حاصبيا ـ عساف أبو رحال
أصرّت الطفلة الهندية سوكان كاور (9 سنوات) على حقها في التعليم ودخول المدرسة، شأنها في ذلك شأن أي طفل في أي مجتمع، وخصوصاً أنّها ابنة حاصبيا، البلدة التي ولدت فيها. ونزولاً عند رغبتها، اقتنع الأهل بضرورة التحاق ابنتهم بمقاعد الدراسة في متوسطة حاصبيا الوطنية (الخاصة).
بدأت القصة مع قدوم العامل الهندي سينغ كاور وزوجته كوار هاريندر إلى لبنان في تسعينيات القرن الماضي، بحثاً عن عمل يؤمّن لقمة العيش. وبين قرية ومدينة، وساحل وجبل حطّت العائلة الهندية رحالها في منطقة حاصبيا. يقول رب العائلة سينغ: «إنّ ابنتي البكر تقيم في الهند مع جدتها، وبسبب ضيق سبل العيش هناك، انتقلنا إلى لبنان وأعمل حالياً في الزراعة أو عاملاً يومياً متنقّلاً بين البساتين والحقول في حوض الحاصباني». ويوضح أنّ توافر فرص العمل أدى إلى استقرار العائلة التي رزقت بطفلة جديدة نشأت في بيئة لبنانية أكسبتها لغتها وعاداتها وتقاليدها. ويضيف إن ابنته سوكار لها علاقاتها مع أطفال الحي السكني الذي تقيم فيه. ومع بلوغها الثلاث سنوات، وجدت نفسها وحيدة في المنزل وفي ساحات الحي وأزقته، بعد خلوّه من الأصدقاء الذين يلتحقون بمدارسهم مع بدء كل عام دراسي. فكانت تقف صباحاً أمام المنزل لتودعهم وهم في طريقهم إلى المدرسة، وتستقبلهم بعد الظهر. وهنا بدأت سوكار تعيش نوعاً من العزلة، دفعتها إلى المطالبة بحقها في الالتحاق بالمدرسة أسوة برفاقها.
وتلفت معلمة الرياضيات ليلى القيس إلى أنّ التلميذة الهندية في الصف الثالث أساسي تتكلم ثلاث لغات الهندية والعربية والإنكليزية وبعضاً من الفرنسية، وتملك قدرة مميزة على الاستيعاب. تتقن سوكار اللغة العربية كتابة وقراءة، وهي متفوّقة بين زملائها بدليل حصولها على المرتبة الثالثة. ويشير مدير المدرسة ناجي فواز القيس إلى «أنّ العائلة تشارك الأهالي في المناسبات الاجتماعية والوطنية، ما ساعد الطفلة على الانخراط سريعاً في مجتمعنا بدليل العلاقات المميزة التي تقيمها مع باقي التلامذة». سوكان كاور أحبت لبنان وتنوي متابعة تعليمها والعمل في مجال الترجمة بعد عودتها الى الوطن الأم.