللبنانيين على الحوار والتباحث في مشاكل هذا البلد. هذا هو بالتحديد هدفنا».
وعن المواضيع المطروحة ضمن هذه المبادرة أوضح «أن هذا الأمر يعود للمشاركين في هذا الحوار. والوزير كوشنير هو الذي سيترأس هذا الحوار وسيكون له دور لتحديد مساراته والمواضيع المطروحة، لكن هذه المواضيع ستكون بالتأكيد ما يود المتحاورون مناقشتها، فهو لقاء للمسؤولين اللبنانيين مع منظمين فرنسيين ووزير فرنسي، لكنه أولاً لقاء بين اللبنانيين».
وعن علاقة المبادرة بمسألة تغيير الحكومة قال: «سبق أن قلت إن هذا ليس مؤتمراً دولياً ولا مؤتمراً لمعالجة المشاكل اللبنانية الكبرى، بل هو مؤتمر للمساعدة على إعادة إرساء الحوار والثقة بين اللبنانيين وإعادة التقريب في ما بينهم للحديث عن هذه المشاكل...».
وبعد لقائه الجميل وتسلم الأخير رسالة من الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي، تحدث كوسران للصحافيين، فأعرب عن ترحيب رئيس الجمهورية السابق بالمبادرة، كما ذكر أنه التقى ممثلاً عن «حزب الله» ولمس لديه موقفاً إيجابياً وميلاً إلى المشاركة.
وسئل عن سبب إرجاء اجتماعه مع السنيورة لمرتين متتاليتين فأجاب: «إنها مشاكل من التوقيت، ولا يجب التفتيش عن معان سياسية لذلك».
من جهته قال الجميل: «إن أي لبناني يرحب بأي مبادرة، وخصوصاً عندما تصدر عن دولة صديقة كفرنسا (...) ومن الضروري أن تؤازرنا كل الدول لإيجاد حلول للأزمة التي يتخبط بها لبنان، ولو لم يكن للبعد الخارجي الدور الكبير، لما كان مجلس الأمن اتخذ كل هذه القرارات لمعالجة الوضع اللبناني. فالأزمة اللبنانية لا تهدد فقط لبنان، لكن يخشى كل الأشقاء والأصدقاء أن تنتقل عدوى ما يحدث اليهم».
وعن رأيه في تطور الأمور في لبنان وما يحدث في نهر البارد، عزا الأمر إلى «الفلتان الموجود على الساحة اللبنانية وتقاعس الدولة والقيادات اللبنانية المسؤولة التي تعاطت منذ زمن مع موضوع المخيمات والمربعات الأمنية الخارجة عن سيطرة الدولة بخفة، وتبين مما حصل في نهر البارد أن الأمور أخطر بكثير مما كنا نعتقد. لقد حذرنا منذ البداية من الأمن الذاتي الموجود في بعض المناطق الذي يشجع مجموعات كبيرة من الخارجين على القانون على التحصن في المربعات التي أصبحت ملجأ لكل الخارجين على القانون، ليس فقط في لبنان، بل في الدول العربية. وهذا ما تبين في التوقيفات التي تحصل، فنسبة قليلة منهم من اللبنانيين، أما النسبة الباقية فمتعددة الجنسية».
وعن اعتبار البعض لخطابه يوم الأحد دعوة للعودة إلى الأمن الذاتي قال: «لم يواجه أحد الأمن الذاتي مثلما واجهته في حياتي السياسية، وأتمنى مناقشة الخطاب بدل إعلان ردات فعل عشوائية عليه». وتمنى «لو يتعاون اللبنانيون مع كل أشقائنا العرب بدءاً بسوريا لحماية بعضنا. ففي حال استمرار الفوضى في لبنان، لا بد أن تنتقل إلى سوريا وغيرها. نحن لا نتوقف عند التفاصيل، فلنتعاون مع السوريين، وإذا لم يكن باستطاعة السوريين ضبط الحدود فلنتعاون وإياهم مع المجتمع الدولي لتحصين الحدود، وإلا فسيفلت الأمر من يد سوريا ومن يدنا وتدول القضية وعندها لا ينفع الندم».
ورداً على سؤال أشار الى ان «كل الدول تدعم حكومة السنيورة، حتى الرئيس نبيه بري يقول بتوسيعها، الحكومة المبتورة ليست هي الحكومة التي يطمح إليها اللبنانيون، لكن ما نخشاه أن تذهب الحكومة ونقع في الفراغ قبل التفاهم على البديل،. كلنا نريد حكومة وحدة وطنية، وعندما تشكلت الحكومة عام 2005 كانت حكومة وحدة بامتياز، لم يشارك فيها «التيار الوطني الحر» لأسباب معروفة، فحبذا لو يعود ويدخل «التيار» وكلنا نشجع هذا الأمر، أما أن نقع في قضية الأحجام والأعداد فهذا أمر ثانوي نظراً لخطورة الوضع».
وفي بكركي أكد كوسران «أن البطريرك صفير يشجع المبادرة الفرنسية». وعما إذا كانت المبادرة الفرنسية تدخل ضمن مبادرة أشمل تضم مساعي سعودية وإيرانية، اوضح أنه «ليست هناك مبادرات مشتركة إذا أردنا تسميتها مبادرة، لأن الأهم هو جمع الأفرقاء اللبنانيين في لقاء حصري مع بعض الفرنسيين».
وعن أسباب طرح المبادرة الفرنسية اليوم، قال: «صحيح أن الأزمة اللبنانية ليست جديدة، لكن الحكومة الفرنسية تسعى من قبل أن تظهر دعمها للبنان في الظروف الصعبة التي يمر بها. وقد جاء الوزير كوشنير وأجرى محادثات مع مختلف القيادات وتوصل إلى اقتناع بأن المشكلة تكمن في غياب الحوار والثقة بين اللبنانيين».
إلى ذلك تلقّى السنيورة مساء أمس اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، عُرضت خلاله الأوضاع الراهنة المحيطة بلبنان والمنطقة. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن كوشنير أكّد للسنيورة «دعم الحكومة الفرنسية للبنان والحكومة اللبنانية في سياستها ومواقفها والإجراءات التي تتّخذها. كما تطرق البحث الى أهمية الدعوة الى الحوار التي أبلغها كوسران الى الأطراف اللبنانية».
(الأخبار، وطنية)